الأحد 16 يونيو 2024

بين الخطورة والضرورة الإرهاب الأسود يلطخ شاشة رمضان 2017!

23-6-2017 | 14:29

تحقيق: هبة عادل

لطالما رصدنا وتحدثنا عما تنقله لنا الشاشة الصغيرة من مسلسلات تعج بكل مظاهر الفساد وموبيقات المجتمع.. من لفظ خادش للحياء هنا، ومشهد مثير هناك .. من امرأة عاهرة فى مسلسل ورجل أعمال فاسد فى آخر من ظهور الخمور والمخدرات والخيانة بكافة أشكالها وأنواعها إلى تفشى مناظر البلطجة والعنف والقتل وكل وسائل سفك الدماء بكل قسوة وبمنتهى البساطة.. وفى كل مرة كنا نناقش فيها صناع هذه الأعمال وناقليها إلى بيوتنا وحياتنا بل وربما إلى ضمائرنا أيضا.. كان القول الواحد الفاصل دائماً لديهم..! كل هذه الاشياء تحدث فى الواقع.. والفن مرآة المجتمع.

وفى كل مرة كنا نرد عليهم ويرد معنا علماء النفس والاجتماع بأن كل هذا النقل هو من الخطورة بمكان على كل الأجيال والاعمار.

.. أما هذا العام ومن خلال متابعتنا للاعمال الدرامية المقدمة على شاشة تليفزيون رمضان 2017.. فقد وجدنا أن السقف قد علا إلى منتهاه.. وأن طموح صناع الأعمال قد بلغ الذري فى الاستحواذ على عقلية وعين المشاهد مهما كان الثمن .. ففى الوقت الذى يعيش فيه مجتمعنا.. كارثة حقيقية لم يعد لاحد القدرة على إنكارها ولا الهروب من الاحساس بوجودها.. حيث الارهاب الاسود الذى نصحو بين الحين والآخر لنجد أسماء وصور ضحاياه تملأ الشاشات والصحف.. نجد أن مجموعة من المسلسلات قد أخذت من هذه الظاهرة مادة خام لصنع أحداثها وأبطالها.

الأمر الأخطر كما نراه من جانبنا.. هو أن بعض الأعمال المقدمة هذا العام ظهرت وكأنها تضع مبرراً لهؤلاء الإرهابيين، ومع كل احترامنا لنبل الهدف ورقى الرسالة التى نثق تماما فى ضمائر صناعها.. إلا أنها تظل كسلاح ذي حدين لاسيما وسط مجتمع تسوده الأمية بكل أشكالها التعليمية والثقافية والفكرية وربما الدينية أيضا وحتى يكون حديثنا على أرض الواقع نشير سريعا إلى أبرز الأعمال التى نقصدها فى تحقيقنا هذا.

ويأتى على رأسها مسلسل "غرابيب سود" وهو مسلسل إنتاجه عربى مشترك.. ويشارك فيه مجموعة من الممثلين من كافة الوطن العربى وفيه من مصر الفنان سيد رجب والنجمة الاستعراضية دينا والممثل الشاب رامز الأمير وهو يدور حول "داعش" وممارساتها الإرهابية وكيف تصنع الإرهابيين وتدربهم وتعدهم وتغسل عقولهم باسم الدين ومسلسل آخر بعنوان "وضع أمنى" يقوم ببطولته نجمنا الشاب عمرو سعد مع ريهام حجاج ورياض الخولى وآخرين تأليف مصطفى حمدى إخراج مجدى أحمد على، ويحكى عن الظروف التى يمر بها شاب خريج فنون تطبيقية من يأس وإحباط اجتماعى ومهنى وعاطفى ليصل به الأمر إلى اقتحام مستشفى خاص واحتجاز المرضى فيه والأطباء والتهديد بتفجير المستشفى بالقنابل ما لم تتحقق مطالبه.. فيما يأتى فى العمل نموذج آخر يقدمه الفنان الشاب أحمد عبدالله محمود وهو شقيق البطل.. الذى يتم استقطابه من جانب أحد شيوخ المنطقة التى يعيش فيها مستغلاً ظروفه السيئة ليزج به بين أفراد إحدى الجماعات والتى تقوم بدورها بتسفيره إلى سوريا وسط صفوف المجاهدين ومسلسل أخر بعنوان "أرض جو" بطولة غادة عبدالرازق وعباس أبو الحسن.. يدور حول "ياسين" الإرهابى شقيق البطلة غادة عبدالرازق التى تعمل مضيفة طيران.. بينما يستقل الطائرة معها فى احدى الرحلات ويحاول خطف الطائرة وتحويل مسارها إلى مطار اسطنبول مهددا الركاب وطاقم الطائرة بالموت فى حالة عدم الخضوع لرغبته وتتوالى الأحداث.

