صدمة تلقاها مشتركو نيتيفلكس فى عالمنا العربى والسارقون للوصلات والباحثون عن النسخ المسروقة من الأفلام منذ العشرين من يناير؛ موعد عرض فيلم "أصحاب ولا أعز" الإنتاج العربى الأول للمنصة، فكل هذا الحشد الإنتاجى والأسماء التى تجتمع لأول مرة، والانتظار لنسخة جديدة تحقق رقماً قياسياً لذات الفيلم الإيطالى وجوائز ومليارات الإيرادات، والنتيجة فيلم خالى من الإبداع الفنى المنتظر ومثير لضجة افتراضية وخناقات سوشيالية معتادة اعتراضاً على مشاهد وأفكار وتفاصيل تعرضنا لها باشتراكاتنا والوصلات المسروقة والنسخ كذلك!
فالذى لم يشاهد الفيلم الإيطالى أو أى نسخة منه، ولم يعرف أن "النسخة" للفيلم من المفترض ألا تحمل اختلافات كثيرة عن ذلك الإيطالى؛ أى أنها ستطرح ذات الأفكار والشخصيات والتفاصيل وستكتفى ببعض التعديلات البسيطة التى جعلتنى أشاهد النسخة الإيطالى واستكمل المشاهدة بالإسبانى ولا أشعر باختلافهما عن النسخة العربية!، فالمشاهد مصدوم بين باحث عن إنتاج متميز لنتيفلكس أو معالجة وتعريب لهذه النسخة.
وفوجئ بأنها ترجمة من الإيطالية إلى اللهجة اللبنانية بمصاحبة المصرية مع بعض التغيير البسيطة، فالملوخية ليست على قائمة الأكلات الإيطالية أو غيرها من جنسيات؛ خاصة عندما تمتزج بالواين العضوى، وبالتأكيد عند اجتماع مجموعة من اللبنانيين ستكون "الأنارب" ضيفاً يضيف للتواجد المصرى بعداً آخر، تلك مفاجأة من شاهد النسخة الإيطالية ولم يعرف مفهوم "النسخة".
على الجانب الآخر مجتمع يعشق الخناقات السوشيالية ويتناسى أن كل شيء اختيار خاص به ليس من المفترض أن يلتزم به الآخرون، ليجد نفسه وسط أفكار مباشرة يقدمها الفيلم بحوارات أقرب للفجاجة حول الحرية واحترام الاختيارات؛ ولسنا فى صدد مناقشة الأفكار التى طرحها الفيلم لأنها تكررت ١٨ مرة منذ عام ٢٠١٦ وهو تاريخ إنتاج النسخة الإيطالية.
رأيت النسخة الإيطالية التى لم تبهرنى فنياً، ولم أدرِ لما حققت هذا النجاح الجماهيرى منذ أول يوم عرض! فمن المفترض أن القصة بسيطة وليست حدثاً فى مثل تلك المجتمعات؛ وفوجئت بحجم الجوائز التى نالها الفيلم والنجاح الجماهيري المفترض مع كل النسخ التى لم تتجاوز حالة الترجمة الجوجالية!
ولماذا هذا الكم من النسخ لفيلم يتجاوز المستوى العادى، وكان من الممكن أن يتم تناوله بعدد غير محدود من المعالجات؟
ولماذا يتم طرح تلك الأفكار بهذه المباشرة من خلال وسيط من المفترض أنه "إبداعى"؟
حالة الترجمة السينمائية التى صاحبت ذلك الفيلم، جعلته مفتقداً للكثير من الجوانب الإبداعية والمنطقية؛ بدأ ذلك منذ عنوان الفيلم الذى كان فى النسخة الأصلية واضحاً وصريحاً ومدركاً لما سيحدث عبر الأحداث "غرباء بالكامل" ويتناسب مع المجتمع الغربى المدرك للصدمة التى يحدثها كشف الستار عن الخفايا والأسرار الإنسانية مهما تصور البعض مدى الاقتراب، ومجرد تحوله إلى "أصحاب ولا أعز" حتى لو كان ساخراً؛ يضع الفيلم فى ذات المساحة كترجمة إلكترونية.
ضجة صنعناها بمشاهدتنا فيلماً فى منصة عالمية لها خطاً فى الأفكار الصوابية التى تتكرر فى إنتاج المنصة ذاتها؛ والتى نخشاها ولا نواجهها، والفيلم تكرار بصورة دقيقة لآخر إيطالى معروف قصته ومشاهده، لتدور الخناقات السوشيالية التى ستختفي كالعادة بعد أيام كنهاية الفيلم؛ لنعود كما كنا وكأن شيئاً لم يكن.