من المهم أن نسأل أنفسنا.. «ماذا لو» لم تحقق مصر ملحمة البناء والتنمية والإنجازات والنجاحات وامتلاك القوة والقدرة الشاملة والمؤثرة خلال الـ٧ سنوات الماضية.. هل كانت ستقف فى مواجهة جائحة كورونا التى كانت ومازالت اختباراً قاسياً.. نجحنا خلالها فى تحقيق معدل نمو ضمن دول محدودة فى العالم.. وماذا لو؟ لم تكن هذه القدرة الشاملة والمؤثرة حاضرة الآن فى ظل احتمالية نشوب الحرب بين معسكرى أمريكا وأوروبا من ناحية وروسيا وحلفائها من ناحية أخرى فى ظل التوقعات بحدوث تداعيات خطيرة على العالم.
فى العديد من المجالات والقطاعات والاقتصاد والطاقة والاحتياجات الأساسية.. اعتقد ان مصر تقف على أرض صلبة فى كل الاحتمالات سواء على صعيد قرارها الوطنى أو على توفير احتياجات شعبها دون نقص أو عجز واستمرار مسيرة البناء والتنمية بنفس الوتيرة وحماية أمننا القومى بأعلى درجات الكفاءة والثقة.. قوة مصر وقدرتها التى حققتها خلال الـ٧ سنوات مكنتها من عبور الجوائح والأزمات الدولية.. وجنبتها العوز والعجز والاحتياج.
إن أعظم الأمور هو استشراف المستقبل.. والعمل على تحصين الأوطان من كل المخاطر والتهديدات
حلِّق بخيالك.. واسأل نفسك.. واقرأ المشهد بتدبر لتصل إلى نتيجة مهمة للغاية وسؤال يفرض نفسه بقوة فى ظل المعطيات والمتغيرات الحادة والعنيفة على صعيد المشهد الدولى.. ماذا لو لم تعمل مصر على امتلاك القوة والقدرة الشاملة والمؤثرة خلال السبع سنوات الماضية؟.. وماذا كان موقفها عندما تقع فى علم الاحتمالات معركة تكسير العظام بين القوى الكبرى وتأزم المشهد الإقليمى وبزوغ الصراعات فى بعض دول المنطقة من جديد واحتمالية تدهور الأوضاع فى ظل معطيات جديدة ايضاً وتطورات خطيرة فى المشهد الإقليمى.
السؤال من جديد إذا لم تكن مصر استعدت جيداً على كافة المستويات وامتلكت القوة والقدرة الشاملة والإرادة والقرار المستقل والوقوف على أرض صلبة.. والتخطيط العبقرى الذى استشرف المستقبل واستعدت له مبكرا بحسابات دقيقة لكل صغيرة وكبيرة تدخل فى مضمونها الاحتياجات الأساسية للمواطن المصرى والطاقة والكهرباء والغاز ومشروعات الأمن الغذائى العملاقة.. فربما تتأثر بعض الشىء فى بعض المجالات كسائر دول العالم لكن لن تتضرر بالشكل الذى يجعلك فى محنة اذا وقعت المواجهة المحتملة بين معسكر أمريكا وأوروبا من ناحية والمعسكر الروسى من ناحية أخرى.. ربما تتأثر لكن لن تتورط لأنك تمتلك الإرادة أن تحدد موقفك، لا أنت مع هذا ولا مع ذاك ولن تستطيع أى قوة أن تفرض عليك السير فى ركابها أو الخضوع لابتزاز بعض القوى.. لكن الرئيس عبدالفتاح السيسى وبفضل إنجازاته التاريخية فى بناء مصر وسياسات مصر وثوابتها الشريفة أصبحت عمود المنطقة وصاحبة كلمة وقرار.
الحقيقة أن هناك قبل أكثر من سبع سنوات من امتلك الرؤية الاستشرافية للمستقبل.. والطموح لبناء الدولة الحديثة ذات القوة والقدرة.. ذات القرار والسياسة، ذات الاكتفاء والاستغناء إلى حد غير مسبوق.
التحركات المصرية على الساحة الدولية خلال الـ٧ سنوات الماضية تكشف بوضوح عن رؤية عبقرية أفضت إلى أن مصر دولة عظيمة ومحورية تملك أسباب ومكونات القوة والندية.. مصالح مع الجميع طالما أن هناك قاعدة من الاحترام المتبادل واحترام القرار والسيادة الوطنية وعدم التدخل فى الشئون الداخلية.. وعدم ممارسة الوصاية أو محاولة فرض إملاءات.. لمن يدير ظهره لنا.. العالم أوسع مما نتخيل ولا نبالى.
