لم يتوقع "السيد مشالي"، فني بشبكة الكهرباء بقرية الستاموني بمحافظة الدقهلية، أن تكون نهايته بتلك الطريقة التي حرمته من أبنائه قبل موعد الإفطار في أواخر شهر رمضان الماضي بسويعات قليلة، نتيجة لخطأ فني أدى إلى عودة التيار الكهربائي بطريقة مفاجئة إثناء قيامه بإصلاح العطل الكهربائي بأحد أعمدة التيار العالي، الأمر الذي أدى إلى مصرعه في الحال وتوقف القلب عن النبض وظل متعلقًا على حامل الأسلاك الكهربائية لما يزيد عن ساعة ونصف حتى تمكن المواطنين من إنزال الجثة ودفنها، كل ذلك حدث دون أن تتحرك الشركة التابع لها العامل أو تستجيب لنداءات المواطنين طوال تلك الفترة، وبعد أن نفذ صبرهم فصلوا أقرب جهاز محول للتيار وأنزلوا "مشالي" ميتًا.
فضلا أن الشركة لم تقدم أي تأمين للفني أو تدفع بأي أحد من أفراد الأمن الصناعي، ناهيك من توصيل التيار الكهربائي دون إخطار العامل المتواجد بين أحضاك أسلاك الضغط العالي.
هناك سلبيات كبيرة في تعاملات قطاعات الكهرباء مع الأعطال الفنية، فضلا عن الدفع بمحولات وأسلاك متهالكة ومكشوفة تهدد حياة الملايين من المصريين أغلبهم في القرى والنجوع بمختلف المحافظات، كما تقدم الشركة والوزارة خطة مستقبلية منذ عشرات السنين لتراعي فيها الزحف السكاني من أجل وضع تأمين كافي على الأجهزة التي تنظم عملية توزيع وضخ الكهرباء بما لا يضر بحياة الإنسان، غير أن تلك الأجهزة لا يتم تطويرها ورفع كفاءتها بما يتناسب مع الزيادة السكانية مما يؤدي إلى ضعف وذبذبة في التيار الداخل للمنازل مما تدمير الأجهزة والمعدات التي تعمل بالكهرباء داخل المنازل.
الموت على مشارف القرى
«الهلال اليوم» في السطور التالية تسلط الضوء على أخطر المناطق المخصصة والمعدة للمحولات الكهربائية في أغلب القرى والنجوع والعزب بالمحافظات والتي باتت خطرًا حقيقًا يهدد حياة المواطنين لقربها من المناطق السكنية وتواجدها في قلب المساحات الزراعية وأيضًا بالقرب من الطرق العامة وعلى مستوى قريب جدا من سطح الأرض دون وضح تأمين فعلي يحمي أي مواطن يقترب منها أو تثبيت خامات عازلة للتيار الكهربائي.
كما وقعت كوارث فعليًا عايشت بعضها بالفعل وصعق مواطنين وماشية خلال السنوات الماضية لمجرد المرور فقط بالقرب من محول الكهرباء بعد حدوث ماس كهربائي أطلق التيار الكهربائي في الأرض في مساحة تزيد عن الخمسة أمتار في محيط المكان المخصص للمحول، كل ذلك يحدث وسط تجاهل من القطاعات التابع لها كل منطقة، فضلا عن انتظار المواطنين بالساعات حتى تستجيب الشركة وتفصل التيار وتصلح العطل رغم خطورة الحدث وربما يقضي على حياة العشرات من المواطنين لو مروا فقط من جوار المحول، الذي يتمركز بالفعل في مناطق خطرة على الطرق والأراضي الزراعية وداخل المجمعات السكنية.
صواعق كهربائية
محمد حسين أحد المواطنين القاطنين بعزبة الشركة في محافظة الفيوم، يقول إن محاولات الكهرباء غير مؤمنة نهائية والأسلاك مكشوفة ويصدر منها الشرر في بعض الأحيان، غير أنها قديمة ومتهالكة للغاية ولا تتناسب نهائية مع متطلبات القرية، موضحًا أن التيار الكهربائي ينفصل بشكل متفاوت غير ذبذب التيار وخاصة في فصل الصيف مع زيادة الحمل المطلوب مما يؤدي إلى تلف الأجهزة الكهربائية التي لم نعد نقدر على شرائها بعد حالة الغلاء المتزايد.
