الجمعة 26 ابريل 2024

أين الشرعية؟!

مقالات4-1-2022 | 11:14

تعيش جماعة الإخوان حالة من التخبط  السياسي منذ فترة، ووصل ذروة  عدم الاتزان فيها في الآونة الأخيرة ؛ من خلال حرب التصريحات والبيانات  المتضادة بين أعضاء الجماعة و صراع بين جبهتيها، جبهة لندن تحت راية (إبراهيم منير) وجبهة إسطنبول تحت لواء (محمود حسين)، ووصلت العشوائية قمتها؛ بتعيين متحدث رسمي وقائم بالأعمال لكل جبهة على حدة، وهو ما يعني التفتت التنظيمي حيث تسعى كل جبهة لإيجاد توصيف مؤسسي لها تستطيع به أن يكون لها بُعد قيادي وحركي كبير عبر تاريخ الجماعة .

 ولعل ما يؤكد هذا الكلام هو لجوء الإخوان أخيراً لطرح ما يسمى بجبهة علماء الإخوان؛ وهي جهة لا تاريخ لها بل وتفتقد التواصل بأعضاء الجماعة، كما يحسب عليها عدم حياديتها لكونها تابعة للندن حيث يقبع إبراهيم منير؛ جاء ظهورها كحلٍ عاجل لرأب الصدع بين إخوان لندن وإسطنبول في ظل استعدادات كل فريق بأسلحته لينال من الفريق الآخر والإطاحة به؛ قائلا ( أنا الذى أملك شرعية الجماعة التاريخية)، ولأول مرة أصبحت الجماعة لا تذكر الشرعية مقرونة بمرسي؛ بقدر ما تبحث عن شرعية طرح انتخاب مجلس شورى جديد في مؤتمر ( الثوابت والأصول) من قبل جبهة محمود حسين؛ و تشير الظواهر إلى قرب اتخاذ الجماعة لقرار  تنحية إبراهيم منير كقائم بالأعمال في آخر المؤتمر وتعيين مصطفي طلبة أحد قيادات مجلس شورى تركيا في منصبه، وتعميم القرار على الداخل والخارج .

و نتوقع كمتابعين للمشهد أن عملية  عزل إبراهيم منير عن منصبة كنائب للمرشد وكقائم بالأعمال ومحاولة الانقلاب عليه كطوق نجاة لأعضاء الجماعة؛ هي عملية حتماً الفشل حليفها في حسم  تلك المعركة، بل وتلك الخطوة لن تساهم في تفسير بنود اللائحة بشأن اختيار أعضاء مجلس الشورى أو التصرف في حالة غيابهم أو كيفية التصرف في مسألة الدعم والاكتتاب الداخلي.

لا زالت قوة الجبهتين قائمة، ولم تُضعِف إحداهما الأخرى، وخاصة عن طريق التحكم في بعض المناطق الجغرافية وبعض العناصر التنظيمية العاملة، وكذلك مقدرات الجماعة الموزعة بين الجبهتين والتي ما زالت تعمل وبنشاط؛ وهو ما يجعل من المستحيل أن تدمر جبهة الأخرى في الوقت الحالي أو تنفرد بالقرارات داخل مفاصل الجماعة.

 ما يحدث يؤكد أن هناك تفكك في الجسد الإخواني وهناك انفصالا تامًا بين مجموعات السجون المحكوم عليهم من رواد جماعة الإخوان وبين الهاربين في الخارج بتركيا بشكل خاص، وكذلك هناك صعوبة في التواصل مع الخلايا النائمة في الداخل أو ما يسمى المكتب العام في مصر نظرا للظروف الأمنية.

لذا أصبح وجود محمود حسين صعباً لدى كافة القواعد الداخلية للجماعة ومن الممكن التخلص منه بطرق مختلفة، نظراً لأنه المتسبب في حالة الانقسام الأخيرة، وفي نفس الوقت  من المتوقع أن يكون القائم بالأعمال في المرحلة القادمة من رجال الحرس القديم أو مجموعة القطبيين، لذلك وقع اختيار محمود حسين على (مصطفى طلبة فهمي) لأنه من القيادات القطبية القديمة التي كانت مقربة من مجموعة ٦٥، ويعد الرجل الغامض البديل لهندسة العلاقات الدولية في حالة إذا تم التضييق على محمود حسين أو تنحى إبراهيم منير عن القيام بمهامه التنظيمية نتيجة أي ضغوط ممكنة، وهو ما يضمنه نفوذ محمود حسين المادي والذي مازال قائماً، فخلفه  العديد من أعضاء الجماعة طمعًا في مغنم أو تكريم بعد التقاعد السياسي -وكلمة السر في ذلك طلعت فهمى بارون المدارس الدولية الخاصة-، وهذه نقطة ضعف إبراهيم منير فلا يملك من نفوذ مادي حاضر كما يملك محمود حسين، خاصة في دولة تركيا حيث يتقاتل الجميع من أجل المال.

يستخدم كل فريق في جماعة الإخوان أدواته ويطرح استراتيجيته لكى يكتسب شرعيته، في الوقت الذى تجرى فيه الجماعة  إعادة بناء  لعلاقتها الخارجية مع الولايات المتحدة وبريطانيا لتفادى الحظر في المرحلة القادمة.

ونتساءل أين سيكون القرار القادم؟ ومن المسيطر؟، وأين شرعية وجود أي جبهة منهما، فالجماعة يديرها الآن أكثر من قطب، وأكثر من مكتب والكل يبحث عن شرعية لقراراته وأرضية ليتعايش معها وسط تهديد حقيقي لهم، وبتعاقب  الأيام نفهم أن الجماعة المتخصصة في زعزعة أنظمة وسياسات الدول على مر التاريخ والتي كان شعارها الشرعية؛ أصبحت اليوم مزلزلة ومهلهلة داخلياً باحثة عن شرعية تواجدها؛ وكلٍ من فعله.

Dr.Randa
Dr.Radwa