الخميس 23 مايو 2024

قمة الشراكة والرسائل المهمة

مقالات4-2-2022 | 20:37

من المهم أن ندرك أهمية وعبقرية زيارة الرئيس السيسى للصين.. والقمة الثنائية مع الرئيس شى جين بينج.. خاصة لطبيعة وخصوصية العلاقات التاريخية بين البلدين، وما يمثلانه لبعضهما البعض فى ظل الشراكة بين القاهرة وبكين.. وتأتى القمة أيضاً فى توقيت بالغ الدقة خاص بالمشهد الدولى والإقليمي.. وما يواجهه من تحديات وتهديدات وجوائح.. وأيضاً فى ظل وجود إرادة سياسية مشتركة لتطوير وتعزيز التعاون فى كافة المجالات فى ظل غزارة الفرص الاستثمارية فى مصر.. وأيضاً الإمكانات والقدرات الصينية.

العلاقات المصرية مع الصين تمثل نموذجاً للثوابت المصرية.. فالصين دولة كبرى وعظمي، لا تبحث سوى عن الشراكة والتعاون فى الاقتصاد والتنمية، وتبادل الخبرات والاستثمارات.. وليست لها أهداف أخرى سوى التنمية والتقدم.. وهو ما يتطابق مع الرؤية المصرية.. فى ظل إقليم يعج بالتحديات والصراعات.. وعالم يواجه متغيرات حادة وتهديدات تنذر بكوارث، مما يتطلب ويستلزم التنسيق والتشاور بين البلدين، وأيضاً الإدراك بأهمية تعزيز الشراكة فى كافة المجالات.
 
 «السيسى - بينج».. صداقة قوية.. احترام متبادل.. علاقات نموذجية.. ملفات وقضايا ثنائية وإقليمية ودولية.. «مصر والصين».. آمال وتطلعات مشتركة
 
تُعد العلاقات «المصرية ــ الصينية» التى انطلقت منذ عام 1956 نموذجاً لعلاقات الشراكة الدولية على كافة المستويات.. وهناك تعويل كبير من قبل الدولتين على العلاقات المشتركة.. ويدرك كل منهما أهمية الآخر، فمصر صاحبة الموقع الجغرافى المحورى والمهم، وهى بوابة القارات الثلاث، ولها أهمية استراتيجية تدركها دول العالم.. بالإضافة إلى الدور والثقل المصرى فى منطقة الشرق الأوسط.
فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى شهدت العلاقات المصرية ــ الصينية، تطوراً تاريخياً وتجسد ذلك فى أمور ومظاهر كثيرة أبرزها تعدد اللقاءات والقمم الثنائية بين الرئيسين «السيسى وشى جين بينج» سواء فى زيارات متبادلة ما بين القاهرة وبكين ودعوات من الرئيس الصينى للرئيس السيسى بحضور محافل وقمم دولية سواء قمة مجموعة العشرين، أو قمة مجموعة «البريكس» للدول الأسرع نمواً فى العالم، بالإضافة إلى تعدد وتنوع زيارات كبار المسئولين بالبلدين، أو التنسيق والتشاور والتعاون فى مختلف المجالات، خاصة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.. وقد تنامت مظاهر التعاون الكبير بين البلدين فى ظل الإنجازات والنجاحات والتجربة المصرية الملهمة فى مجال البناء والتنمية والتقدم والإصلاح والبنية التحتية والأساسية والفرص الاستثمارية الغزيرة التى تشهدها مصر.

الحقيقة أن زيارة الرئيس السيسى للصين بدعوة من الرئيس شى جين بينج للحضور والمشاركة فى افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية الـ24 هى تجسيد لعمق العلاقات التاريخية بين البلدين وإدراك صينى لأهمية مصر على الصعيدين العالمى والإقليمي.. ودورها العربى والأفريقى وما تشهده من نمو وتطور غير مسبوق، بالإضافة لأهمية التشاور والتنسيق والتباحث حول المستجدات الدولية والإقليمية والملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك.

