الجمعة 3 مايو 2024

مأساة وسط الثلوج

مقالات28-1-2022 | 11:38

صور متتالية، مقاطع فيديو مؤلمة، مشاهد لرضع وأطفال، فتكت بهم الحرب نفسيا وحطمتهم معنويا، وشاءت إرادة الله سبحانه وتعالى، أن ترسل عليهم العواصف، لتكشف للعالم ما خفي عنه، من جوانب مأساة إنسانية واقعية يعيشها أطفال المخيمات السورية.

ربما لا أجيد الخوض فى كلمات ومصطلحات السياسة، فلها أهلها وهم أقدر من أي أحد على التعبير بها وبمفرداتها، ولكني أجتهد قدر الإمكان أن أتحدث عن إنسان منسي فى هذا العالم الموحش، عن طفلة تتمثل جًل أمنياتها فى هذه الدنيا، في خيمة جديدة بدلا من المهترئة التى تأوييها، تقيها لفحات الصقيع وسهامه الخارقة للجلد والعظام.

ذاك الطفل الصغير الذي يقف وحيدا على الطريق فى الصباح الباكر تغرز قدماه في الثلوج، يتلقفه بعض المارة بسيارتهم، ويتبين أنه يحاول اللحاق بطابور الخبز الذي يبدأ العمل منذ الثانية صباحا، يتحدث بصعوبة، ترتعد أوصاله، يتكلم بصعوبة تتنفس بها قسمات وجهه المجمد.

تلك الصغيرة التي لا تتجاوز الأربعة أعوام، تقف في العراء، يرتجف جسدها النحيل من شدة البرد، ترتدي من الملابس ما لا يكفي لمواجهة هذا الزمهرير القارس، يرقص جسدها لا فرحا، ولكن معاناة.

ابن الثلاثة عشر عاما وإخوته الصغار، يطل برأسه من فتحة أرضية في خيمته التي دفنتها الثلوج، يسأله محاوره: كيف تقضي ساعاتك، فيجيبه: (لا أعرف الى النوم سبيلا من شدة البرد).

مشاهد مؤلمة، متراكمة، أفرزتها لفحات العاصفة، فضاعفت معاناة هؤلاء، مع البحث عن سبل العيش، وسط هذا الكم من الثلوج المتراكمة، بينما يحمل جيرانهم أكفانا صغيرة لأرواح لم تصمد في وجه تلك الأيام الموحشة.

لكم الله يا أطفال سوريا، ولعنة الله على الحرب التي وضعتكم بين فكيها المسمومين، فلوثت براءتكم، وانتهكت آدميتكم، وحالت بينكم وبين اللهو والحق في الحياة، حولتكم إلى أكفان تتدثر بحبيبات الجليد.

Dr.Randa
Dr.Radwa