فيما نجد فى مسلسل "لأعلى سعر" للنجمة نيللى كريم أحد المشاهد الذى يتم فيه اقتحام عوامة والدها الفنان الكبير "نبيل الحلفاوى" حيث يعمل فيها كموسيقى عازف قانون.. فيتم الهجوم عليه من إرهابيين يكسرون له الآلات الموسيقية.

هذا بخلاف مسلسل "الجماعة" فى جزئه الثانى والذى يحكى فيه الكاتب الكبير وحيد حامد عن تاريخ جماعة الاخوان بعد مقتل مؤسسها الشيخ حسن البنا واستكمال مسيرة التنظيم علي يد المرشد حسن الهضيبى .. فيما لا يخلو العمل بالطبع من مشاهد اغتيالات وقتل بالرصاص على يد مسلحين وأحداث هجوم نارى هنا وتفجيرات هناك فى شوارع القاهرة القديمة.

ومجددا نعود للقول بأن هناك شعرة بين كون هذه الأعمال تدق ناقوس الخطر وتنبه المجتمع لخطورة هذه الظاهرة وبين إمكانية تحول هذا الناقوس إلى عبوة ناسفة من العيار الثقيل تنفجر فى وجه الجميع إذا ما حاولت بعض النفوس الضعيفة محاكاة هؤلاء الأبطال وهذه القصص متخذين من الدراما ذريعة لتبرير أفعالهم ومتنفساً يلقون فيه بأسباب اندفاعهم وراء هذه الاتجاهات التدميرية.

حول هذه الاطروحات وغيرها نتحدث مع مصادرنا فى هذا التحقيق الساخن

إحباط

فى البداية يقول المخرج الكبير مجدى أحمد على .. مخرج مسلسل "وضع أمنى":

مسلسل «وضع أمنى» لا يتحدث عن شخصية إرهابية وإنما هو مسلسل اجتماعى أحداثه اجتماعية فى المقام الأول تحدث حولنا كل يوم فى كل مكان وشخصية "حسن الغريب" التى يلعبها النجم عمرو سعد وكونه قام باحتجاز رهائن فى المستشفى ليست هى الخط الأساسى فى العمل.. ربما أخوه "ياسر" هو نموذج لتحول الشخص من إنسان عادى إلى شخص إرهابى.. لكن شخصية حسن.. هى نموذج لشاب يائس ومحبط من كل أنواع الفساد الموجودة فى مصر.. سواء الفساد الاجتماعى أو الإعلامى أو السياسى.. وتحت وطأة هذا الاحباط يخطو خطوة يائسة فيسطو على المستشفى ويحتجز كل من فيه.. ونحن هنا نلقى بنقطة نور على مثل هذه الحالات من شبابنا المحبط.. ولا نقصد أن تسليط الضوء هذا قد يخلق المزيد من الإرهابيين من ذوي النفوس الضعيفة الذين قد يتخذون من مثل هذا العمل ذريعة لافعالهم وإن كنا لا ننكر أيضا ولا يمكن أن ننكر أن اليأس هو أحد أهم الأسباب لوجود التطرف وأن العديد من الذين يفقدون الأمل في التغيير عبر الأشكال التقليدية يلجأون للأشكال غير التقليدية للتغيير..فمن الطبيعي عندما تغلق النوافذ يلجأ الإنسان لأى شيء وهذا لا يعني أننا نجد مبرراً للإرهاب والتطرف... لكن إذا فكرنا بهذا لأسلوب وخوفنا من تقديمه فلن نصنع أي فن. واتفق المخرج مجدي أحمد علي معنا في نقطة أن عملاً يمتد إلي ثلاثين يوماً داخل المنازل هو كثير لكن حسنا أننا من خلاله نقول أيضا، أن الأسلوب المتطرف في التغيير لا يمكن أن يكون هو الحل الامثل أو الطريق الوحيد للوصول لأي هدف أو علاج أي أزمة ولذلك نقول إن الديمقراطية الحقيقية هي الحل وإنها ضرورة وليست رفاهية وأنها الحل الوحيد للقضاء علي الإرهاب.

