الخميس 28 نوفمبر 2024

«الباشا على الشاشة»

  • 21-6-2017 | 14:00

طباعة

تحقيق: وائل الجبالى

ما بين من يرى أن الدراما لا تتعدى كونها «مرآة» تنقل الواقع وترصده ولا تزيد عليه شيئا، ومن يؤكد أن هناك مخططًا ومؤامرة، ظلت العلاقة بين صُناع الدراما والأجهزة الأمنية على غير ما يرام، ففريق يؤكد أن كُتاب ومؤلفى الأعمال تلك يهدفون دائما لتشويه صورة ضباط الشرطة، فى حين يرى فريق آخر أن ما يتم عرضه لا يتعدى كونه جزءًا من الحقيقة التى تحدث فى الشارع.

 

فى مقابل الأزمات الممتدة تلك، جاء الموسم الدرامى الحالى لشهر رمضان كريم، ليشير إلى حدوث انفراجة وتقارب بين صُناع الدراما وسط شهادات عدة، سواء من متابعين للأعمال التى يتم عرضها، أو من قيادات سابقة كانت تعمل فى الجهاز الشرطى، وجميعها تؤكد أن «دراما ٢٠١٧» تحاول أن تقدم الصورة الحقيقية لضابط الشرطة، دون اللجوء إلى المبالغة والتهويل والتشويه أيضا.

«المصور» من جانبها تحدثت مع مجموعة ضباط الشرطة والخبراء الأمنيين فى محاولة منها لتوضيح حقيقة شخصية ضابط الشرطة فى الدراما، والإجابة عن تساؤلات عدة أهمها.. هل استطاعت الدراما رسم الصورة الحقيقة لضابط الشرطة أم لا تزال هناك تجاوزات؟!

من خلال متابعته لمجموعة من الأعمال الرمضانية يقول اللواء د. أحمد جاد منصور، مساعد وزير الداخلية، رئيس أكاديمية الشرطة الأسبق: الأعمال الدرامية التى تقدم شخصية ضابط الشرطة ورجال الأمن تغييرا ملموسا فى تناول القضايا الأمنية عن الفترة السابقة، وأصبحت هذه الأعمال تتسم بالواقعية إلى حد كبير فى المضمون، فهى تتناول مشكلات حقيقية تحدث على أرض الواقع، تنعكس من خلالها الصورة الإيجابية لرجال الشرطة وأسلوب تعاملهم مع القضايا المختلفة، وفى ذات الوقت تظهر -بموضوعية- بعض السلبيات والتجاوزات الموجودة لدى بعض الضباط، دون تضخيم أو تهويل.

التناول الصادق والواقعى هو الذى منح تلك الأعمال الدرامية مصداقية لدى المشاهد، خاصة أن الكثير من المشاهدين يتابعون هذه الأعمال التى يمكن القول أنها عبارة عن انعكاس جذرى لدى الكتاب والمؤلفين فى تقديم صورة ضابط الشرطة بشكل حقيقى ومغاير تماما لما كان يعرض من قبل.

فى ذات السياق قال اللواء حسين عماد، مساعد وزير الداخلية السابق، مدير الإدارة العامة للأموال العامة: هناك مجموعة من الأعمال الدرامية تناولت ضابط الشرطة بشكل غير واقعى، وقد تكون فى بعض الأحيان أعمال عدائية تحسب على الجهاز وتضر ولا تفيد، لكن أرى أن مسلسل «كلبش» عمل قريب جدا من ضابط الشرطة، وقدم شخصية الضابط الذى يحب الخير ويكره الظلم، إلا أن أسلوبه يكره الناس فيه لما يحمله من تعامل خاطئ، وهذا لا ينفى أن هناك بعض الضباط يفعلون ذلك وبالأخص مع نقص الخبرة والحنكة، وهو ما يؤدى به إلى أن يتورط فى بعض المشكلات، وإن كنت أرى أن بعض الأحداث تتجاوز المعقول فى عمل مفتش الداخلية، وأرى أنها تحتاج مراجعة لضبط طبيعة العمل المبنى على أساس قانونى.

اللواء حسين عماد، يعتقد مسلسل «كلبش» أول عمل يتناول واقع حياة وعمل ضباط الشرطة وعرض صورة الضابط بأحاسيسه دون النظر لأسلوبه الخاطئ فى تعاطيه مع طبيعة عمله وحتى إن كان عمل الخير، فى حين أن هناك بعض الأعمال تظهر ضباط الشرطة بشكل سيء، وهى صورة تضر الداخلية وتحسب عليها أكثر ما تفيدها.

