الجمعة 17 مايو 2024

غزارة الأمطار.. وعجز المعلمين

مقالات3-1-2022 | 21:25

الحقيقة إن مصر تشهد منذ أكثر من عامين أمطارًا غير مسبوقة.. خاصة فى الإسكندرية والتى تسببت فى الكثير من الأزمات والمعاناة.. لكن السؤال لماذا لا تتحول هذه الأزمة إلى نعمة ونعيد استخدام مياه الأمطار ونستفيد منها فى ظل توجيهات القيادة السياسية للاستفادة من كل قطرة مياه.. الحقيقة ان الحكومة وضعت يدها على هذه القضية.

 ولعل اجتماع الدكتور مصطفى مدبولى مع وزيرى التنمية المحلية والإسكان وطرح الأمر على الخبراء وأساتذة الجامعات مؤشر على اهتمام الدولة بهذه الثروة العظيمة التى يجب ان نستفيد منها.. أيضا أحسنت الحكومة عندما قررت القضاء على عجز المدرسين خلال 5 سنوات وفق رؤية.. لكن هناك اقتراحات قد تكون مهمة على المدى القريب.. نطرحها فى هذه السطور.

 

الأفكار الخلاقة والإرادة الصلبة.. تحقق الأهداف.. وتحول الأزمة إلى نعمة

 

الرئيس عبدالفتاح السيسى، شديد الاهتمام بالاستفادة من كل قطرة مياه.. ولعل ما تحقق فى مصر خلال الـ 7 سنوات الماضية فى هذا المجال يثبت بما لا يدع مجالا للشك ان هذا الاهتمام غير مسبوق على الإطلاق سواء فى التوسع فى إنشاء محطات المعالجة الثلاثية لمياه الصرف الزراعى وإعادة تدويرها والاستفادة منها طبقا لأعلى المعايير الدولية والمواصفات القياسية لمنظمة الصحة العالمية.. وتحظى مصر فى هذا الصدد بنجاحات كبيرة تعد الأضخم فى العالم مثل محطة بحر البقر التى دخلت موسوعة الأرقام القياسية والتى تنتج مياها يوميا تقدر بـ 5.6 مليون متر مكعب لرى وزراعة نصف مليون فدان.. وهناك أيضا فى الطريق محطة الحمام التى تنتج يوميا 6.5 مليون متر مكعب لرى وزراعة مساحات شاسعة فى مشروع الدلتا الجديدة والذى يستهدف زراعة 2.2 مليون فدان.

كما أن مصر توسعت فى إنشاء محطات تحلية مياه البحر واتجهت إلى الحفاظ على مواردها المائية بمشروعات مثل تبطين الترع وتطبيق نظم الرى الحديثة والاستفادة من المياه فى الزراعات المثمرة وفق رؤية شاملة تستهدف الحفاظ على كل قطرة مياه من شأنها إضافة رقعة زراعية جديدة توفر احتياجات المصريين وتحقق الاكتفاء الذاتى.

لكن ما أريد ان اتحدث عنه هو ظاهرة غزارة الأمطار فى فصل الشتاء على مصر وبالأخص بعض المحافظات وفى القلب منها الإسكندرية التى شهدت موجات غزيرة من الأمطار وصلت أحيانا إلى حد الثلوج.. ولأن الأمطار فى الوقت الحالى تشكل أزمة ولا أريد القول نقمة ونريد تحويل الأزمة إلى نعمة بحيث نستفيد من هذه الأمطار فى الزراعة أو الاستخدامات الأخرى التى تحقق أهدافا وفوائد من خلال رؤية شاملة وعميقة يحددها الخبراء والفنيون والمهندسون سواء فى الإسكندرية فى ظل التعامل مع البنية التحتية القديمة أو فيما نقيمه من مدن جديدة لابد أن نتعامل معها وكأننا دولة ممطرة ونتحسب لها مع الإنشاء حتى نستفيد من هذه المياه الهائلة من الأمطار التى بدأت مصر تشهدها خلال الأعوام الأخيرة.

الحقيقة ان الدولة منتبهة لهذا الأمر.. والدليل هو اجتماع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء حضره وزراء التنمية المحلية والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية ونائبه وأيضا رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى ونائبه ومحافظ الإسكندرية ورئيس شركة الصرف الصحى بالإسكندرية عبر تقنية الفيديوكونفرانس.

