الثلاثاء 11 يونيو 2024

حكاية أشهر أراجوز في مصر

27-6-2017 | 12:34

تصوير: مصطفى سمك

 

عروسة صغيرة بطرطور أحمر وجلباب أسود كبير، تطل برأسها المرسوم عليه ابتسامة عريضة من وراء خشبة المسرح الذى يرتفع عن الأرض نحو متر، يحركها أصابع لاعب يتحكم بها، يتحدث بصوت ناعم وأسلوب ساخر، يحمل رسالة إلى جمهوره من الأطفال هدفها غرس القيم والأخلاق فى نفوسهم، إنها "الأراجوز"  الذى يعد أحد مظاهر الاحتفال بالأعياد والمناسبات السعيدة والسبب فى إدخال البهجة والفرحة على أطفالنا..
"حواء" التقت رمضان الشرقاوى، الأراجوز الأشهر فى مصر للتعرف على تاريخ هذا الفن، وكيف يسهم الأراجوز فى إسعاد الأطفال فى العيد ..
لمحة تاريخية
"الأراجوز" أو "القراقوز" كلمة من أصل تركي هى "قرة قوز" والتي تتكون من مقطعين "قرة" بمعنى سوداء و" قوز" عين ، وبذلك يصبح المعنى العام لكلمة " قرة قوز " هو  صاحب العين السوداء " وذلك في إشارة إلى النظرة السلبية أو الانتقاد الساخر للمجتمع، وهو عبارة عن دمية على شكل قفاز، رأسها مصنوع من خامة خفيفة كالخشب ليسهل تحريكها دون أن تشكل عبئا على محركها، مرسوم عليها وجه مبتسم، على رأسها طرطور أحمر، وترتدي عند الصدر جلبابا أحمر طويلا ويتم التحكم فيها عن طريق اليد حيث يستطيع اللاعب أن يحرك رأس الدمية بأصابع السبابة فى الوقت الذى تختفى فيه اليد داخل الجلباب.
يتحرك الأراجوز في مساحة صغيرة على شكل بيت أو كوخ يطل من شرفته، أما واجهة المسرح فترتفع عن الأرض نحو متر وتحتوى على باب يحجب ما بداخله بواسطة ستارة سوداء، ويتميز المسرح بخفة وزنه حتى يسهل نقله بين الأحياء الشعبية والمدارس وقصور الثقافة حسب الموالد والأعياد لإقامة الحفلات.
يتراص الأطفال أمام الأراجوز في صفوف متباعدة حتى يتمكن الجميع من المشاهدة والاستمتاع، ويتكلم الأراجوز "اللاعب" بصوت منغم، رفيع، رنان، بفعل قطعتين صغيرتين من النحاس يلفهما شريط من القماش السميك وتسمى هذه القطعة "الأمانة" لأنها سر المهنة كلها.
البداية الفنية
وعن بدايته مع "اللعبة" كما يحب أهلها أن يطلقوا عليها يقول رمضان الشرقاوى: بدأت كممثل مسرحي منذ المرحلة الابتدائية فقد نشأت على حب الفن، حيث كان والدي موظفا بكلية التربية جامعة عين شمس في أواخر السبعينيات ومطلعا على النشاط الفني لطلاب الجامعة، وكنت أحضر معه حفلات غنائية لكبار الفنانين منهم العظماء عبد الحليم حافظ، محمود شكوكو، لبلبة، وتعلق قلبي بالفنان الكبير محمود شكوكو بسبب أدائه المتميز، أحببت التمثيل المسرحي وشاركت في مهرجانات للمسرح الجامعي والعمالي، وحصلت على أحسن ممثل دور ثان، لكن لم يفارقنى حبي لفناني المفضل محمود شكوكو لألتحق بالعمل بعدها في الثقافة الجماهيرية مع الفنان سلامة حسن "والد الفنانة منال سلامة وشريف سلامة" الذي رشحني للعمل في فرقة الأراجوز المصري والعرائس وتذكرت فناني المفضل محمود شكوكو وأحببت أن أحفظ تراثه الفني.
سر الأمانة:
بدأت أتعلم "الأمانة" وهى كلمة السر لصوت الأراجوز، والتى تحتاج إلى مواصفات خاصة فيمن يؤدي هذه اللعبة، وقد ساعدني على تعلم سرها خبير الفرقة حمدي القليوبي، ذات مرة طلبت منه أن أؤدي فقرة في ميدان عابدين حتى أتخلص من خجلى في مواجهة جمهوري من الصغار، بعدها تمكنت من اللعب بالأراجوز في شوارع وميادين مصر.
كونا بعد ذلك فرقة من الهواة واشتركنا في مهرجانات عربية ودولية حيث قدمت عروضا في المغرب سبع مرات، والجزائر، والكويت وتونس، وفي مصر أقدم عروضا يومية في شارع المعز لدين الله الفاطمي، وعلى "فكرة" الأراجوز لا يوجد في الدول العربية، فقط في مصر وتركيا.
مشاهير:
وتابع: أشهر أراجوزات مصر عم صابر المصري وهو حي يرزق وتعدى الثمانين لكنه لم يعد يلعب بالأراجوز، وقد شرفت باللعب معه، وفرقة ومضة، وصابر شيكو الذى توفاه الله، وناصر عبد التواب.
دروس الأراجوز:
ويؤكد رمضان أن الأراجوز المصري يتميز بأنه "يربي" الأطفال ويعلمهم قيم كثيرة إيجابية، وعروضنا كلها هادفة حيث نعطي الطفل مجموعة من الإيجابيات، وأنا كممثل يمكننى أن أرتجل حكايات مفيدة توصل الرسالة للأطفال، وأجيد لغة الإشارة التي يفهمها الطفل ويسعد بها، كما أنه يوجد إلى جواري "ملاغاتي" الذي يقوم بدور السائل الذى يتجاوب مع الأطفال، وفي فيلم مثل الزوجة الثانية كان واضحا طريقة لعب الأراجوز والذي جعل منه المخرج وكاتب القصة ملهما للبطلة في وضع الحل الدرامي، كما نساعد الأمهات في تربية أبنائهن.
مستقبل الفن:
بأسى يكشف رمضان الشرقاوى أن أولاده وأحفاده غير مهتمين بتعلم أسرار هذا الفن وأن الشخصيات السينمائية والجرافيكية تجذبهم أكثر، لهذا يخشى على فنه الذى عشقه منذ صغره من الإندثار في ظل الهجمة الإلكترونية الشرسة التي تجرف الفنون الشعبية.