من جهته أكد اللواء د. شوقى صلاح، أن الدراما لم تنصف ضابط الشرطة، بل رسمت له صورة سلبية وغير منطقية، موضحا أنها دائما تركز على الجانب السلبى لضابط الشرطة وهو ما يصنع الصورة السلبية لدى المواطنين وبعض الألفاظ التى تطلق فى بعض الأعمال الدرامية مثل أعنف ضابط بالداخلية التى تحمل فى طياتها صورة مسيئة وسلبية لضابط الشرطة وينعكس مردودها على المشاهد فى تكوين الصورة النمطية، وهو ما يسيء لضابط الشرطة كرجل أمن ويسيء لوزارة الداخلية التى ينتمى لها الضابط.

وواصل حديثه: غالبية الأعمال الدرامية تقدم ضباط الشرطة إما فى صورة الضابط العنيف، أو الذى يقوم بتلفيق القضايا، وهناك أعمال تعطى الضابط أكبر من حجمه وقدرته، وفى الغالب لم تركز الأعمال الدرامية على شخصية الضابط المحترم المعتدل الذى يطبق القانون أو الذى يضحى بنفسه من أجل إنقاذ فتاة أو فى مطاردة مجرم أو هارب أو تاجر مخدرات أو سلاح، لكنها دائما تركز على النماذج السلبية والجوانب السيئة لضباط الشرطة بما يعتبر تشويها للحقيقة وتزييفا للواقع.

من جانبه أوضح اللواء مجدى العيسوى، مساعد وزير الداخلية السابق ملاحظاته على الدراما التى تتناول ضابط الشرطة، حيث قال: دائما الأعمال الدرامية تميل إلى إهانة ضابط الشرطة بشكل متعمد، وتعمل على إظهاره بمظهر غير لائق ، والأمر هذا لا يتوقف عند الأعمال الدرامية فقط، لكن يتم فى الأفلام والمسرحيات، حيث يظهر رجل الشرطة إما نائم أو حرامى أو مرتش، ودائما يصل متأخرا وفى آخر لحظة لينقذ البطل وهى سياسة استعمارية قديمة منذ الخمسينات تم وضعها فى مصر وكان يجب إدانة هذا المظهر منذ البداية.

مساعد وزير الداخلية السابق، فى سياق حديثه يذهب إلى أبعد من كل ماسبق ويطالب بعرض الأعمال الدرامية التى تتعرض لضباط شرطة على وزارة الداخلية لإبداء الرأى فيها، وأن تخضع تلك النصوص أو الأعمال الدرامية للرقابة، وأن يتم حذف المشاهد التى تتعرض بالاستهزاء لرجل الشرطة أوالسخرية من مظهره العام وإن كانت تلك الأعمال تتعرض لوقائع فساد أو تعذيب أو استغلال نفوذ يتم كتابتها وعرضها بغرض أخذ العبرة وتوضيح نهاية الضابط الفاسد.

وفى حالة رفض وزارة الداخلية للعمل الدرامى فيحق لصاحبة التظلم، ورفع الأمر لقاضى الأمور المستعجلة لأخذ الرأى فإن رأى عرض العمل وأن ليس به إساءة فيتم عرضه أو يتم تعديله بحذف بعض المشاهد منه أو يتم عدم عرضه فى حالة وجود إساءة وتجاوز فى العمل الدرامى.

كما شدد اللواء «العيسوى» على أن حرية الإبداع مطلوبة، لكن دون تجاوز ودون إساءة وإن أساءت وتجاوزت فى حق ضابط الشرطة، فهى بالتالى خرجت عن نطاق حرية الإبداع مع التأكيد أن حرية الإبداع من المفروض أن تركز وتسلط الضوء على وقائع الفساد فقط.

فى ذات السياق قال اللواء صلاح شوقى عقيل وكيل جهاز أمن الدولة الأسبق، عضو مجلس النواب: الدراما لم تنصف ضابط الشرطة على مر تاريخها، بل ساهمت بقدر كبير فى انهيار الصورة الواقعية لضابط الشرطة التى فى مجملها حماية المواطن المصرى، حيث إنه من المفترض أن تساهم الأعمال الدرامية فى تقديم ضابط الشرطة بالشكل الذى يليق بما يقدمه من تضحيات للوطن فى حماية المواطن ومواجهة الإرهاب.

وحول موقفه من الأعمال الدارمية التى تعرض فى الوقت الحالى، قال: الدراما بدأت هذا العام فى إعادة الصورة الذهنية لمكانة ضباط الشرطة، حيث بدأت تعيد مكانتهم الحقيقية بشكل إيجابى، وهذا ما كشفت عنه الدراما فى مسلسلات هذا العام مثل كلبش للفنان أمير كرارة ومسلسل الحالة ج للفنان أحمد زاهر، ومسلسل ظل الرئيس لمحمود عبدالمغنى.

وفى نهاية حديثه طالب النائب البرلمانى، كُتاب الدراما والإعلاميين بالعمل على تصحيح صورة رجل الشرطة الحقيقية داخل المجتمع وخارجه، نظرا لأن أعمالهم تلك يتم عرضها فى الخارج، ومن الممكن أن تساهم فى تصدير صورة سلبية عن الأجهزة الأمنية فى مصر.

    الاكثر قراءة