الإثنين 29 ابريل 2024

هل نتعلم الدرس هذه المرة؟

مقالات6-2-2022 | 13:13

بالطبع ليس هناك ما هو أجمل من الفرحة التى غمرتنا بوصول المنتخب الأول لكرة القدم إلى نهائى الأمم الإفريقية، خاصة أن رحلة هذا المنتخب الذى غادر القاهرة متوجها إلى الكاميرون ودعايات الفشل تصحبه من جوف داره ومن منظومة إعلامية كانت طابورا خامسا وخنجراً ساماً للفريق فى غربته، بعد ان غلبتها العصبية المقيتة للون فانلة النادى وسط قصر نظر يرقى إلى الخيانة فى التعامل مع منتخب أغلب وجوهه تخوض أول منافسة دولية لها، وبالطبع نال كيروش النصيب الأكبر من الهجوم بعد أن أعلن مبكراً عن استقلاله عن الشللية وجماعات الضغط التى أصابت الوسط الرياضى بالتعفن والجمود.

 

وهنا لا يجب أن نتعامل مع مسيرة المنتخب مع كيروش على أنها مرحلة لها نهاية بل يجب أن تكون البداية، ففرحتنا بالمنتخب القومى ليس فى انتصاراته الإعجازية مقارنة بخبرة لاعبيه وفترة إعدادعم لخوض المنافسات، بل يجب أن تتحول فرحتنا إلى رغبة قوية لـ "مأسسة" ما حدث لتتحول التجربة إلى دستور عمل أو ثورة تصحيحية للوسط الكروى فى مصر بداية من إسقاط العصبية المقيتة للأندية مرورا بمراجعة وتفكيك جماعات الضغط الإعلامى التى تلونت واعتبرت أن مصلحة فريقها المفضل أكبر من مصلحة منتخب بلادها.

 

ولنبدأ من كيروش وأرجو أن يخبرنى أحد من يملك فى اتحاد الكرة من هو فى مثل خبرته الكبيرة حتى يخضع لحملة ضخمة وتدخل سافر فى اختصاصه الفنى ومن أيضا فى كل منظومة الإعلام الرياضى غير الحكيم مع كل أسف لكى يخضع كيروش للتقييم وأغلب من يديرون برامج النقد الرياضى كانوا أطفالا فى الوقت الذى كان فيه كيروش نجما تدريبيا يشار إليه بالبنان.. آن الأوان أن يمارس كل دوره وفق رصيد يؤهله إلى ذلك.

 

لم يكن إصرار كيروش على نهجه واختياراته نوعا من العند أو المكابرة والغرور بل كان إيمان منه بقيمته وترسيخا لمعنى الاحتراف الذى غاب عنا فلطالما كان المدير الفنى للمنتخب هو مجرد مندوب لإحدى جماعات الضغط التى كانت توجهه من خلف الكواليس فلما أبى كيروش أن يستجيب لذلك تعرض لما تعرض له.

من ناحية أخرى فإن مشاركة محمد صلاح للمنتخب هذه المرة ليست كسابقتها فى قدرته على إدارة زملائه ونقل خبرته الدولية إليهم دون أى ضوضاء والكل يتعجب ويتساءل لماذا نجحت قيادة محمد صلاح للفريق هذه المرة والإجابة بسيطة وهى أن المنتخب هذه المرة تمتع بالاستقلال التام عن جماعات الضغط المتعفنة وباتت الكفاءة هى بوابة الانضمام إلى المنتخب وباتت المهنية هى الحاكمة فاستقام كل شيء واستطاع صلاح أن يجد البيئة النقية لكى يمارس قيادة غابت عنه فى بطولات سابقة كان للمنتخب فيها أكثر من مدير فنى خفى وإن كان المعلن شخص واحد.

 

إن تفوق هذه التركيبة فى الكاميرون يدعونا إلى تعميمها والأخذ بعوامل نجاحها كبداية لطريق الإصلاح الرياضى فى مصر لنبتعد به قليلا عن سيطرة المال وشراء نجاحات وهمية عبر احتكار ابيض أو أحمر أفسد المنظومة كلها.

 

إن الفرحة هذه المرة نجاح فلسفة الجماعة وإنكار الذات واحتضان الكبير للصغير وإعطاء كل ذى قدر قدره..نجاح غابت عنه الأهواء والمكاسب الشخصية وهو ما انعكس على الفور فى مساندة شعبية جارفة لمسيرة المنتخب التى قررت أن تبث الأمل فى نفوس ظنت أن طريقها مغلق لارتداء فانلة المنتخب طالما أنها بعيدة عن المعسكرين الأبيض والأحمر حيث قتل هؤلاء الشباب الصغار كراهية التعصب وحاصروا المتعصبين ليخجلوا أمام أنانيتهم وزهوهم المزيف بانتصارات محلية مدفوعة الأجر تقوم على احتكار المواهب وشراء البطولات بمنع أسباب المنافسة الحقيقية عليها.

 

لقد اكتملت فرحتنا بالتجربة الرائدة لكيروش وصلاح ورفاقه أيا كانت نتيجة المباراة النهائية التى أظنها ستأتى تأكيدا لكل ما سبق بالنصر المبين لكن الفرحة الحقيقية أن نرسخ ما أثمرت عنه التجربة التى كان يرقبها البعض بعين المتربص لأى تعثر حتى ينقض عليها ليعيد دنيا التربيطات ولوبيهات النفوذ إياها للعمل مرة أخرى..جهدنا اليوم هو تعظيم التجربة وإعادة ترتيب البيت الرياضى والانتباه إلى كل من يستعمل مؤسسات الدولة لإرضاء هواه ولون فانلة فريقه ليسمو العمل القومى بعيدا عن صغائر المنافسات التى ما حصدنا منها إلا كل إحباط وتراجع.

Dr.Randa
Dr.Radwa