هذا الاجتماع حرك المياه الراكدة وجسد اهتمام الدولة العميق بالاستفادة من كل قطرة مياه ووضع حد للأزمات والمشاهد الكارثية لغزارة الأمطار وتحويل الشوارع إلى برك وبحيرات وتحويلها إلى نعمة وموارد مائية إضافية يمكن الاستفادة منها فى الكثير من المجالات أبرزها خدمة التوسع الزراعى الذى تستهدفه مصر.

فى اعتقادى ان الاجتماع خرجت منه بفهم ان هناك حلولا عاجلة تتعلق بالإسكندرية من خلال فصل شبكة صرف الأمطار والصرف الصحى وأيضا ضرورة الاستفادة من هذه الأمطار وتحويلها على المصارف لإعادة استخدامها والاستفادة منها من خلال منظومة متكاملة لإدارة مياه الأمطار بمحافظة الإسكندرية.

لكن أرى ـ وهذا هو تفكير ورؤية الحكومة ـ وضع هدف إستراتيجى هو كيفية إعادة استخدام والاستفادة من مياه الأمطار فى كل ربوع البلاد فقد كانت هذه الأمطار تشكل خطرا داهما وأحداثا مأساوية من خلال السيول المدمرة أو البناء العشوائى على مخرات السيول.. لكن الحكومة واجهت هذه الأحداث برؤية من خلال الاستعدادات المبكرة.. ومنع وإزالة البناء العشوائى على مخرات السيول.. لكن السؤال الذى أضعه بين يدى خبراء المياه والهندسة وأيضا القائمون على إدارة المياه والمحافظات والمدن.. كيف نستفيد من مياه الأمطار الغزيرة وهى فى كل الأحوال نعمة كبيرة وكيف تكون مصدرا للخير والنماء.. بدلا من أن تكون مصدرا للمعاناة والأزمات والخسائر.

الحقيقة أننى زرت بعض الدول شديدة الأمطار.. وبمجرد أن يتوقف المطر لا تشهد أى أزمة.. ولا تجد نقطة مياه فى الشارع.. الحقيقة ان البنية التحتية المصرية القديمة خلال العقود الماضية لم تأخذ هذه الاعتبارات فى الحسبان ربما لأن مصر لم تكن تشهد مثل هذه الغزارة فى الأمطار أو ربما لافتقاد فضيلة استشراف المستقبل.. وما يقال ان كورنيش إسكندرية عند تطويره فى بداية الألفية الثالثة لم يلتزم بإجراءات تصريف والاستفادة من الأمطار أرى ان عين الدولة ورؤيتها تتجه إلى حل المشكلة التى تسببها غزارة الأمطار إلى الاستفادة منها من خلال دراسات ورؤية الخبراء خاصة وأنها كميات غير مسبوقة نحن أولى بها ولابد من وضع إستراتيجية فى كل ربوع البلاد للاستفادة من مياه الأمطار.

وفى اعتقادى ان المدن الجديدة تعمل وفق هذه الإستراتيجية والرؤية ولديها نظم لصرف مياه الأمطار والاستفادة منها وألا تحدث أى نوع من الأزمات فقطرة المياه تساوى حياة.. وبدلا من أن تكون الأمطار كما يحدث الآن مصدرا للشقاء لتتحول إلى أن تكون مصدرا للخير للنماء.

عجز المعلمين

أعلنت الحكومة ان لديها خطة لحل العجز فى المعلمين خلال خمس سنوات وهذا أمر جيد لكن ربما تكون بعض الاقتراحات والاجتهادات مفيدة للتخفيف على الأقل من وطأة الأزمة الحالية لحين الحل الجذرى والنهائى والاستفادة منها.. والاقتراح كالتالى:

أولًا: مد سن المعاش للمعلم إلى 65 عاما للاستفادة من خبراته وقدراته وكفاءته المهنية والتعليمية أو المد لأكثر من ذلك بحيث يتحول إلى مدرس متفرغ بعد سن الـ 60 ولا يمارس أى نوع من الإدارة أو القيادة أو المسئولية.. ويتفرغ فقط للتدريس أى يعود مرة أخرى للفصل والتلاميذ طبقا لتخصصه ويكون له جدول يلتزم به ويحتفظ براتبه الشهرى وحوافزه فقط.. وفى هذا الاقتراح استفادة للعملية التعليمية والمعلم أيضا.

