السبت 4 مايو 2024

نهاية سعيدة لمأساة رضيع أفغاني ضاع وسط فوضى الهروب

الطفل سهيل أحمدي

الهلال لايت 10-1-2022 | 14:20

إيمان علي

قبل أسابيع، انتشرت في جميع أنحاء العالم قصة الطفل الأفغاني الذي انفصل عن أسرته حينما سلّمه والده لجندي عبر سياج مطار حامد كرزاي، وسط الفوضى التي سادت عملية الإجلاء الأمريكية من أفغانستان، إلا أن هذه القصة المأساوية كان مقدرَا لها أن تجد نهاية سعيدة، حيث التأم شمل الرضيع الضائع بأقاربه في كابول يوم السبت الماضي، عقب العثور عليه بعد فقدانه، بعد معاناة طويلة مع الفراق.

وكان عمر الطفل “سهيل أحمدي” شهرين فقط عندما تم فصله عن عائلته في 19 أغسطس، عندما اندفع آنذاك الآلاف من الأشخاص نحو المطار، في محاولة لمغادرة أفغانستان، وتصدر الرضيع اهتمام الجميع بعدما نشرت عنه “رويترز” تقريراً حصرياً في شهر نوفمبر أرفقته بصور الصغير المفقود، وبالفعل تم تحديد مكانه في “كابول”، وكان قد عثر عليه سائق “تاكسي” سيارة أجرة، يدعى حامد صافي، والبالغ من العمر 29 عاماً، في المطار وأخذه إلى بيته لتربيته.

وبعد مرور7 أسابيع من المفاوضات والمناشداتن وافق صافي على إعادة الطفل إلى جده وأقاربه الذين لا يزالون في كابول، وسط فرحة عارمة من عائلته برجوعه.

وقالت أسرة الطفل: “سنعمل الآن من أجل أن يجتمع شمله بوالديه وأشقائه الذين تم إجلاؤهم قبل أشهر إلى الولايات المتحدة الأمريكية”.

بسبب الفوضى والبلبلة التي صاحبت عملية الإجلاء من أفغانستان أثناء الصيف كان ميرزا علي أحمدي، والد الرضيع آنذاك، والذي عمل حارساً أمنياً في السفارة الأمريكية وزوجته ثريا كانا يخشيان أن يتعرض ابنهم لمكروه وسط الزحام الشديد أثناء اقترابهم من بوابات المطار، وهم في طريقهم لاستقلال إحدى الطائرات المتجهة إلى الولايات المتحدة.

وقال والد الطفل لـ”رويترز” في أوائل شهر نوفمبر العام الماضي: إنه “سلم سهيل بدافع الشعور باليأس في ذلك اليوم عبر سياج المطار إلى جندي أمريكي” وكان أحمدي يعتقد أنه سيتمكن من اجتياز الأمتار الخمسة المتبقية  لوصوله إلى البوابة ثم يقوم باستعادة ابنه من الجندي.

وفي تلك اللحظة تدافع المتجمهرون إلى الوراء لتمر نصف ساعة أخرى قبل أن يتمكن أحمدي وزوجته وأطفالهما الأربعة الآخرون من الدخول. ولكنهم للأسف لم يتمكنوا من العثور على رضيعهما، بعدما اختفى من أمام أنظارهم دون أي أثر.

وأضاف أحمدي إنه بحث باستماته عن ابنه داخل المطار، حيث رجح له المسؤولون بأن رضيعه ربما يكون قد نُقل بالفعل إلى خارج البلاد على رحلة أخرى منفصلة، ومن الممكن أن يلحق بالعائلة فيما بعد، ليتم بعدها إجلاء بقية عائلة أحمدي، وانتهى بهم المطاف في قاعدة عسكرية بولاية تكساس، لتمر الأيام والشهور دون أن تعرف الأسرة شيئاً عن مصير ابنها.

وفي ذات اليوم الذي انفصلت فيه عائلة أحمدي عن رضيعها، تسلل السائق صافي عبر بوابات مطار كابول، بعد أن قام بتوصيل عائلة أخيه التي كان من المقرر إجلاؤها أيضاً.

وقال صافي: إنه “وجد سهيل يبكي وحيداً على الأرض. وبعد أن فشلت في محاولة العثور على والدي الطفل داخل المطار قررت العودة به إلى البيت لأرعاه برفقة زوجتي وأطفالي”. وكان للسائق الشاب ثلاث بنات، وقال السائق: “إن أعظم أمنيات والدته قبل وفاتها أن يكون له ولد”.

وقامت العائلة بإطلاق اسم “محمد عابد” على الطفل، كما نشرت صورة له مع صور أطفالها على صفحة على “فيسبوك”.

وكانت هذه الصورة السبب الرئيسي لرجوع الطفل لعائلته الحقيقية، فبعد نشر تقرير “رويترز” عن الطفل المفقود تعرف بعض جيران صافي، الذين لاحظوا عودته من المطار قبل أشهر ومعه رضيع، على الصور ونشروا تعليقات عن مكان وجوده على نسخة مترجمة من التقرير.

ليطالب والد الطفل الحقيقي أحمدي من أقاربه المقيمين في أفغانستان ومنهم والد زوجته المدعو محمد قاسم رضوي، صاحب الـ 67 عاماً، والذي يعيش في إقليم بدخشان في الشمال الشرقي، بالبحث عن صافي والمطالبة بإعادته لأسرته.

 

وقال جد الطفل رضوي: إنه “سافر على مدى يومين وليلتين إلى العاصمة حاملاً هدايا من بينها خروف مذبوح وعدة كيلوجرامات من الجوز وبعض الملابس لصافي وأسرته”.

ولكن صافي رفض مطلقاً فكرة التخلي عن سهيل، وأصر أنه يريد أيضاً إجلاءه عن أفغانستان هو وأسرته. في حين صرح شقيق صافي الذي تم إجلاؤه سابقاً إلى كاليفورنيا، بأن صافي وعائلته لم يتقدموا بطلبات لجوء لدخول الولايات المتحدة.

وطلبت عائلة الطفل سهيل مساعدة الصليب الأحمر الذي تشتمل أهدافه على لم شمل من فرقتهم الأزمات الدولية، ولكنها ردت على أسرة الطفل بأنها لم تتلق معلومات تذكر منه. حيث أكد المتحدث باسم الصليب الأحمر على أن المنظمة لا تعلق على حالات فردية.

وفي النهاية وبعد الشعور بأن كل الخيارات نفدت اتصل رضوي بالشرطة المحلية للإبلاغ عن خطف الطفل. وقال صافي إنه نفى الاتهامات في أقواله للشرطة وإنه يرعى الطفل ولم يخطفه.

وحققت الشرطة في البلاغ وقال قائد الشرطة المحلية إنه “ساعد في ترتيب تسوية تضمنت اتفاقاً وقعه الطرفان ببصمات الأصابع”.

وقال رضوي إن عائلة الطفل وافقت في النهاية على تعويض صافي بنحو 100 ألف أفغاني (950 دولاراً) عن المصروفات التي أنفقها لرعاية الطفل على مدار الخمسة أشهر الماضية.

Dr.Randa
Dr.Radwa