الأربعاء 22 مايو 2024

كل سنه وأنت طيب

مقالات3-1-2022 | 16:21

لم تعد "كل سنة وانت طيب" تعنى شيئاً محدداً كما كانت، فبذكرها تتوه باحثاً عما يقصده من يقولها، فقد تعنى التهنئة وإذا دخلت باب التهانى ستجد الكثير من الأيام مابين الأعياد الدينية والوطنية والاجتماعية والأيام التى تتكرر وتم اعتبارها أعياد، وقد تشير إلى طلب المال وفى هذا الطريق ستتوه مابين منادى وموظف وشحات وإنسان لا تعرف من هو بالتحديد ولماذا يقولها، وقد تعنى معانى أخرى أقلها أن تنسى ما تتحدث عنه أو كأنها بديل لنهاية الكلمات.

 

فهذه العبارة اختزلت الكثير، رغم أنها منذ زمن ليس بالقليل فى عمر البشر لم تكن تعنى سوى التهنئة بصورة محددة بعيد ميلاد الشخص فحسب، فقد كانت اسماً على مسمى، كل سنة وانت طيب أى أمنية أن تكون طيباً فى كل عام وانت تحتفل بيوم ميلادك فى ذات اليوم من كل عام.

ولكن الحالة المصرية كالعاده فى منطقة أخرى من العالم لن تكتفى باستخدام الجملة بصورة محددة وقاطعة فى مناسبة وحيدة وكأنها اليتيم الذى انقطعت صلته بمن حوله فذلك اهدار للموارد الحياتية والتى منها الكلام.

فالثقافة المصرية لابد وأن تضيف "التاتش" اللمسة لتبتكر استخدامات غير معتاده ومبتكره لكل عادى، فهى ذات العقلية التى أوجدت للكمامة الطبية التى كانت خارج جمهورية مصر الانسانية محددة الاستخدام، استخدامات لم تكن فى الحسبان فوجىء بها العالم لتستحق دخول موسوعة جينز العالمية!

وذلك ما حدث مع "كل سنة وانت طيب" فتحولت إلى حالة متفردة، لا يمكن تخيل كم ما تعبر عنه، واحتفظت فى ذات الوقت بدورها كراعٍ رسمى لأعياد الميلاد الشخصية أثناء ذلك الامتداد وذكرها فى ذات الوقت لأى حدث والذى بالتأكيد سيتكرر كل عام.

وشملت "كل سنة وانت طيب" العيدين الإسلاميين الفطر والأضحى، وكذلك شم النسيم، وبعد ذلك الأعياد الوطنية وبالتأكيد التهنئة ببداية عام هجرى جديد أو ميلادى، ثم أصبحت تحمل بعض الاشارات والتجليات التى لاعلاقة لها بمرور العام.

لا أدرى بالتحديد ما الذى جعلها اشارة وعلامة ودليل للشخص الذى تقال له وكأنها مقولة أخرى يدركها على الفور من تقال له "انتبه عليك أن تدفع بعض المال" بحسب المكان والزمان والظروف، ففى الأماكن الحكومية يمكن أن تستمع إليها وانت تنهى بعض الاوراق ويمكنك تحديد قيمتها بحسب الرسوم الرسمية والزحام والتوقيت، وتختلف قيمتها كذلك فى الاماكن غير الحكومية.

 أما الشارع المصرى فهو الأكثر احتياجاً لاستخدامها، فكل من حولك سيكررونها فى اطار هدف وحيد وهو الحصول على بعض الاموال، سيكررها المنادى الذى يظهر لك بصورة مفاجئة سواء وجدت "الركنة" بمجهودك الخاص أو أشار لك لمكان لم تنتبه إليه وسيظهر لك بصورة مفاجئة مذكراً بوجوده حتى لو لم يكن له أى دور.

وسيكررها على آذانك الكثيرون مع اقتراب شهر رمضان والاعياد وفى كل الأوقات؛ كإشارة كاشفة عليك أن تنتبه إليها لتدفع، والأموال التى ستدفعها علامة الفرحة والاحتفاء المشترك.

لم تكتفِ الجملة بتلك المساحات الاحتفالية والمادية، فقد أصبحت علامة أن تنسى أو تتناسى ما تتحدث عنه وكأنها علامة النهاية.

المفارقة مع كل ذلك التاريخ لتلك العبارة الشهيرة حالة التكرار كل عام للجدال والنقاش والخناق حول توجيهها للمصرى المسيحى فى احتفالاته الدينية ويتناسى الجميع أنها تشاركنا يومياً مفردات الحياة، ولا يمكننا أن نعيش بدونها فهى تنقذ الجميع من يقولها ومن يحتاج لقولها ومن يقدم المال ولا يجد ما يقوله، ومن لم يجد أى كلمات.

لقد صارت شيئاً مكملاً للكلام واحتفظت فى ذلك الوقت ببريق الفرحة فى قولها بحسب الوقت، فلايمكن أن لاتشعر بالفرحة الغامرة معها فى رمضان واول أيام الأعياد ولايمكن أن تتغاضى عن بهجتها وحولك كل هذه الأشجار المضيئة والألوان الزاهية ومساحات من الأمل والتفاؤل بالقادم عله يكون أفضل.

عزيزى وعزيزتى على سبيل الاحتياط كل سنة وأنت طيب.