هناك رغبة وإرادة سياسية مشتركة بين البلدين لمزيد من تعزيز العلاقات بينهما فى كافة المجالات وزيادة حجم التبادل التجارى الذى وصل إلى 14.7 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إلى 20 مليار دولار، بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات الصينية فى مصر فى ظل الفرص الهائلة التى تشهدها «مصرــ السيسي» والاستفادة من القدرات والخبرات والإمكانات الصينية فى مجالات التصنيع والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.. خاصة أن المشروعات المصرية القومية العملاقة تحظى باهتمام ومشاركة صينية.

العلاقات «المصرية ــ الصينية» تُعد علاقات نموذجية من الطراز الأول، سواء فى التعاون والشراكة والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، والعمل على إرساء الأمن والاستقرار والسلام، وترسيخ البناء والتنمية.. والحقيقة أنها تأتى ترجمة لثوابت السياسة المصرية على الصعيد الدولي.. والحقيقة أيضاً أن الصين كدولة تحترم خصوصية الدول.. ولا تمارس الوصاية على أحد.. وهى خطوط حمراء بالنسبة لمصر، لذلك فالأمور السياسية والداخلية ليست من شواغل الصين، لكن اهتمامها الأول فى التعاون الاقتصادى والاستثمارى والتجاري، وتبادل المصالح المشتركة، والتعاون فى مجال التعليم والثقافة والسياحة.

تأتى زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للصين باعتبارها من أكبر وأقوى دول العالم، وتحتل المرتبة الثانية على الصعيد الاقتصادي، وأصبحت الصين شريكاً لمصر وللقارة الأفريقية باستثماراتها واهتماماتها بمجال الاستثمار والتنمية والتبادل التجاري، ومد خبراتها للأصدقاء فى مجال التطور والتكنولوجيا.. تأتى الزيارة فى توقيت بالغ الأهمية والدقة.. لذلك كان من المهم النظر بعين الأهمية للقمة المصرية الثنائية بين الرئيسين السيسى وبينج، فى ظل ما يشهده العالم من تحديات، وفى القلب منها منطقة الشرق الأوسط.. وفى ظل جائحة «كورونا» التى تتطلب تعاوناً وتكاتفاً.. وأيضاً ما تشهده منطقتنا من توترات وصراعات وتدخلات أجنبية غير مشروعة.. وأزمات وقضايا ملتهبة تنذر باضطرابات إقليمية تنعكس وتلقى بظلالها على الجميع دون استثناء وتؤثر على الأمن والسلم الإقليمى والدولى وحركة التجارة العالمية المتأثرة بفعل جائحة «كورونا» وأهمية إمداد الدول الأفريقية بلقاحات «كورونا».

مصر تجد فى الصين أيضاً التجسيد الحقيقى لثوابت علاقاتها الدولية من حيث التعاون والشراكة فى جميع المجالات بما يصب فى مصالح البلدين المشتركة وتحقيق آمال وتطلعات الشعبين.. لذلك تهتم مصر بعلاقاتها مع الصين سواء على صعيد العلاقات الثنائية وتعزيز التجارة والاستثمار والاستفادة من الخبرات وتبادل المنافع أو على صعيد التنسيق والتشاور وتوحيد الرؤى حول سبل وآليات مواجهة التحديات الدولية والإقليمية، وبطبيعة الحال سوف تتطرق القمة إلى قضايا عديدة غير تعزيز العلاقات الثنائية فى كافة المجالات، وزيادة أفق الشراكة بين البلدين، وكذلك الأزمات والقضايا فى المنطقة مثل ليبيا وسوريا، والأمن فى المنطقة، وكذلك الأمن المائى المصري، وقضية سد النهضة، والقضية الفلسطينية، وزيادة الاستثمارات الصينية فى مصر لاستغلال الحجم الكبير للفرص.

