جاءت زيارة رئيس كوريا الجنوبية موون جاي إن مصر اليوم الخميس لتفتح آفاقا جديدة لتعميق العلاقات بين البلدين وتنميتها على مختلف الأصعدة، حيث تعد هي الأولى لرئيس كوري منذ 16 عاما، وهو ما اعتبره خبراء سياسيون بأنه يؤكد انفتاح مصر على القوى الآسيوية حيث تعد كوريا شريك مهم لمصر وهناك أوجها عديدة للتعاون بين البلدين وستعمل تلك الزيارة على تعميقها خلال الفترة المقبلة.
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الكوري، قد عقدا جلسة مباحثات ثنائية، أعقبها جلسة موسعة ضمت وفدي البلدين، ورحب الرئيس السيسي بنظيره الكوري الجنوبي، في أول زيارة لرئيس كوري جنوبي إلى مصر منذ نحو 16 عامًا، مشيدًا بعمق العلاقات بين البلدين الصديقين، وبالزخم الملحوظ الذي تشهده خلال الفترة الماضية، ومؤكدًا أهمية العمل على تفعيل الشراكة التعاونية الشاملة بين الجانبين، بما يتناسب مع إمكانات ومقدرات مصر وكوريا الجنوبية، ويساعد مصر على الاستفادة من التجربة التنموية الفريدة لكوريا الجنوبية.
من جانبه؛ أعرب الرئيس الكوري عن سعادته بزيارة مصر للمرة الأولى، موجهًا الشكر للرئيس السيسي على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، ومعربًا عن الحرص على استمرار التنسيق والتشاور بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات، والتطلع لتطوير وتعزيز علاقات كوريا الجنوبية مع مصر، لا سيما في ظل دورها المحوري بقيادة الرئيس السيسي لإرساء دعائم الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية، بالإضافة إلى اهتمام الجانب الكوري بزيادة استثماراته في المشروعات التنموية الكبرى ومشروعات البنية الأساسية في مصر، والمشروعات الأخرى في جميع القطاعات.
كوريا الجنوبية شريك مهم لمصر
وفي هذا السياق، قالت الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إن زيارة رئيس كوريا الجنوبية لمصر اليوم، ومباحثاته مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، تكتسب أهمية كبرى، بجانب أنها الأولى لرئيس كوري لمصر منذ 16 عامًا، تعد كوريا شريكًا مهمًا لمصر، ولها استثمارات كبيرة، وبوابة للتكنولوجيا.
وأوضحت نورهان الشيخ، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن كوريا الجنوبية تحمل أيضا أهمية كبرى على المستوى الدولي وفي قارة آسيا، مؤكدة أن الزيارة تعكس انفتاح مصر على القوى الآسيوية، خاصة ذات الثقل الاقتصادي والتكنولوجي، ما يجعل الزيارة والمباحثات بين البلدين اليوم مهمة على المستوى الاقتصادي والتقني.
وأشارت إلى أن المباحثات بين الرئيسين تطرقت لعدد كبير من القضايا، منها التعاون الثنائي اقتصاديًا وتجاريًا وزيادة الاستثمارات بين البلدين، وكذلك القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، مضيفة أن الملف الاقتصادي والتكنولوجي كان له الأولوية على مائدة مباحثات الرئيسين، خاصة وأن هناك الكثير من المجالات التي تحتاجها مصر في المرحلة الحالية.
وأضافت أستاذ العلاقات الدولية أن التعاون والتبادل التجاري والتوسع في الاستثمارات المشتركة، وتنفيذ عددًا من المشروعات في قطاعات البنية التحتية وما شابه، كلها كانت قضايا مطروحة على مائدة مباحثات الرئيسين، موضحة أن التعاون في مجالات البحث العملي والثقافي والاجتماعي هي أيضا من أوجه التعاون بين البلدين.
تنمية العلاقات على مختلف المستويات
ومن جانبه، أكد الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن زيارة الرئيس الكوري مصر ولقاؤه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الخميس، هو استكمال لدبلوماسية القمة، والتي نشطت في مصر في السنوات الأخيرة، موضحًا أن التوجه نحو الشرق هو أحد محاور السياسة الخارجية المصرية، أي نحو القارة الآسيوية.
