السبت 28 سبتمبر 2024

التصديف صناعة لها تراث.. تواجه الانقراض

1-7-2017 | 00:06

كثير منا لايعرف مهنة التصديف و لا يدري كم الصناعات التى يدخل فيها الصدف، فالتصديف مهنة كانت بداية نشأتها و نمو بذرتها في مصر، حيث برع المصريون فى هذه المهنة مما جذب العالم للغوص فى خباياها، بل إنهم أيضا حاولوا استقطاب العاملين فى هذه المهنة لبلادهم لتعليمهم هذه المهنة حفاظآ عليها من خطر الانقراض فهى تعتبر من أرقى الفنون و أكثرها إمتاعا للعين و النفس خصوصًا لمحبين الرسومات العربية القديمة و الحضارة الفرعونية.
 

و يعتبر عمر هذه الحرفة آلاف السنين، حيث وجد الباحثون قبور مزينة بالصدف يرجع تاريخها  إلى 7000 سنة، و أيضا قلعة محمدعلي زينت بالصدف.
 

و استخدم التصديف فى تزيين المنابر و القباب و الكنائس و العمران القديم كان يعتمد على التزيين بالصدف .
 

ويقول حسني أبو زيد، مالك إحدى ورشات النجارة و التصديف أن هناك أنواع كثيرة من الصدف و كل نوع له سعره الخاص مثلا هناك اليابانى و هو أعلاهم سعرا و يتميز بإعطاء ألوان قوس قزح.
 

و أضاف أيضا أنه يقوم بتفريغ الخشب و إرسالها لإحدى ورشات التصديف لتزيينها حسب رغبة الزبون.
 

و للغوص أكثر فى هذه المهنة كان لنا لقاء مع سعيد ذكريا، 54 عاما، صاحب ورشة للتصديف، والذي قال إنه امتهن هذه المهنة من السنة الابتدائية الأولى له فأحبها لما فيها من فن و اعتنقها و بقيت ملازمة له حتى الأن.
 

و أضاف أنه هناك أنواع كثيرة من الصدف منها صدف أبيض يأتي به من البحر الأحمر و الصدف الياباني و الصدف العمانى، و الطلب أكثر على الصدف الأبيض و الصدف العمانى لانخفاض سعره عن الصدف اليابانى و صعوبة استيراد الصدف الياباني، وتوجد حوالي خمسة أنواع من الصدف فقط التى تستخدم في التصديف.
 

و أشار إلى أنه بعدما كان الكيلو من الصدف يقدر بحوالي 15 جنيهًا ارتفع سعره حتى وصل إلى 50 جنيها للكيلو الواحد و مع ارتفاع سعره اإلا أنهم يجدوا صعوبة فى العثور عليه فيضطروا للسفر إلى السويس لشراء كمية من الصدف تكفى لتنفيذ الطلبية.
 

و أوضح أنه تختلف أسعار المشغولات الصدفيه حسب الحجم و نوع الصدف، فالمشغولات الصغيره تبدأ من 50 جنيهًا أما المشغولات الأكثر جهدا فى نقوشها و تصديفها يمكن أن تصل إلى أكثر من100 ألف جنيه، أيضا الكراسي المشغولة بالصدف فهى تجذب الأجانب و تبدأ أسعارها من 3000 جنيه.
 

وتابع قائلاً “لم يكن الصدف وحده الذى يستخدم فى تزيين المصنوعات الخشبية و غيرها فقد بدأوا باستخدام عظام الجمال  لتوافرها، فالكيلو من عظام الجمال يباع بعشرون جنيها،  و تمر العظام بعدة مراحل قبل البدء فى استخدامها فيقوم بتكسيرها قطع صغيره و وضعها فى مواد كيميائية للتخلص من الزيوت التى تحتوى عليها وتبيضها ثم استخدامها، ورغم انخفاض سعر عظام الجمال عن سعر الصدف إلا أن المصنوعات المشغولة بعظام الجمال سعرها مرتفع أكثر لما يلاقيه من صعوبة فى تنظيف العظام جيدا و تبييضها و تقطيعها و بالتالي فالطلب عليه أقل من الصدف و يستخدم غالبا عظم الجمال فى المنابر داخل المساجد”.
 

وأوضح أن مهنة التصديف مثلها مثل الصيد تحتاج إلى الصبر، وأن القطعه الواحدة يمكن أن تأخذ منه وقت حوالى ثلاثة أشهر و أكثر من ذلك، لما تحتاج لدقة و تركيز فهو يتعامل مع قطع صغيرة جدا من الصدف وأى خطأ يمكن أن يضرب بجهده عرض الحائط.
 

و أضاف ، يمر الصدف بعدة مراحل أولها الصنفره لكي يصبح الصدف ذو ملمس ناعم و يقطعه إلى شرائح صغيرة ليسهل استخدامها و يقطعها بزوايا متساوية بأشكال معينة، و تعد مهنة دقيقة تحتاج إلى التركيز حيث أنه يتعامل مع قطع  صغيره جدا من الصدف ثم يقوم بعمل الأشكال، و تصديف القطع الخشبية أو الرخام، و يقوم باختيار الأشكال و اتباعها من كتب معينه للرسومات العربية إلا إذا طلب العميل شكل معين فالقطع الكبيرة يصعب عليه الخروج عن الرسومات التقليدية المعروفة ، لأن الخطأ بالنسبة لهذة المهنه غير مقبول .
 

 و رغم كل ما يلاقيه ممتهني هذه الحرفة من صعوبات و كم الجروح التى يتعرضون لها من آلة تقطيع الصدف، إلا أن كل آلامهم تكون في طي النسيان بمجرد انتهائهم من تزيين قطعة الخشب لتصبح قطعة فنية يتهاتف عليها أصحاب الذوق الرفيع.
 

ورغم أهمية هذه المهنة و عراقتها يحزننا أنه لا أحد من الشباب يحاول تعلمها أو تجربتها، و فى منطقة الغورية نجد ثلاثة فقط من ممتهنى هذه الحرفة من كبار السن، و ابتعد الشباب عنها لصعوبتها و احتياجها للصبر.
 

أما عن محبى المشغولات الصدفية، قالت هناء خالد 24 سنة، أنها تحب هذه المشغولات فهى تعتبرها فن يجب دعمه حتى لا ينقرض.
 

و يقول عبد الصمد محمود 45 سنة، أنه من الجيل الذى يعتز بالتراث و الفن ويقدره كثيرا ، قائلاً :”ياليت شباب هذا الجيل يهتمون به مثلما يهتمون بالتكنولوجيا لكى يتعرفوا على براعة أجدادهم و فنهم العظيم”.