فى اعتقادى أن زيارة الرئيس السيسى للصين وعقد القمة الثنائية «المصريةــ الصينية» لها معانٍ ورسائل كثيرة تؤكد انفتاح العلاقات المصرية مع كافة القوى الدولية بما يحقق المصالح والأهداف المصرية.. وأن علاقاتنا ليست أسيرة أو رهينة بالعلاقة مع دولة واحدة، وأن مصر دولة ذات سيادة واستقلال قرارها الوطنى من الثوابت.. وأنها تستطيع الحصول على احتياجاتها بما يحقق مصالحها وأهدافها فى أى وقت ومن أى مكان، وأن علاقاتها بدولة ليست بديلاً لعلاقتها بدولة أو مجموعة من الدول الأخري.

القمة «المصريةــ الصينية» تشهد زخماً كبيراً فى مضامينها وملفاتها وموضوعاتها وقضاياها فى ظل خصوصية العلاقة بين القاهرة وبكين.. والإدراك الحقيقى للأهمية المتبادلة لدور وثقل البلدين على الساحتين الدولية والإقليمية والقارية.. فمصر صاحبة الإرادة الحرة والقرار الوطنى المستقل تتحرك بانطلاق، فلا مجال للإملاءات أو الضغوط أو التدخل فى شئونها الداخلية.. ولا مجال لأى قوة أن تمارس عليها دور الوصاية، فمصر أكبر من هذه الممارسات والمحاولات.. تتمتع بالقدرة والدور والثقل والمكانة، خاصة فى ظل عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وللأمانة فإن الصين تتعاطى مع علاقاتها الدولية وفى القلب منها مصر وفقاً لثوابتنا وخطوطنا الحمراء.. فهى دولة لا تبحث إلا عن التعاون الاقتصادى والشراكة فى كل المجالات، وأصبح لها دور كبير فى المجال الاقتصادى والاستثمارى والصناعى فى القارة الأفريقية ولديها إمكانيات مقدرات هائلة فى المجال الصناعى والتكنولوجى.

قمة «السيسى - بينج» الثنائية سوف تحدث تغييراً كبيراً فى الكثير من المجالات والموضوعات.. وإذا كانت مصر الكبيرة سوف تتحدث عن تعزيز الشراكة والعلاقات الثنائية فإنها أيضاً سوف تتحدث عن قضايا وأزمات المنطقة وأهمية استعادة الأمن والاستقرار ووقف التدخلات الأجنبية غير المشروعة فى شئون الدول الداخلية أو انتهاك سيادتها وضرورة التعاون والتكاتف الدولى فى مواجهة الإرهاب والتطرف والتشدد وأيضاً إخراج المقاتلين الأجانب والمرتزقة من الدول التى تعانى من أزمات، وكذلك الاهتمام بالتعاون والتنمية فى دول حوض النيل لتجسيد السلام والأمن والاستقرار والتنمية لصالح كل الشعوب.

زيارة مهمة للغاية.. ونقلة جديدة وخطوة ذات أبعاد مختلفة ومتعددة بعد سلسلة من الزيارات الخارجية لمصر من رئيس كوريا الجنوبية والرئيس الجزائرى والرئيس السنغالى وزيارة الرئيس للإمارات.. لذلك فالدبلوماسية الرئاسية المصرية تتحرك بعبقرية لتعزيز التعاون والشراكة مع دول العالم.. وتعزيز وترسيخ الأمن والاستقرار والسلام ومكافحة الإرهاب ومواجهة جائحة كورونا وإيقاف الصراعات والتدخلات الأجنبية غير المشروعة وسياسات التوترات والتعنت التى تشعل المزيد من الأزمات فى منطقة مضطربة فى الأصل.. لذلك تحظى مصر بثقة ومصداقية واحترام من قبل المجتمع الدولى ودول العالم.

يقيناً.. زيارة الرئيس السيسى إلى الصين والقمة الثنائية مع نظيره الصينى تجسد أهمية كبيرة فى هذا التوقيت المهم فى ظل التحديات والتوترات والتهديدات الإقليمية والدولية، وأيضاً على مستوى التعاون والشراكة بين البلدين فى كافة المجالات وعلى رأسها المجال الاقتصادى والصناعة والتجارة، وسوف تتطرق القمة أيضاً لاستضافة مصر لقمة التغير المناخى فى نوفمبر 2022 «كوب ــ 27» وهو ما يعكس الدور والثقة والمكانة الدولية التى تحظى بها مصر.

