أعرب الكاتب الصحفي علي حسن رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الخميس، عن فخره بكل ماكتبه الكاتب شريف قنديل عن مصر وقريته "رملة الأنجب" بمحافظة المنوفية.
جاء ذلك خلال ندوة مناقشة كتاب (الظل والرحيل والنيل- تغريبة٢) للكاتب الصحفي شريف قنديل، والتي عقدت ضمن برنامج المكتبة الأدبية، على هامش فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته 53، وأدارها الكاتب الصحفي محمد الزرقاني نائب رئيس تحرير (أخبار اليوم).
وأكد الكاتب الصحفي علي حسن أن كتاب "الظل والرحيل والنيل" يعبر عن ولاء كاتبه وانتمائه لمصر، مستعرضا رحلته مع الكاتب خلال فترة التعليم الجامعي وتخرجهما سويا، والعمل المهني في مجال الصحافة.
وقال، خلال كلمته، إن قنديل هو قصر ثقافة متحرك، فهو أديب وشاعر وله باع كبير في هذا المجال، مشيراً إلى أن الكاتب من أهل الأدب بشقيه المعرفي والأخلاقي، وأنه نشأ على محبة الجميع والاحترام المتبادل والانتماء فهو يشع حبا في كل مكان يذهب إليه.
وأوضح أن الكاتب استطاع من خلال حبه الشديد لقريته أن يبدع ويصور لنا الحياة الاجتماعية في قريتة "رملة الأنجب" فجعلنا نعيش معه جميع الذكريات في هذه القرية خاصة في الأعياد والمناسبات، مؤكداً أنه لمس بنفسه الشغف الكبير لدى أهالي هذه القرية للتعلم وحب المعرفة حين زارها.
ولفت الكاتب الصحفي علي حسن إلى أن الفلسفة كان لها أثر كبير على كتاب شريف قنديل، في استشهاده بعدد من الفلاسفة في كاتبه.
وبين أن الكاتب يعلي القيم الجمالية حتى أنه يسبغ الجمال على ما قد يبدو قبيحا في عيون البعض، لافتا إلى أنه لم يستشعر الجمال في أي مكان آخر مثل استشعاره جمال بلدته ويعقد مقارنة مستمرة مع الدول التي يزورها فهو ينتصر لقريته، حتى لينتقص من جمال بعض المدن العالمية الأخرى، إذ لاتبدو الأشياء مثل القمر والنهر كما تبدو له في قريته.
وألمح إلى أسلوب قنديل في أنسنة الجمال عبر تجسيد عناصر القرية وخلق حوار معها وهو ما نراه في حديثه مع محطة القطار والأشجار والقمر، وتركيزه على شخصيات قد تبدو هامشية ولكنها محورية من الجانب الإنساني.
من جانبه، قال الكاتب شريف قنديل إنه حظى منذ طفولته بنشأة جمالية وتعليمية ساعدته في التكوين الذاتي، وكانت لها الفضل في نزعته الجمالية والشاعرية.
وأضاف، خلال كلمته، أنه تربى على التوافقية بين كافة الأفكار والتيارات المختلفة، موضحا أن النزعات الحديثة في التصارع بين المنتمين للتيارات المختلفة هي دخيلة وليست من أساس الهوية المصرية.
وأوضح أنه تأثر بكتابات يحيى حقي وخاصة "كناسة الدكان"، وبين أنه يعتز بنشأته القروية التي عبر "حقي" كثيرا عن افتقاده لأن تكون نشأته ريفية.
واستعرض خلال الندوة، ذكرياته مع عدد من الشخصيات التي تحدث عنها في كتابه، مشيرا إلى أن تلك الشخصيات جزء من وجدانه وتكوينه الأمر الذي حتم من باب الولاء الحديث عنهم.
وأشار إلى أن هدفه من الكتابة هو توجيه رسالة إلى الأجيال القادمة والذين لم يشهدوا جماليات الريف المصري في عصره الزاهر.
ولفت إلى أن حديثه عن النيل هو استكمال لسبقه في الحديث والتنبيه عن القضايا المتعلقة بحوض النيل، فضلا عن قيمته الجمالية الكبيرة، موضحا أن الجزء المتعلق بالظل هو عبارة عن مصارحة ذاتية مع النفس.
