هل أنا سراب يسعى لسراب؟!، أم أنا حقيقة يحيط بها السراب!!، ربما نذهب إليه لنرتاح.. لنرى نورا.. حياة.. عشقا.. دفئا.. فأنا محب يدفعه مشتاق للسقوط في هوة السراب.. لكنني باحث عن الدفء والحب والحنان.. عن توأم روحي.. حتى ولو كان نورا كاذبا عدت بعده من حيث أتيت أنزع عن روحي لباس الوهم والسراب.. وأرتدي لباس الحب والنور عندها ستصل الروح لتوأمها حتى وإن ذهبت بعيدا وبعيدا.. والتقيت بوجوه لا تشبهني فتركتها لكنني مؤمن أنه مادمت محبا سيأتي شريك روحي ليكون روحي.. وقلبي سيهديني إليه.
حينما تبحث عن روحك التي بداخلك في غيرك فإنك تبحث عن الحب ولكنك لن تصل إليه إلا إذا كنت مفعما بالحب من أجل الحب صاحب رسالة.. فتبحث عن قسمك الثاني توأم روحك وتصبح وكأنك تعيش مع ظلك الذي قد يدفعك البحث عنه لسراب.. وفي سبيله قد تذهب بعيدا بعيدا باحثا عما يعم قلبك بالحنان والدفء في مسميات عديدة ترتاح لها النفس منها توأم الروح أو شريك الحياة أو النصف الآخر .. تبحث عنه في كل مكان شعوراً بالاكتمال لا بالاحتياج متحررا من الحا جة المادية رغبة في الذوبان وكأن الحياة لواحد صحيح لا يقبل القسمة على اثنين.. ولا يعرف لأحد طعما للحياة بدون الآخر ولسان حالك متى ألقاك يا توأم روحي؟!.. وتذوب عيني في عينيك.. وقلبي في قلبك.. بحثت عنك في كل مكان فيمن حولي وكل ما حولي.. لتلملم شتاتي وإذا ما قدر لي لقاؤك سيكون موعد حياتي وربما رحيلي لأنك أول وآخر أمنياتي.. أتعبني البحث وأشقاني.. فمن أجلك تعلمت الصفح والخير علّ يقبل الله مني الحسنات فيهبك لي في طريقي.. أنت موجود داخل ذاتي وكل ذاتي أنت أنت.. هل تعلم أني أراك في كل وقت جميل فبدونك لا يكون أي شئ جميل.. شقيت وتعبت.. لكن رحلة البحث عنك مفروضة علىّ.. فهي قدري الذي رضيته.. عساني أن ألقاك في طريقي.. من أنت يا توأم الروح ؟! هل أنت بشر في ثوب روح؟! أم أنت روح في ثوب بشر؟! أعلم أنه لا يهم لأرواحنا أن تلتقي دون مكان أو زمان.. أشقاني الحرمان لكن رحلة البحث عنك علمتني الصبر فقد يكون لقاءً قلما يجود به الزمان.. يقولون روحي تنجذب لك وقت كنت مهيأ لاستقبالها.. فمن أجلك تطهرت وازددت تقربا من لباس الملائكة كي أليق بحبيب الروح .
ولا يغيب الخطأ عن حياة السائر فقد يتعثر أحدنا في غير أشباه لروحه.. لأننا لا نعلم أرواحنا وذواتنا جيدا.. فقد نعلم عن غيرنا ما هو أكثر من علمنا عن أنفسنا.. فنخطو ونخطئ ونسقط وقد نتعلم أو لا نتعلم .. فكثير من علاقتنا الموجودة في الأصدقاء أو حتي الأزواج تبدأ بالانجذاب وتنتهي بالخصام أو الفراق فهي علاقات في الغالب تتم علي أسس من المنفعة أو تبادل المصالح المادية أما اختيارات الروح فهي لا تتعرض للانهيار.. فالروح لا تخطئ.. فتقول لنفسك إلتقيت بأرواح لا تشبهني فتركتها.. لأن قلبك لم يطمئن إليها.. فهو نفسك التي ترتاح للحب المطلق الذي لا يتطلب تغييرا أو تعديلا أو تنازلات فتنعم بالتناغم والصفاء والارتقاء لعنان السماء وإلا تحولت حياتك لسراب أو رحلة إلى اللاشيء.
قليل منا من يبحث عن راحة روحه ومحاولة الوصول لوليفه.. لأنه لا يشعر بالسعادة بعيدا عنها.. أو يركن البعض للاستسهال أو الشكوى من فشله أو إرجاع الخلافات التي يعاني منها لغيره أو حتي يخوض علاقات بعيده عن عزة النفس وحريتها فقد يبالغ في العطاء أو إسعاد الآخرين علي حسابه فتكون النتيجة علاقات مشوهة بعيدة عن الحب المتبادل الذي ترتاح له أرواحنا في علاقات الشراكة.
وقد نرفض صدمة الاستيقاظ من الوهم أو السراب.. ونتساءل هل نشعر بنشوة أو سعادة في الوهم؟! أقول لك هو وهم كل مشتاق لأمر عجزت يداه عن الوصول إليه.. هو وهم مستحيل التحقق.. هو الأمر الخادع الذي لا يراه سوى صاحبه.. هو عمقه الداخلي الذي خلق له خيالات فصاحبته فأصبح لا يرى غيرها الذي يتعارض دائما مع نداء قلبه ليكون النداء الكاذب الذي أتعب نفوسنا وأشقاها.