تحية للدبلوماسية الرئاسية التى يقودها الرئيس السيسى بشموخ مصرى وشرف فى زمن عزَّ فيه الشرف.. لقد حققت الدبلوماسية الرئاسية لمصر الكثير من الإنجازات والنجاحات على الصعيد الدولي، وأصبح لمصر مكانة وثقل دولى وإقليمى غير مسبوق، وأيضاً ثقة ومصداقية على الصعيد الدولي، وعوائد كثيرة ومكاسب على مستوى ملحمة البناء والتنمية والتقدم المصرية.
 
 إعلام الداخل الأكثر أهمية
 
فاتنى بالأمس فى مقال «قوة الداخل» الإشارة إلى محور مهم للغاية وهو الاهتمام بالإعلام على مستوى الداخل، أكثر من التركيز على الإعلام الدولى والخارجي.. فهناك بعض الأصوات التى تدَّعى أنهم خبراء فى الإعلام، يشيرون إلى أن صوتنا غير مسموع فى الخارج، ويقولون إن الإعلام الدولى أكثر من إعلام الداخل.

أنا لا أقلل من شأن وأهمية نقل الصورة الحقيقية عن مصر فى الإعلام الدولى، فأراها مهمة للغاية.. لكن كيف يتم ذلك فى كل وسائل إعلام دولية تحمل أجندات وتحظى بتمويل وأرقام فلكية، تتحكم فى توجهاتها وكتاباتها.. وهى تمويلات معادية لمصر تستطيع الدفع بسخاء للتشويه ونشر الأكاذيب.

الحقيقة أن الاهتمام بالإعلام فى الداخل لبناء الوعى الحقيقي.. وتحصين عقول المواطنين بالحقائق والبيانات والمعلومات الصادقة، والتحلى بأعلى درجات الشفافية والمصداقية، أولى وأهم بكثير من الرهان على وسائل إعلام دولية تتحكم فيها قوى الشر والمال، وتشترى أقلامها وأصواتها وكتاباتها ومقالاتها وبرامجها.

الإعلام على مستوى الداخل يستطيع وبجدارة تحقيق التواصل مع الشعب بالحقائق وإنجازات الواقع.. ونجاحات الدولة.. وكشف الحقائق عن الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وأيضاً استعراض التحديات والتهديدات الإقليمية والدولية.. وشرح القضايا والملفات والصراعات والأزمات فى المنطقة والعالم ومواجهة الأكاذيب والشائعات ومحاولات الوقيعة وبث الفتنة والتشويه من خلال التواصل على مدار الساعة بالمعلومات والبيانات الدقيقة والسريعة والصادقة مع المواطنين.

إن الهدف الاستراتيجى لأى دولة هو بناء الوعى الحقيقى لدى شعبها.. وتأمين وتحصين عقول مواطنيها ضد حملات الزيف والأكاذيب والثقافات والأفكار المستوردة والمتطرفة والمتشددة، والمحرضة والمشككة والمشوهة.. لأن خراب ودمار الدول ومحاولات إسقاطها يأتى من خلال عمل قوى الشر على عقول الشعوب وإشعال الفتن وتزييف الوعي، لذلك فإن إعلام الداخل هو صاحب الدور الأهم والأبرز والأكثر محورية، فهو أهم سلاح.. لكن الرهان على إعلام دولى فاسد مسيس وموجه هو عبث وهذا لا يعنى إهماله، ولكن العمل عليه بأساليب ورؤى مختلفة.. فكثير من وسائل وأجهزة الإعلام المعادية تتبع أجهزة مخابرات لدول معادية لنا.. توجه سمومها ومؤامراتها ومحاولات العبث فى عقول شعوبنا لذلك الإعلام فى الداخل، عليه أن ينشط ويمتلك الرؤية والاستراتيجية والعمل على تأمين وتحصين عقول المواطنين، وبالتالى تقوية وتعزيز قوة الداخل.

تحيا مصر