الجمعة 17 مايو 2024

سيظل جيشنا مرابطاً ليحمينا من تأثيرها ٢٤ عدوًا يهددون أمن مصر

21-6-2017 | 14:41

بقلم: لواء د. نصر سالم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا فتح الله عليكم مصر، فاتخذوا منها جندًا كثيفًا، فإنهم خير أجناد الأرض»

- قيل ولم يارسول الله؟ قال لأنهم فى رباط إلى يوم الدين»

(صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم)

وكلمة فى رباط تعنى المرابطة فى المكان والدفاع عنه أو المرابطة على طول الزمان للدفاع عن قيمة تستحق الاستمرار فى الدفاع عنها -وأيًا كانت المرابطة مكانية أو زمانية، فإن المرابطين هم أهل مصر وأبناؤها.. وإذا كانت المرابطة للدفاع عن قيمة تستحق فقد فسرها لنا المغفور له بإذن الله فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى فى بيانه لدفاع مصر عن الإسلام ضد التتار والصليبيين وغيرهم -ولو أمد الله فى عمره فلربما أضاف إلى من صدتهم مصر عن الإسلام والمسلمين، جماعة الإخوان ومن على شاكلتهم من الإرهابيين على اختلاف أسمائهم من قاعدة وداعش وغيرهم، واستمرار التصدى لهذه الفئة التى أساءت للإسلام والمسلمين أيما إساءة وشقت صفوفهم واستعدت معظم شعوب العالم ضد الإسلام والمسلمين.

ولأن الإسلام هو فى قيمته الأخلاقية وذروتها العدل، لا يرضى الدول الاستعمارية التى تقوم على اغتصاب حقوق الغير والتوسع والاحتلال، والسيطرة على ثروات العالم وفرض الوصاية على الدول الضعيفة واستغلال ثرواتها والاستيلاء عليها.

لذلك لم يكن غريبًا أن يجتمع أهل الشر من أصحاب الأهداف الاستعمارية مع أهل الهوى من طالبى السلطة بأى ثمن حتى لو كان تدمير الأمة أو ضياع الأرض.

أما عن المرابطة المكانية لأهل مصر وجندها، فإنها نتاج «عبقرية الجغرافيا والتاريخ التى صنعت عبقرية المكان» كما حددها العالم المصرى الجغرافى «جمال حمدان» فى رائعته «شخصية مصر» الصادرة عن دار الهلال -والتى قال فيها «لقد استمدت مصر شخصيتها الحقة من شخصية أرضها ونيلها -أما الموقع فهو صفة نسبية تتحدد بالنسبة إلى توزيعات الأرض والناس والإنتاج حول إقليمنا وتضبطه العلائق المكانية التى تربطه بها -الموضع خاصية داخلية ملموسة أما الموقع فكرة هندسية غير منظورة» أى أن قيمة الموقع تعتبر نسبية تتحدد مقارنة بما حولها من دول.

وعلى هذا النحو نظر علماء الجغرافيا نظرياتهم الجيوبولوتيكية لقوة الدولة. والتى كان أبرزها نظرية كلاين (القوة الثنائية) حين قدمها فى كتابه (الدولة تكوين حى) الذى صدر فى عام ١٩١٩ على أساس الفروض التالية:

أن نمو القوى العالمية سينحصر أخيرًا بين قوتين رئيسيتين هما البر والبحر.

أن الصراع بين هاتين القوتين سوف ينتهى إلى انتصار قوة البر نهائيًا.

أن انتصار قوة البر سوف يؤدى إلى السيطرة على البحار فتجمع بذلك بين مزايا الجيواستراتيجية لقوتى البر والبحر معًا.

ولما كانت مصر تشكل أرضًا تتحكم فى بحرين من أكبر وأهم بحار العالم وهما البحر المتوسط والبحر الأحمر. فإن كل قوة برية تتواجد عليها سوف تتحكم فى هذين البحرين اللذين يربطان شرق العالم بغربه، طبقًا) لنظرية كلاين(

أما نظرية ) سبيكمان) فقد أعطت النطاق الذى سماه (بالريملاند) أى حافة الأرض أهمية أكبر من الهارتلاند أى قلب الأرض -أى أن الأرض الساحلية التى تتوسط قلب الأرض والبحار الخارجية تتمتع بمزايا استراتيجية أكبر.

وهذا ما تتمتع به أرض مصر أيضًا طبقًا لتلك النظرية.