ويشير "حسين" إلى أن المحولات الكهربائية الموجودة عاصرتها منذ ولادتي أي قبل 30 عامًا دون أن يتم أي تغيير لها أو وضع حماية عليها إلا تغيير بعض الأجزاء المحترقة وتغيير التالف والمتهالك فقط.
أما مصطفى حسين، أحد المواطنين بعزبة الشركة أيضًا، يؤكد أن المحول الكهربائي موجود بالقرية في نفس مكانة على حدود الكتلة السكنية، إلا أن التوسع العمراني زحف نحوه بل وتخطاه وحاصره، فأصبح وسط التجمع السكاني دون أن تفكر شركة الكهرباء في نقله رغم وجود أسلاك عارية به وقريب من سطح الأرض ومعرض أن يصعق أي فرد وخاصة أنه غير مؤمن نهائيًا حتى أبوابه تآكلت من الصدى ولا توجد صيانة دورية عليه.
ويضيف "مصطفى" أن مرور الفنيين لمجرد إثبات حالة حتى العطل يقوم المواطنين بإصلاحه على نفقتهم الخاصة، لأنهم لا يجدون استجابة حقيقية من الشركة الأم وخاصة في القرى المتطرفة والبعيدة عن قلب المدينة.
لعنة الإهمال
وفي محافظة الشرقية، يقول عاشور عوض، أحد المواطنين بقرية الخطارة، إن الشركة ليس لدية أي نية للإصلاح أو تأمين حياة الموطنين من خطر الصعق الكهربائي، حتى أعمدة الإنارة متهالكة ولا تزودها أو تستبدلها بأخرى جديدة حتى لا تؤمن حياة المواطنين.
ويشير إلى أن هناك مواطنين وماشية أصيبوا بالصعق الكهربائي عندما تسرب ماسي كهربائي إلى المحول المتواجد بجوار مسجد القرية خلال المرور بجواره، ويؤكد أن هناك ماشية لقيت مصرعه فعليًا رغم أنها مصدر رزق للفلاحين، دون أي تعويض أو محاسبة المسئولين.
ويلفت إلى أن محول الكهرباء، غير مرتفع عن سطح الأرض ولا توجد أقفال على لوحة المفاتيح الخاصة بالمحول، غير أن المحسوبية والمحاباة سلبت حقوق المواطنين فتنقل المعدات والأجهزة الكهربائية الجديدة إلى عزب ومزارع رجال الأعمال المتواجدين في محيط القرية.
ضغط برلماني على الكهرباء
وفي هذا السياق، تقدم عدد من نواب البرلمان بطلبات إحاطة لوزير الكهرباء محمد شاكر، بسبب عدم وجود خطة واضحة لعمل صيانة لمحولات الكهرباء، رغم تهالك بعضها وعدم عمل إحلال وتجديد لها منذ سنوات.
وقال النائب حاتم عبد الحميد، إن محولات الكهرباء تعاني من مشاكل كبيرة ويجب إعادة صيانتها بالطريقة اللازمة حتى تتماشى مع الزيادة السكانية، ولا تتكرر مشاكل وأزمات الأعوام السابقة، لافتًا إلى أنه تقدم ببيان عاجل لرئيس البرلمان الدكتور علي عبدالعال، لسؤال وزير الكهرباء عن خطة الوزارة لصيانة المحولات الكهربائية بالمحافظات.
وطالب الحكومة بوضع جدول زمني وخطة واضحة المعالم لتنفيذ عمليات الإحلال والتجديد للمولدات والمغذيات الكهربائية، لافتًا إلى أن هناك مولدات ومحولات جديدة ستلقى نفس مصير المعدات القديمة إن لم يكن هناك صيانة دورية عليها ووضع خطة وجدول لمعالجتها.