الأستاذ إبراهيم حجازي كاتب وصحفي ومفكر غير تقليدي، له أسلوب مختلف في معالجة الأمور دائما "خارج الصندوق" من قبل أن ينتشر بيننا هذا التعبير، كان يناقش قضايا الشباب والبطالة والمخدرات ويرى في الرياضة حلا جذريا لها، هو رئيس تحرير لأول مجلة رياضية شاملة صادفت نجاحًا غير مسبوق "الأهرام الرياضي".
نادىَ بإنشاء الملاعب والساحات الشعبية، وبالاهتمام بالرياضة في المدارس، وأهاب برجال الأعمال أن يرعوا هذه الإنشاءات ويتبنوا الموهوبين الصغار لنصنع منهم أبطال المستقبل الذين يرفعون رأس مصر في المحافل الدولية .. نصح بتكثيف زراعة أشجار البرتقال وثمار الفاكهة عامة في الشوارع بدلاً من أشجار الزينة .. تحمس لمشروع زراعة أشجار التوت وقدم دراسة جدوى عن استغلالها لإنتاج الحرير والمكاسب التي تصاحب التوسع في زراعتها.. استضاف كل مبتكر أو مخترع يبشر بالخير ليساعده في توصيل صوته للمسئولين وشق طريقه.
كثيرون غيري تناولوا إنجازاته واقتراحاته العديدة البنّاءة في شتى الأمور، وأنا بدوري أضيف ما رأيته بنفسي منه في المجال الفني وخاصة في مجال الشعر والكلمة المغناة، فقد تفضل باستضافتي في برنامجه "دائرة الضوء" لما يقرب من عشر حلقات، اهتم فيها بتناول أشعار والدي الشاعر حسين السيد، قدمنا معاً تحليلاً للأغاني وكيف كانت الكلمة بحق رسالة تهدف للرقي بالذوق العام، وكان من أشهر تعليقاته أن الأغنية المصرية في عصرها الذهبي رفعت المستمع لها وجعلته يتذوق المعاني ويردد القصائد الفصحى مهما كان مستوى تعليمه، وأن تعبير "الجمهور أو المستمع عايز كده" تعبير مغلوط وغير صحيح، ومن السذاجة أن ننصاع له.
كان اهتمام وتقدير الأستاذ إبراهيم حجازي لأشعار الوالد سببا مباشرا وحافزًا شجعني على جمع أعماله ونشرها في كتاب من جزأين أسميته "عاشق الروح"، وكانت وجهة نظره أننا لابد من تعريف الأجيال الشابة بعظماء مصر الذين شكلوا وجدانها وتركوا لها كنزًا من التراث الفني الذي يصعب تكراره.
هكذا كان دائما، مهتما بكل ما هو أصيل، غيورًا على ريادتنا المصرية في مجال الأغاني والأفلام السينمائية التي رأى فيها قوة مصر الناعمة والفولاذية في نفس الوقت، والتي توغلت بكل سهولة ويسر إلى قلوب الشعوب العربية، وجعلت لمصر مكانة مميزة ومتفردة فيها.
إبراهيم حجازي من الممكن تلخيص شخصيته باختصار بأنه "صاحب مبدأ" لم يتغير ولم يتلون، عينه دائما تبحث عن الإصلاح والتجديد للأفضل، تاريخه العسكري والوطني أسكن مصر دائما في قلبه، وجعلته يسعى كل السعي لما فيه رفعتها وخيرها.
"دائرة الضوء" العنوان الذي اختاره لمقاله الأسبوعي في جريدة الأهرام، وهو نفس عنوان برنامجه التليفزيوني الذي قدمه على قناة النهار لسنوات، عنوان شديد المصداقية يعبر عن أهدافه ونياته الصحفية والإعلامية التي تنشد تسليط الضوء على الحلول والمحاذير والإنجازات، تلك الدائرة لن يخفت ضوؤها أبدًا، وسوف تظل عمله الصالح الذي لن ينقطع وستظل مرتبطة باسمه الكريم نتذكره معها بكل الخير وندعو له دومًا بقدر ما عاش يغرس فينا بكلماته مفاهيم الخير والصلاح.
الأستاذ إبراهيم حجازي نموذج مشرف للالتزام المهني في أجلّ صوره، رحمه الله رحمة واسعة بقدر ما أسعد وساعد وأفاد الملايين.
مراجعة. حسين محمد .. الاحد 16 – 1 - 2022
أشرف
نشر في مجة الهلال عدد فبراير 2022