جلس في مواجهتي، وجه محبب إلى قلبي.. يشبه أخى في صغره، نفذت نظرته إلى قلبي بل اخترقته ملؤها شغف كبير .. كأنه يعرفني من سنين .. بتلهف شديد ملأ كياني.
بانت لي كل حركاته وانفعالاته، فقد كان جسده يهتز كله، محاولا القيام من كرسيه العالي، حتى كاد أن يقفز منه ليأت إلى ويرتمي في حضني ويغترف من محبتي العميقة له، من الوهلة الأولي التي رأيته فيها.. خطف كل اهتمامي وإعجابي ولهفتي على تقبيله .
حاول وحاول بكل ما أوتي من حركات عفوية.. لكن لم يستجب له أحد.. بدأ الصوت يخرج من فمه الصغير البرئ، همهمات غير مفهومة.. لكنها بعد دقائق تحولت إلى صراخ شديد .
حاول والده الذي يحتجزه في كرسيه أن يلهيه عني وعن رؤيتي بكل الحيل، حتى أنه ترك له هاتفه ليلهو به، لكنه لم يفلح، أدار بوجهه بعيدًا عن مرمى رؤيته لي، لكنه أيضا لم يفلح وحاول وحاول بكل الطرق لكنه لم يفلح في قطع جسر المحبة الالهي الأني بيننا.
حقا، إنه هدية من الله سقطت من السماء لتجلس أمامي وتزرع في قلبي الشجى، فرحة وضحكة لم أتوقعها أبدا، إنه طفل قلبي الذي رحل وأنا أجهل اسمه دون أن ألمس وجنتيه الضاحكتين.