وأشار «بدر الدين»، في تصريح لبوابة «دار الهلال»، أن القارة الآسيوية تضم عدة دول هامة من بينها مجموعة النمور الآسيوية، واليابان، وكذلك كوريا، مؤكدًا أن المباحثات بين الرئيسين المصري والكوري اليوم تأتي في إطار تنمية العلاقات الثنائية بين القاهرة وسول في مختلف القطاعات، منها الاقتصاد، والتنمية، والاستثمارات، والمشروعات المشتركة.
ونوه إلى أن جذب السياحة من كوريا هو أحد أوجه التعاون بين البلدين بجانب التعاون على المستوى السياسي، موضحًا أن كوريا تساهم في المشروعات العملاقة التي تشهدها مصر لتحقيق التنمية، وهي المشروعات الاقتصادية الكبرى، والتعاون في مجالات الإلكترونيات والكهرباء، البنية التحتية، الرقمنة، والتكنولوجيا.
ولفت إلى أن هناك مجال آخر للتعاون يشمل القضايا ذات الاهتمام المشترك، منها القضايا والملفات الساخنة في الشرق الأوسط مثل ليبيا، واليمن وسوريا، وكذلك القضية الفلسطينية التي تشغل اهتمام العالم؛ لمحاولة الوصول إلى حل سياسي وفقًا لمقررات الشرعية الدولية.
وأكد أستاذ العلوم السياسية، على أهمية الزيارة واستهدافها تنمية العلاقات بين القاهرة وسول على مختلف المستويات، وتضمنت تبادلًا للرؤى والمواقف تجاه القضايا ذات الأهمية المشتركة، مضيفًا أن الزيارة ستكون لها أثارًا إيجابية في المستقبل القريب على مختلف المستويات السياحية والاقتصادية والتنموية وغيرها.
تفاصيل المباحثات
وذكر المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية أن مباحثات الرئيسين تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية، خاصةً الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، فضلًا عن التعاون في مجال تطوير قطاع السكك الحديدية، ويعد من ضمن الأولويات المهمة التي تعول عليها الدولة المصرية في إحداث نقلة نوعية في عملية التنمية الجارية حاليًا بخطوات متسارعة، علاوة على كونه مرفق حيوي يمس الحياة اليومية للمواطن.
وتباحث الرئيسان حول آفاق تعظيم التعاون بين البلدين في توطين صناعة السيارات الكهربائية بمصر، بالإضافة إلى التعاون في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والرقمنة، والسياحة، ومشروعات البنية الأساسية، والتعدين، فضلًا عن مناقشة سبل انخراط كوريا الجنوبية في تنفيذ مبادرة حياة كريمة، وكذلك التعاون في مجال الطاقة بمختلف أنواعها، في ضوء حرص البلدين على تنويع وتأمين مصادرهما من الطاقة.
كما تم بحث سبل تعزيز التعاون العسكري والأمني بين البلدين، خاصةً ما يتعلق بالتعاون في التصنيع المشترك ونقل وتوطين التكنولوجيا، في ضوء الدور المحوري الذي تقوم به مصر في المنطقة ومسئوليتها لتحقيق الاستقرار والأمن ومكافحة الإرهاب، فضلاً عما تتمتع به كوريا الجنوبية من قدرات تكنولوجية متقدمة وصناعات عسكرية متطورة.
وأضاف المتحدث الرسمي أن المباحثات شهدت استعراض تطورات عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث شهد اللقاء توافق الرؤى بشأن مجمل هذه الموضوعات، وفي مقدمتها تطورات الأزمة الليبية، وأكد الرئيس من جانبه أن استقرار الأوضاع الداخلية بالأراضي الليبية يمثل أولوية بالنسبة لمصر، ومن ثم مواصلة مصر مساعيها الحثيثة مع الأطراف الليبية لإجراء الانتخابات الوطنية.