خلاصة القول أن عبقرية المكان المصرى بقدر عظمها بقدر ما كانت مطمعًا للدول الاستعمارية الكبرى وهذا يفسر سر الاعتداءات المتتالية على مصر عبر العصور وصولًا إلى عصرنا الحالى. وفسر كذلك الإعجاز العلمى فيما أخبر به الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه. من أن أهل مصر فى رباط إلى يوم القيامة، يذودون عن أرضهم تارة وعن دينهم تارة أخرى، بل هو أمر إلهى لنا بالاستعداد الدائم لهذه المهمة.

كما أخبر الرسول عليه السلام بالاستعداد للحرب ضد الأعداء، بعد الهجرة مباشرة حين أنزلت عليه الآية الكريمة «أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير» فعلم الرسول- صلى الله عليه وسلم- أنهم مقبلون على حرب مع أعداء الإسلام فاستعد لها.

بمعنى أدق فإن حديث الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، هو تشريف للمصريين وتكليف لهم بالاستعداد للذود عن دينهم وأرضهم، بل إن وجود جيش قوى فى مصر هو فرض عين وليس فرض كفاية- والله أعلم-.

وتصديقًا لكل ما تقدم فإن نظرة متأملة (للعدائيات والتهديدات والتحديات) العالمية والإقليمية والمحلية التى تحيط بمصر وأمتنا العربية والتى تصل إلى نحو ٢٤ عداء وتحدياً قد تكون أقدر إقناعًا وأكثر توضيحًا.

أولًا، التهديدات العالمية:

١- اتجاه القوى الدولية لإعادة صياغة تحالفاتها ومنظماتها وآلياتها واستراتيجيات تحقيق مصالحها.

٢- استمرار الولايات المتحدة والقوى الأوربية هى الأكثر تأثيرًا فى القرار الدولى.

٣- تطور مفاهيم وأنماط التهديدات والتحديات الأمنية لتشمل عملية الفضاء الافتراضى والصواريخ أرض أرض إلى جانب الإرهاب وأسلحة التدمير الشامل.

٤- تطور مفاهيم القوة وأنماط استخدامها بعد إضافة القوة الاقتصادية إلى القوة العسكرية فى إطار مفهوم «القوة الصلبة»

٥- التوسع فى استخدام الجيل الرابع من الحروب والعمليات النفسية والقوات الخاصة وتغذية عمليات التمرد والمعارضة والاضطرابات الشعبية الداخلية.

٦- إعادة تشكيل النظم الإقليمية بما يتماشى مع مصالح القوى الكبرى اقتصاديًا وعسكريًا.

٧- استمرار منطقة الشرق الأوسط كمنطقة اهتمام فى استراتيجيات القوى الكبرى باعتبارها منطقة المصالح الاستراتيجية المؤثرة على الاقتصاد العالمى.

٨- تغذية عوامل تهديد الوحدة الوطنية والعربية من خلال تغذية النزاعات والاتجاهات الانفصالية وتقسيم دول المنطقة على أسس طائفية ومذهبية وعرقية بالتزامن مع توظيف ملفات الإصلاح السياسى والديمقراطى وحقوق الإنسان لتحقيق تلك الأهداف.

٩- السعى الروسى لتحقيق الأهداف التالية:

السيطرة على المنطقة فى إطار السيطرة على العالم (كهدف مرحلى).

ب -تدعيم المكانة الدولية لروسيا من خلال النفوذ والسيطرة على المراكز الحيوية فى المنطقة.

ج -الاقتراب من مناطق البترول بالشرق الأوسط لحرمان الغرب من الانفراد بها.

د- خلق توازن استراتيجى بينها وبين دول الغرب.

ثانيًا: التهديدات الإقليمية:

١- تسود المنطقة العربية حالة من عدم الاستقرار السياسى والأمنى وينتظر أن تمتد لفترات قادمة طويلة مع استمرار الصراعات المحدودة والمتوسطة على المدايات المختلفة.

٢- انتشار عدد من التنظيمات والميليشيات المسلحة التى يتم استخدامها لتحقيق أجندات خارجية) حماس- حزب الله- الميليشيات الليبية- الحوثيين وقبل كل هؤلاء جماعة الأخوان الإرهابية وما كانت ستفعله لو حكمت ، وماتفعله الآن من محاولات إرهابية لنشر الفوضى- إلخ.. ).

٣- تعدد الأزمات وتشابك عناصرها بما يصعب من تسوية أى منها دون التأثير على باقى الأزمات(سوريا- اليمن- إيران- تركيا).

٤- تطور العلاقات الاستراتيجية الإسرائيلية الأمريكية ودخول إسرائيل فى منظومة الدرع الصاروخية مع تعميق ارتباطها بالاتحاد الأوربى وحلف الناتو.

٥- زيادة العلاقات الإسرائيلية بكل من روسيا والصين والهند.

٦- تنامى العلاقات الإسرائيلية الإفريقية.