الوعي

ويقول السيناريست الكبير د. مدحت العدل لا أري في تقديم هذه الأعمال خطورة... بمعني أدق أنا لست مع أو ضد تقديمها في المطلق وإنما المهم هو كيفية تقديمها.

فمثلا الخط الذي قدمته في مسلسل «لأعلي سعر» هو خط جانبي وسط أحداث درامية وخطوط عديدة وقدمته في حقبة تحكي عما قبل ثورة يناير 2011 كما قدمت مسلسل «الداعية» وكيف تنشأ قصة حب بين داعية إسلامي وبين عازفة موسيقي في الأوبرا... وراعيت فيه الطرح العميق للقصة بكل خلفياتها فالفكرة في هذا الطرح وكيفية المعالجة لأي عمل يتطرق لهذه الظاهرة الخطيرة وتقديم تحليل لاسبابها وجذورها وتقديم حلول أيضا.

ويضيف العدل: مهما كان ما يقدم في المسلسلات من واقع فليس هناك أي مبرر لأي أحد أن يصبح إرهابيا مهما كانت ظروف الفقر والإحباط.

والفقر ليس هو الدافع الوحيد للإرهاب فأسامة بن لادن مثلا كان من أغني العائلات السعودية وهناك فقراء أصبحوا أطباء، فالدراما عليها أن تقدم الظروف المحيطة بدقة وعليها أيضا أن تدين هذه الظروف لا تدافع عنها وتقنعنا أنها ذريعة لوجود هؤلاء، فمشكلة هذه الأعمال تظهر عندما تقدم بدون وعي أو بحث أو إحاطة شاملة للصورة المقدمة فإذا قدمت من جانب صناع بذلوا مجهوداً حقيقياً «يبقي عداهم العيب».. لكن الكارثة والخطر الحقيقي سيكون في استسهال تقديم هذه الأعمال وتناولها بشكل سطحي.

لاسيما وأن شعوبنا العربية لا تقرأ والدراما بالنسبة لها شيء مهم جداً تأخذ منه المعلومة والفكر لذلك أقول لكل من يقدم هذه الأعمال «اعمل لكن يجب أن تكون هناك أمانة في النقل والطرح».

رءوس في التراب

من جانبه يري الناقد الكبير طارق الشناوي أننا لا يجب أن ندفن رءوسنا في التراب كالنعام فالإرهاب موجود والعنف موجود.. وفي العالم كله تقدم أعمال وأفلام تدور حول ظاهرة الإرهاب.. حتي عن داعش.. أنا شاهدت أفلاماً عالمية تدور حول داعش أقوي بكثير من مسلسل «غرابيب سود» الذي جاء رغم قتامة مشاهد العنف فيه بشكل مباشر جداً.

ومسلسل «وضع أمني» حاول فيه النجم عمرو سعد أن يلعب دور النجم الجماهيري القريب لإحساس ونبض الشارع المصري حتي وإن بدا في الظاهر أنه إرهابي ومحتجز مرضي في المستشفي بما قد يثير حفيظة المشاهد إلا أنه في نهاية مطاف الحلقات والمعني الأعم فيها هو يحاكي شريحة كبيرة من اليائسين.

وبشكل عام تقديم مثل هذه الأعمال والقوالب أنا لست ضده كمبدأ بل أنا ضد الاخفاء واعتبار إظهار الحقائق هو أمر مخيف لكن بشرط ألا تكون المعالجات مباشرة وضعيفة.

الحساسية

أيضا تري الناقدة الكبيرة ماجدة موريس أن تقديم مثل هذه الأعمال يحتاج لمزيد من الحساسية والوضوح لأنه إذا لم يقدم بشكل جيد ومفهوم وقادر علي توصيل الرسالة الصحيحة ستوجد مشكلة.