ثانيًا: الاستفادة من أوائل كليات التربية والآداب فى مختلف التخصصات والعلوم سواء القدامى أوحديثى التخرج.. بحيث نختار من كل كلية بأى جامعة مصرية الـ 100 خريج الأوائل ونبرم معهم عقودا مجزية تفتح لهم أبواب العمل والرزق واكتساب الخبرات وربما نستفيد منهم فيما بعد فى الرؤية التى تسعى من خلالها الحكومة إلى حل جذرى خلال الخمس سنوات وأقصد الـ 100 مدرس من الخريجين الأوائل فى كل قسم من أقسام كليات التربية التى تحتاجها وزارة التربية والتعليم وكذلك أقسام وتخصصات كليات الآداب والعلوم ودار العلوم واللغات.

ثالثًا: هل يمكن الاستفادة من التكنولوجيات الحديثة من خلال القدرة على أن يقوم مدرس المادة الواحدة بالشرح لأكثر من فصل أو مجموعة من الفصول عبر الشاشات بحيث يكون موجودا فى أحد الفصول وتستفيد منه باقى الفصول.. ويمكن للتلاميذ من كافة الفصول إجراء مداخلات مع المدرس أو وجود تفاعل بين المدرسين والتلاميذ عبر هذه التقنية التى تطبق فى المدرسة ويمكن إطالة زمن الحصة لأنها توفر الوقت لباقى الفصول.

«كيروش».. والشماعة سابقة التجهيز

لا يهمنى قول المدير الفنى للمنتخب المصرى كارلوس كيروش وهو ذاهب بفريقه إلى كأس الأمم الإفريقية ليقول لنا إن المهم هو الوصول لكأس العالم، وليس هدفنا الحصول على كأس الأمم.. وقبلها قال إنه ليس هدفنا الحصول على كأس العرب.. المهم كأس الأمم الإفريقية.

فى اعتقادى أن تصريحات السيد كيروش كارثية ومحبطة تفتقد للطموح وتقضى على الروح القتالية فى لاعبينا.. حتى وإن كان يرغب فى إزالة التوتر فى لاعبينا واللعب بهدوء.. فتجهيز «الشماعات» لتعليق الفشل أمر مرفوض.. إن مصر عندما تشارك فى بطولة خاصة البطولات الإفريقية وعلى رأسها كأس الأمم فهى تذهب للفوز وليس لمجرد المشاركة المشرفة، ولو بحجة التجهيز للمباراة الحاسمة فى الوصول إلى كأس العالم.

كيروش أفقد المنتخب المصرى الروح القتالية التى كان يؤدى بها فى بطولات 2006 و2008 و2010 وفازت بها مصر على التوالى.

لا يجب أن ينظر السيد كيروش إلى تدريب منتخبنا إلى أنه «سبوبة» يريد إطالة أمدها ولا يرضى المصريون بالفشل المتوالى فى بطولتى العرب وأمم إفريقيا والرهان الوحيد على الوصول إلى تصفيات كأس العالم.. فطموحات الجماهير هى الفوز بكل البطولات.. فنحن أسياد الكرة فى افريقيا سواء على مستوى المنتخب أو الأندية والأكثر فوزا ببطولات القارة السمراء.

 

حرامية المياه

 

 

 

قرأت تصريحًا للدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء بأن معدلات وأرقام وصلات المياه الخلسة 140 ألف وصلة فى عام 2020 انخفضت فى 2021 إلى 139 ألفا.. والسؤال هل يحدث فى أى مكان فى العالم سرقة المياه والكهرباء والتعدى على أراضى الدولة.. والبناء على الأراضى الزراعية.. كيف تحملت الدولة المصرية كل مخالفات مواطنيها.. وإهدار مواردها وثرواتها نحتاج أمرين مهمين الأول هو بناء وعى حقيقى للقضاء على هذه الظواهر السلبية لدى بعض الفئات فمال وموارد وأملاك الدولة ليست مستباحة.. وهى ثروة الوطن وتعود على الشعب بالنفع.. الثانى هو تغليظ العقوبة والغرامة وحساب متوسط ومعدل «الوصلة الخلسة الواحدة» على أن يتحملها المواطن المخالف وذلك لإحداث نوع من الردع المجتمعى الذى يحفظ حق الدولة.. ويرسخ حق الشعب ولابد أن تنتهى مثل هذه الآفات من حياتنا وأن يلتزم الجميع بنظرية ومبدأ «حقى وحقك».

 

تحيا مصر