وفي سياق الحديث عن كتابه الجديد، "اسمها فلسطين"، قال إنه جاء من منطلق التأكيد على أن الكتابة عن فلسطين واجب كل مؤلف ومثقف عربي مخلص، مبينا أنه كتاب موجه للناشئة في المقام الأول والتعريف بالقضية الأبرز في الهوية العربية.
وفي مستهل الندوة، قال محمد الزرقاني إن الكتاب يعود إلى زمن القراءة الجميل من خلال كتابة قريبة إذ استطاع الكاتب أن يجعله موجها لكل قارئ على حدة بأسلوبه الشيق.
وأشار إلى أن الكتاب يعبر عن انتماء الكاتب نحو قريته في المنوفية، مبرزا تعلقه بأصله وتوطنها في وجدانه حتى في أسفاره المتعددة خارج مصر.
وألمح إلى أنه من الصعب تصنيف الكتاب من الناحية الأدبية بين السيرة الذاتية والرحلات وفن الرثاء، مرجعا ذلك إلى تنوع الألوان الأدبية التي عالجها الكاتب.
وأضاف أن الجزء المتعلق بالرحيل رد الاعتبار لعدد من الشخصيات التي لم تستوف حقها في الحياة الثقافية والصحفية، مثل الصحفي علي الشيخ أحد مؤسسي (أخبار اليوم) والشاعر محمد عفيفي مطر، وأحمد قنديل وشفيع شلبي وعلي هلال.
واستعرض الجزء المتعلق بالنيل من الكتاب، مبينا مدى تعلق الكاتب بالنهر والرسائل التي ضمنها كتاباته حول قضية نهر النيل وإشكاليته.
وفي السياق نفسه، قال الفنان التشكيلي والنحات الدكتور طارق الكومي إن الكتاب يحيلنا إلى كتابات المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي لما لها من لمسة فنية وحبكة درامية تجعل القارئ يتخيل ويرى ما يتحدث عنه الكاتب.
وأضاف أن الكاتب يربط في أسلوبه بمهارة بين الأصالة والمعاصرة، وهو ما يظهر في ما ناله من تعليم وما كونه من ثقافة شخصية، مؤكدا أنه نجح في الجمع بين العمق والبساطة في الأسلوب والمضمون.
واعتبر الكومي أن الكتاب أرشيف اجتماعي ونفسي سترجع له الأجيال القادمة في نظرتها لفترة مهمة من تاريخ مصر.
بدورها، عبرت الإذاعية نهى الروميسي عن استمتاعها بقراءة الكتاب، معربة عن تقديم الأسلوب بالانسجام ما جعل الكتاب يتجاوز المطالعة السريعة إلى التأمل.
وقالت إنه من الناحية الموضوعية جاء غلاف الكتاب معبرا عن مضمونه الإنساني والقيمي.
وأضافت أن فكرة الظل التي عالجها الكاتب لم تأت كما اعتاد المؤلفون من جعله معادل للضمير ولكنه اختار أن يكون رمزا للتحاور سجالا بين رأيه والرأي الآخر، متأثرا بالفلسفة خاصة "نظرية العود الأدبي" للألماني فريدريك نيتشه.
وأوضحت أن الكاتب عالج فكرة الرحيل في مرثيات لشخصيات ليست من باب العلاقة الشخصية معهم، ولكن بما تحمله تلك الشخصيات من قيم إنسانية.
وبينت أنه بتلك الصور الشاعرية عن شخصيات راحلة عبر عن جيل بأكمله بقيمه ومعانيه، دون الوقوع في أسر الماضي، ولكن محاولا التقاط الملمح الإنساني مهما كان حيزه الزماني أو المكاني.
والكاتب الصحفي شريف قنديل عمل مديرا لتحرير عدد من الصحف المصرية والعربية، وفاز بجائزة الصحافة العربية عن أفضل الحوارات الصحفية، وخصص له الشيخ محمد الغزالي فصلًا في كتاب "الحق المر".
وصدرت له كتب: "الصحفي الحزين على كراسي الطغاة" و"تغريبة شريف قنديل".
يذكر أن الدورة الحالية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب يحتفل في دورته الحالية بيحيى حقي وعبد التواب يوسف كشخصيتي المعرض، وتأتي تحت شعار "هوية مصر.. الثقافة وسؤال المستقبل".