فتقديم الصور القاتمة بلا حدود وعرض الظاهرة من جانب واحد سييء لتقديم الرسالة ويؤدي إلي نتائج عكسية.

وهذه الأعمال يجب أن تقدم بشكل أكثر اقتراباً من الناس ولا تبتعد عن الحقيقة وراء وجود هذه الظاهرة في نفس الوقت من خلال توازن محسوب بدقة فمثلا في مسلسل «وضع أمني» بدأ بصدمة عنيفة عندما نجد شابا بمفرده يقتحم مستشفي ويحتجز كل من فيها هو هنا أراد خلق هذه الصدمة لجذب انتباه الجمهور من الحلقة الأولي ثم يحكي - بطريقة الفلاش باك - الأحداث التي أدت إلي ذلك وهي بداية صادمة ومعقدة جداً.. نفس الأمر في مسلسل «أرض جو» عندما يظهر مختطف الطائرة في الحلقة الأولى.

وإذا كانت الشخصيتان مختلفتين وبينهما درجات مختلفة في مستوي الإحباط والدوافع وحتي في شرعية الأسباب التي قادت كليهما للفعل الاجرامي.

فالسؤال ليس هل نجسد هذا أم لا عبر الشاشة الصغيرة؟ وإنما كيف نجسد هذا؟!.

وحيث لا توجد لائحة تقرر ما يقدم وما يمنع تقديمه فالمسألة كلها تظل محكومة بوجهة نظر مؤلف العمل واختياره للزاوية التي يقدمها والطريقة التي يعرض بها عمله، والمؤلف حر لكن عليه تحري الدقة في حسه الإنساني والاجتماعي وحساب ما يليق وما لا يليق.. ومن يقولون بأننا ننقل الواقع وما يجري فيه فلهم أقول: إن نقل القبح علي الشاشة كما هو ليس من الواقعية في شيء وإنما الذكاء والفن الحقيقي هو في بلاغة الصورة المقدمة فالفنان الحقيقي ليس من ينقل الواقع وإنما من يعالجه بشكل لا يؤذي العين ولا يضع المشاهد من جهة أخري في دائرة يأس لا يستطيع الخروج منها.

فلفل وشطة

ويقول الكاتب الكبير محمود صلاح رئيس التحرير الأسبق لمجلة أخبار الحوادث أنا ضد تقديم ونقل وقائع وأحداث الإرهاب علي شاشة الدراما فأخبار وحوادث الإرهاب مكانها نشرات الأخبار والصفحات الأولي وصفحات الحوادث المتخصصة لكن إذا كان العمل الدرامي يعالج مشكلة الإرهاب معالجة حقيقية وبواقعية فلا بأس فقد يلعب هذا التقديم دورا موازيا للدور الإيجابي المفترض أن تقدمه وسائل الإعلام المختلفة لكن ما أخشاه هو تقديم هذه المسلسلات بغرض الإثارة والجذب الجماهيري فقط بدعوي محاكاة الواقع فهذا لا يجوز «ومينفعش» في مجتمع مملوء للأسف بناس بريئة وساذجة عرض هذه الاعمال أمامها يعمق المشكلة بدلاً من أن يساهم في حلها.

ونحن الآن في العالم كله في حالة حرب مع الإرهاب ومن ثم أحذر من وجود بعض الأعمال الدرامية التي تقدم بدون خط واضح ويصل بي الاحساس لكونها قد تكون ممولة من تلك الجهات التي تمول الإرهاب نفسه فلا تعبء بما قد تخلفه مثل هذه الأعمال من أضرار علي المجتمع والأفراد.

لذلك لا يجب النظر بحسن نية لمثل هذه الأعمال لكن نفكر فيها ولا يجب تمريرها بسهولة لمشاهد حسن النية لا يعي الظروف العامة ولا العديد من الملابسات لكن أن تصل هذه الأعمال وعلي مدار 30 يوماً إلي بيوتنا وغرف نومنا فهذا كثير جدا علي اعصاب المواطن المحملة والمتعبة مما يراه في نشرات الأخبار لاسيما وأن هذه الأعمال تضع الفلفل والشطة علي الأحداث وذلك لا يؤدي إلا لأمراض وقرح في معدة المشاهد!!

