أكدت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أن تقرير «تمويل التنمية المستدامة في مصر» يُعد التقرير الأول من نوعه عالميًا، حيث يتم فقط إصدار تقرير عن حالة تمويل التنمية عالميًا؛ بينما لم يتم إصدار تقرير مشابه على المستوى الوطني.
وقد تم إعداد هذا التقرير تحت مظلة جامعة الدول العربية، حيث وقع الاختيار على مصر لتكون أولى الدول في إعداد هذا التقرير، لما لها من ريادة وثقل تنموي في المنطقة العربية؛ على أن يبدأ بعدها تعميم المشروع على عدد من الدول العربية، تمهيدًا لإعداد تقرير حول التمويل من أجل التنمية في المنطقة العربية.
جاء ذلك خلال كلمتها بجلسة إطلاق تقرير «تمويل التنمية المستدامة في مصر» المنعقدة ضمن فعاليات النسخة الرابعة من الأسبوع العربي للتنمية المستدامة تحت عنوان «معًا لتعافي مستدام».
وأوضحت أنه على الرغم من الإنجازات التنموية التي حققتها الدولة المصرية، على كافة الأصعدة، خلال الأعوام الماضية، وأبرزها نجاح المرحلة الأولى من البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، والتي أنطلقت في نوفمبر 2016، وما نتج عنه من استقرار لمؤشرات الاقتصاد الكلي، وكذا بدء تنفيذ البرنامج القومي الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصري، وما قامت به الحكومة المصرية من إطلاق حزمة تحفيز مالية شاملة، بشكل استباقي، بقيمة 100 مليار جنيه مصري (2٪ من الناتج المحلي الإجمالي)؛ للتخفيف من تأثير الأزمة وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية لدعم القطاعات الأكثر تأثرًا، وحماية الفئات الضعيفة، ودعم الفئات المتضررة وتعزيز الأنشطة الاقتصادية، إلا أن إشكالية توفير التمويل تظل تمثّل أحد التحديات الرئيسية التي تواجه مصر، كغيرها من دول العالم، في مسيرتها نحو تنفيذ أهداف التنمية المستدامة الأممية.
وأشارت السعيد إلى أن التقرير يتسم بالشمول حيث يعرض، في فصوله الثلاثة عشر، تحليلاً موضوعياً متعمقاً لمجموعة من قضايا التمويل من أجل التنمية والتي تؤثر بشكل ملموس في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الأممية، حيث يقدم التقرير مراجعة تحليلية لمختلف القطاعات التنموية والاقتصادية، وتأثيرها على وضع التنمية في مصر.
كما يساهم التقرير في إلقاء الضوء على جهود الدولة المصرية في تعبئة الموارد المالية وتنويعها لتمويل مشروعات التنمية المستدامة في الأعوام الأخيرة، مثل إنشاء صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية، وطرح السندات السيادية الخضراء، بالإضافة إلى طرح البدائل التمويلية والحلول المبتكرة لتمويل التنمية المستدامة وتحليل سبل تعظيم الاستفادة منها مثل: سندات التنمية المستدامة، والتمويل المختلط، وتمويل المناخ والاستثمار المؤثر Impact Investing، وكذلك التدفقات المالية الناتجة عن الشراكة بين القطاعين العام والخاص، كأحد أهم الآليات الواعدة فيما يخص تمويل التنمية في مصر، مؤكدة أن صياغة هذا التقرير قد بنيت على نتائج حوار مستمر يتسم بالشفافية مع مختلف شـركاء التنمية المحليين والدوليين، تأكيدًا وتعزيزاً للنهج التشاركي الذي تتبناه الحكومة في جهودها لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في مختلف القطاعات.
واستعرضت السعيد أبرز الجهود والمشروعات التي تتبناها وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية لتعزيز السياسات التمويلية المبتكرة والمستدامة، ومنها العمل على تحسين إدارة الاستثمار العام ورفع كفاءة الانفاق بما يعظم الاستفادة من الموارد المتاحة بالتوسّع في تطبيق "خطط وموازنات البرامج والأداء" ووضع الأطر التشريعية والمؤسسية التي تضمن نجاح التجربة؛ فمن الناحية التشريعية، تَبنَّى قانون التخطيط العام الجديد منهجية البرامج والأداء، ومن الناحية المُؤسّسية، تم إنشاء وحدة لخطة البرامج والأداء بوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية وأخرى بوزارة المالية، مع تعزيز قدرات العاملين في الدولة من خلال تنظيم 495 برنامجاً تدريبياً وورشة عمل استفاد منها 3725 مستفيداً.
وتطرقت بالحديث إلى رفع كفاءة الانفاق الاستثماري للدولة من خلال "المنظومة المتكاملة لإعداد ومتابعة الخطة الاستثمارية" والتي تُمثل نقلة نوعية في عملية إعداد ومتابعة الخطة الاستثمارية من خلال الربط الالكتروني، ومن خلال مكوّنات المنظومة الثلاثة (إعداد الخطة؛ والاعتمادات الإضافية والمناقلات؛ والمتابعة المكتبية والميدانية)، ويتم تمكين جهات الإسناد من التقدُّم بمُقترحات الخطة الاستثمارية السنوية ومتابعة المشروعات وطلب الاعتمادات الإضافية والمناقلات بشكلٍ إليكتروني من خلال المنظومة. وقد قامت الوزارة ببناء القدرات وتأهيل الكوادر اللازمة من خلال تدريب جِهات الإسناد على مستوى الجمهورية على كيفية استخدام مكوّنات المنظومة الثلاث، إلى جانب استحداث "مُعادلة تمويلية" لضمان التوزيع العادل للاستثمارات العامة على مستوى المحافظات، يأخذ في الاعتبار معالجة الفجوات التنموية بين المحافظات المصرية، في ضوء معايير ومُؤشّرات اقتصادية واجتماعية موضوعية تَضمن تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
وأشارت السعيد إلى الربط بين الخطة الاستثمارية السنوية للدولة المصرية والأهداف الأممية: لتقييم وتحليل حجم الاستثمارات الموجهة لتحقيق الأهداف الأممية، وما ينتج عنه من اكتشاف فرص استثمارية جديدة ورفع كفاءة توجيه الاستثمارات بحيث تكون بناءًا على الفجوات والأولويات الاستثمارية التي يتم تحديدها. وتناولت السعيد بالحديث مشروع استراتيجية تمويل أهداف التنمية المستدامة في مصر بالتعاون مع صندوق أهداف التنمية المستدامة المشترك (SDG Joint Fund): والذي يهدف إلى إتاحة وتحديد تكلفة تحقيق كل من رؤية مصر 2030 والأهداف الأممية للتنمية المستدامة،