وفي رحلة بحثنا عن شريك الحياة أو الزوج دائما تحركنا أمور عدة تتعلق بالفطرة التي فطرنا الله عليها وهي الرغبة الجنسية التي قد تحتل الأولوية في كثير من العلاقات وتتوه معها راحة الأرواح ليستفيق الطرفان علي رحلة من الخلافات قد تستمر أو تنهي العلاقة علي حسب مقدرة كل طرف على التواصل لإكمالها التي تصوروا خطأ أنها أبدية.. وقد يود أحد الطرفين الاستمرار بدواعٍ عديدة رغم عدم التوافق الروحي الذي غاب في مناقصات توريد الأزواج التي عقدت بعيدا عن السكن والمودة والرحمة فالله تعالى حينما تحدث عن الزواج، قال "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة".. ووصفها بالرباط المقدس رمزا للطهر الشديد وارتقاء بالعلاقة الحميمة وعلو منزلتها.
لكننا نخوض التجارب وبعدها نستفيق ونعاود البحث مرة أخرى عن أشباه أرواحنا.. على الرغم أنه من الممكن أن يكون هو نفس الشخص الذي ارتبطنا به لكن أعمينا أنفسنا عنه بخلافات مادية ورغبات من التملك والسيطرة ومحاولات التغيير البائسة من الطرفين أو أحدهما.. وكأن توأم الروح لابد وأن يتطابق أو حتي يكون توأما ملتصقا بالآخر.. مخطئون في عدم اعترافنا بحق الاختلاف وتقبله احتراما للخصوصية.
فالمحب الحق لا يرى عيوب حبيبه بل يرحب بأخطائه وحتى بجنونه.. يرى فيه الكمال وليس عمليات الترقيع التي يعمل كل طرف على إحداثها في الآخر.. حقيقة لا تتغير فلسفة الرجال منذ مولدهم وحتي شيخوختهم عكس المرأة فهي محبة للحياة وهو ما جعلها وعاء لتعلم الحب والتغيير والتطوير بذكاء فطري من أجل العيش بسعادة.
ولذلك إذا ماتقبل الطرفان هذه الحقيقة فإن العلاقة تتطور للأفضل حتى تصل للسكينة والمودة والرحمة ويتخذ كل طرف من الآخر صاحبا وصاحبة فالصداقة أعلى درجات الاحترام والتقدير ودائما تدفع العلاقات للتقدم بكل قوة دون تجمل أو تستر على تشوهات معيبة أو حتى الخجل من إظهارها.. فحينما يتقبل كل منا الآخر كما هو تتحقق مشاعر الحب.. حتي وان لم نصل لتوأم الروح فقد نصل للحبيب أو شريك للحياة التي تستحق أن نحياها بشغف وحب وسعادة.
هي رحلة الحياة بين الرجل والمرأة التي نجيد فيها البحث والأسئلة والاستقصاء عن أمور عديدة لا نوجه فيها لأنفسنا سؤالا عما يريحها بل نخجل من مصارحة أنفسنا بحاجتها للحب والاحتضان وكأنه قصور أو عيب وننسي حكمة خلق الله للسيدة حواء من نفس سيدنا آدم لتؤنس وحدته.. وننشغل في صغائر وخلافات لا محل لها في حياة قصيرة.. فحينما خلق الله الإنسان علم بحاجاته وعلم أن كلا النصفين في حاجة للآخر لتحقيق المعادلة الصعبة.. صحيح هي صعبة ولكن تحقيقها وارد جدا ويسبب الراحة والسعادة للإنسان في حياته التي تموج بالمشكلات والصعوبات.. ففي صلاح الروح يكون الجسم في أوج إشراقه فلا يحيا الجسد بدون روح قوية مشبعة بالحب والأمان الذي تجده في مشاعر الألفة والود.. أما الروح فإنها علي الرغم من أنها تمنح الحياة للجسد فإنها تحيا بدونه بدليل استمرار الروح بعد وفاته في الحياة الآخرة.
وليس صحيحا أن هناك إنسانا سويا لا يبحث عن شريك حياته.. فالكل بحاجة للدفء والحب والحنان والاحتضان.. وأن يسمعه ويشعر به من يحبه حتى في حالات سكونه وصمته.. وأن يمنحه الأمان والطمأنينة بوجوده بجواره أنيسا وونيسا له.
البعض يقول إن البحث عن توأم الروح كذبة أو خدعة.. لكنني أرى أنك حينما تخلص في حبك وتصبح على استعداد لتقديم الحب بروح عالية متجردة ستجذب روحك شبيهها وتوأمها فنحن ننجذب للآخرين بدوافع احتياجاتنا فقد نصيب وقد نخطئ.. فقد ننجذب لنفوس مخادعة مماثلة لنا.. ولا تتعجب فما أصابكم فمن عند أنفسكم.. لنعيش ونصحح ونقوّم من أنفسنا في تجاربنا في الحياة لتكون أنفسنا مطمئنة.
فأني لقلبك أن يحتضن أو يحتضن في رحلة الحب في الحياة.. وأن يحيا به ومن أجله.. فتوأم الروح نداء القلب في صوته وهمسه وصمته أو حتى في دموعه.. هو الشغف الذي يرقص له القلب.. بل هو نبض القلب الذي يستودعه القلب.. هو النفس التي تحييها الروح هو أنت وأنت هو.. هو الحقيقة والصدق وليس السراب والوهم.