الدبلوماسية الناعمة

من ناحية أخري يتحدث د. فتحي الشرقاوي استاذ علم النفس السياسي ونائب رئيس جامعة عين شمس قائلاً: في حوادث الإرهاب الأخيرة التي تعرضت لها البلاد اتجهت بعض البرامج الحوارية لاستضافة أهالي الإرهابيين المقبوض عليهم أو المشتبهة فيهم وقد اعترضت تماما علي هذا الأمر وأراه مهزلة إعلامية وإنسانية فما بالنا إذا جسدنا الأحداث والاشخاص في أعمال درامية، والمسلسل من ناحيته يقدم ساعيا لإقناع المشاهد بفكرة معينة فإذا قدم الوجه القبيح علي مدار 29 حلقة ليأتي في حلقة النهاية مشيرا إلي الضرر أو العقاب الذي سيناله البطل المنحرف فهذا ليس من الواقع في شيء بل إنه الضرر بعينه علي المجتمع بأسره ويساهم بشدة في إشاعة الفكر المتطرف وكأن لسان حال المسلسل «كيف تصنع إرهابيا أو متطرفا».

لذلك أنادي بضرورة وجود مستشارين تعرض عليهم هذه النصوص الدرامية قبل أن تخرج للنور.. وللمتحزلقين والمتفلسفين الذين يقولون إننا ننقل الواقع لهم أقول ألم تجدوا واقعا أفضل لتنقلوه؟ فأين نحن من قصص هؤلاء الشهداء الذين يفقدون حياتهم من أجل حمايتنا نحن.. لدينا العديد من النماذج الجميلة فأين هم ولماذا لا نسلط عليهم بقعة ضوء في أعمال الدراما؟ وأين المجلس القومي للإعلام من كل هذا؟!

فالدراما هي الدبلوماسية الناعمة والعالم كله يعرفنا ويعرف لهجتنا وطبائعنا من خلال أفلامنا ومسلسلاتنا فلماذا نستغلها علي هذا النحو من السوء ولم نعد نصدر إلا العري والمخدرات والإرهاب والاسفاف؟ وكأن الدراما موجهة للإتيان علي البقية الباقية من المجتمع المصري .. ففي الوقت الذي نواجه فيه اضمحلالاً في الخطاب الديني بل وإضمحلال في أخلاق الشارع المصري بشكل عام وفي وقت نحن فيه أحوج ما نكون للتكاتف تأتي هذه الأعمال لتشوه المجتمع المصري بكل أسف.

تبلد

وأخيراً تقول د. ماجدة فهمي استاذ الطب النفسي بجامعة قناة السويس: إن عرض البرامج والحوارات ونشرات الأخبار والأعمال الدرامية لظاهرة الإرهاب هو سلاح ذو حدين فبقدر ما يسهم في التعريف والتنوير فقد يؤدي إلي نتائج عكسية إذا لم يقدم باعتدال وهذه المواد من ناحية أخري إذا زاد تقديمها علي الشاشة تؤدي إلي التبلد وانعدام الاحساس فالتعود علي شكل الدم والعنف يفقد المشاهد تعاطفه ومن ثم حصار المشاهد بكل هذه الجرعات من جميع الاتجاهات حتي الدراما، لاسيما هذا النوع من الدراما السوداء ستنزل بالمشاهد لتحت بدلاً من أن ترفعه لفوق وتزيد من حجم السلبيات بدلاً من استنفار الإيجابيات لديه.

فماذا تقصد الدراما حين تقدم هذه النماذج السيئة والمنحرفة والمتطرفة في قوالب قد يتعاطف معها البعض ومع الظروف التي دفعتها لذلك... فهذه الأعمال يجب علي صناعها إن أرادوا تقديمها أن يقدموا معالجة محسوبة بميزان الذهب.. معالجة توعي الناس وتكرههم في هذه الأفعال وبدون أن توتر أعصاب المشاهد لأن التشاؤم أيضا ليس مطلوبا فلا يقدم لا فائدة ولا متعة وإذا قدموا أعمالا تتعرض لكيف نصنع إرهابياً فيجب أيضا أن تقول لي كيف أحاربه وأحارب هذه الصناعة فلتحاكِ الواقع كما شئت ولكن اعطني طاقة أمل في تغيير هذا الواقع الأسود.