إلى أي مدى كان إيمان يهود مصر بالحركة الصهيونية، وكيف ساعدوا في استتباب هذه الحركة، وكم من المثقفين المصريين ساعدوا في ذلك، سواء بوعي أو بدونه؟ كل هذه التساؤلات تجيب عليها  الكاتبة والمفكرة عواطف عبد الرحمن من خلال مؤلفها «اليهود المصريون والحركة الصهيونية»، الصادر حديثًا عن دار الهلال في القاهرة، ضمن سلسلة كتاب الهلال.

تتناول المؤلفة كيفية اختراق الفكر الصهيوني لمصر، بداية من مناخ التسامح السياسي والاجتماعي الذي كان يتمتع به يهود مصر، بما أنهم من نسيج الشعب المصري، ثم بث هذا الفكر من خلال الدوريات الثقافية المُحكمة ــ مجلة «الكاتب المصري» بوجه خاص ــ كذلك مساندة القيادات السياسية والفكرية في مصر، وصولاً إلى ما قامت به الحركة الصهيونية لتوظيف وتجنيد يهود مصر لخدمة سياسة التوسع في فلسطين والعالم العربي.

وتشير الكاتبة: كانت البداية في زيارة ثيودور هرتزل لمصر عام 1903، التي أسفرت عن تأسيس جمعية «بني صهيون» التي نجحت في استقطاب عدد كبير من يهود الإسكندرية، كذلك قامت الجمعية بتسهيل عمليات الهجرة إلى فلسطين مع لجنة مساندة فلسطين، التي أسهم في تشكيلها كبار الرأسماليين اليهود في الإسكندرية، بعد صدور وعد بلفور عام 1917، كذلك تم جمع التبرعات من اليهود المصريين لشراء أراضي فلسطين.

يزخر الكتاب بالعديد من المعلومات التوثيقية، خاصة الصحف ــ مع المبالغة أحياناً في تحليل هذه الأخبار، فهناك وجهة نظر مُسبقة قبل عملية الاستقراء والوصول إلى نتائج ــ ليوضح مراحل تغلغل هذا الفكر ونتاجه في مصر، بداية من ثورة 1919، وحركة يوليو 1952، ثم هزيمة يونيو 1967، وحرب أكتوبر 1973، وطبيعة العلاقات المصرية الإسرائيلية في عهد الرئيس الاسبق حسني مبارك.