٧- زيادة سباق التسلح فى المنطقة نتيجة النزاعات القائمة بين دولها.

٨- استمرار الأزمة السورية دون حل.

٩- تردى الأوضاع الأمنية فى منطقة القرن الإفريقى.

١٠- استمرار الاتجاهات الرامية للتأثير على حقوق مصر المائية بما يحقق مصالح دول المنابع على حساب مصر مستقبلا (سد النهضة الإثيوبي).

١١- احتفاظ إسرائيل بتفوق عسكرى رادع يمكنها من تحقيق أهدافها السياسية ويمنع احتمال تهديدها عسكريا من قبل الدول العربية وذلك بتنفيذ الآتى:

أ- تطوير قدرتها العسكرية بما يحقق لها التفوق على الدول العربية مجتمعة.

الوصول بصناعتها العسكرية إلى القدرة على الاعتماد على النفس ضد أى متغيرات حيث بدأت فى إنتاج الدبابة مركافا، وفى البحر السعى لبناء الغواصات إضافة إلى بناء لنشات الصواريخ والصواريخ سطح سطح علاوة على إنتاج الصواريخ بعيدة المدى طراز أريحا، والتقدم المستمر فى إنتاج الأسلحة الإلكترونية المتقدمة.

جـ - الاستمرار فى تطوير قدرتها النووية.

د- عدم السماح للدول العربية بامتلاك أسلحة تدمير شامل.

هـ - السعى لتحجيم الأسلحة والمعدات لدى الجيوش العربية بالضغط لدى الولايات المتحدة والدول الغربية.

١٢- مازالت كل التقديرات تؤكد استمرار إسرائيل فى العمل على تحقيق حلم إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.

١٣- لم تعد إسرائيل وحدها هى التى تمثل التهديد لأمتنا العربية فهناك التهديد الإيرانى الذى اعتنق المذهب الشيعى والذى يدعو إلى ولاية الفرس باعتبارهم أشرف السلالات وخاصة سلالة الحسين بن على من زواجه من ابنة آخر ملوك الفرس وأنهم الأحق بقيادة الأمة الإسلامية.

١٤- التهديد الإثيوبى لمياه النيل والذى تغذيه إسرائيل ودويلة قطر والقوى الاستعمارية التى تهدف إلى إضعاف القدرات المصرية.

١٥- الانعكاسات المرتبطة باندلاع ما سمى بثورات الربيع العربى وما أحدثته من فوضى فى الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة لمصر والتى تمثلت فى الآتى:

أ- الاتجاه الاستراتيجى الشمالى الشرقى:

- استمرار إسرائيل فى طرح شروطها التعجيزية على الفلسطينيين (اعترافهم بيهودية دولة إسرائيل) ومواصلة عملية التوسع فى بناء المستوطنات، فى ظل الخلاف بين كل من منظمة التحرير وحماس.

- ضياع القدرات العراقية والسورية فى مواجهة الحروب الأهلية من جهة ومحاربة الإرهاب المتمثل فى تنظيم داعش والنصرة من جهة أخرى- الأمر الذى يعد خصما مستمرا من القدرات العربية.

-الأطماع التركية فى سوريا والعراق والتى تمثل اعتداءً صارخا على دولتين عربيتين.

ب-الاتجاه الاستراتيجى الغربى:

تراجع فرص التسوية فى ليبيا فى ظل الخلافات المستمرة بين الفرقاء الليبيين الأمر الذى جعل من ليبيا أرضا خصبة لنمو التنظيمات الإرهابية وخاصة تنظيم داعش الذى تغذيه وترعاه كل من قطر وتركيا ، أكبر الداعمين للإرهاب ضد مصر ليكون شوكة فى جنب مصر تهدد به أمنها فى إطار السعى لمعاونه تنظيم الإخوان المسلمين للعودة لحكم مصر.

جـ - الاتجاه الاستراتيجى الجنوبى:

لا شك أن عدم الاستقرار فى هذا الاتجاه يتطلب المزيد من الجهد من جانب قواتنا المسلحة لتأمين حدودنا ضد أى أعمال قد تكدر الأمن العام فى هذا الاتجاه.

وختاما فإن حال أمتنا العربية أشبه بمن يعبر قضبان السكة الحديد فتعثر فيها وسقط فوقها وبينما هو يحاول النهوض أمسكت قضبان التحويلة بقدمه.. بينما القطار مندفع فى اتجاهه بأقصى سرعة.

فالقضبان التى تعثر فيها وسقط هى إسرائيل، والقضبان التى تمسك بقدمه وتشل حركته هى حالنا العربى أما القطار المندفع فهو الأطماع العالمية للقوى الكبرى