علاقات مصر مع الولايات المتحدة ومع الدول الأوروبية ومع الصين ومع روسيا.. علاقات استراتيجية تجسد شراكات عميقة وثرية فى كافة المجالات تعكس الحرص على المصالح المصرية.. فالقاهرة لا تعرف سياسة الأحلاف أو المعسكرات.. تتمتع بعلاقات قوية وباحترام وندية مع الجميع لتحقيق المصالح المشتركة وأيضا تحقيق آمال وتطلعات الشعوب.
الرئيس السيسى خلال الفترة الأخيرة قام بالعديد من الزيارات الخارجية والاستقبالات واللقاءات لكبار المسئولين الدوليين ورؤساء الدول فى القاهرة.. تعكس هذه اللقاءات وبعمق مضمون السياسة المصرية على الصعيد الدولى.. فزيارة الرئيس للصين ثم فرنسا.. ثم الاتحاد الأوروبى وخلالهما استقباله لوزيرة الخارجية الألمانية وقبل ذلك الرئيسين الجزائرى والسنغالى وزيارة الإمارات واستقباله لرئيس كوريا الجنوبية والرئيس الفلسطينى.. ما أريد أن أقوله وأؤكد عليه أن علاقات مصر الدولية متنوعة ومتعددة وتسير فى جميع الاتجاهات هدفها المصالح المصرية مع احترام ثوابتها وتوجهاتها وسياساتها.
جوهر ومضمون ما أتحدث عنه هو إذا وقع الصدام.. وحدثت المواجهة بين أمريكا وأوروبا من ناحية.. وروسيا من ناحية أخرى بسبب الأزمة الأوكرانية بطبيعة الحال هناك تداعيات ونتائج قاسية على العالم على مستوى الأمن والاقتصاد واستقرار العالم.. وكل دولة سوف تتأثر بنسب معينة.. لذلك هنا السؤال لو أن مصر لم تنجز قدراً كبيراً من مشروعها الوطنى فى البناء والتنمية والتقدم، وامتلاك القوة والقدرة.. ماذا كانت ستفعل فى حال وقوع الحرب المحتملة كما يتوقع الخبراء وتلميحات وإشارات مستشار الأمن القومى الأمريكى وأيضاً فى ظل المعطيات على الجبهة الأوكرانية والحشد غير المحدود على الحدود الروسية بترسانة الأسلحة الفتاكة.
ربما يتبادر للذهن ما هى خيارات مصر فى هذه الحالة؟ الإجابة إن علاقات مصر المتوازنة والهادئة والقوية مع الجميع تشير إلى أننا لسنا مع طرف على حساب طرف.. ولسنا مع هذا أو ذاك.. ولكننا فقط نبحث عن مصالح مصر.. ونجتهد قدر استطاعتنا لنزع فتيل الحرب أو الأزمة.
والسؤال المهم أيضاً ما هى الأضرار التى ستلحق بالمنطقة فى حال نشوب الحرب.. وما هو مدى تأثر مصر فى حالة وقوع المواجهة من أهم النتائج التى يخشى وقوعها للمنطقة هو وجود حالة من الفراغ الدولى فى المنطقة.. وهو ما قد يؤدى إلى حالة من التوهم لدى بعض القوى التى تتبنى سياسات الأطماع والأوهام والتوترات ان تقدم على سلوكيات عدوانية تستهدف بعض القوى التى تبدو محدودة.. وكذلك إشعال مناطق التوترات والأزمات وتصعيدها تنفيذا لأطماعها وتدخلاتها فى المشهد الإقليمى.
الآثار الاقتصادية لامحالة ستكون على الجميع ولكن أيضاً بنسب وأن أكثر الدول تضرراً هى دول المنطقة وإفريقيا وسوف ترتفع أسعار الطاقة والقمح والمواد الخام وربما تجد الدول صعوبة فى الحصول عليها.
فى الحالة المصرية.. سيكون هناك تأثير لكن مصر على الصعيد السياسى تتخذ القرار الذى يتسق ويتفق مع مصالحها باستقلالية ونجحت مصر فى توصيل رسالة للجميع وكافة القوى الدولية أن علاقتها مع أى طرف ليست بديلاً لعلاقتها مع الطرف الآخر.. فعلاقاتها مع الصين وروسيا ليست بديلا لعلاقاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا.. ولعل زيارة الرئيس السيسى للصين ثم فرنسا والاتحاد الأوروبى جاءت ترسخ لمبدأ على أرض الواقع وفلسفة العلاقات المصرية الدولية.. ومصر أيضا لها شراكات وتعاون فى العديد من المجالات.. وعلاقات دول مع الجميع سواء الصين وأمريكا وأوروبا والاتحاد الأوروبى وروسيا.. إذن مواقفنا واضحة.. لكن مصالحنا هدف استراتيجى لا نفرط فيه على الإطلاق.
وعلى مستوى الاحتياجات الأساسية فمصر لها رؤية استشرافية عميقة.. مخزونها الاستراتيجى من احتياطى السلع يصل إلى ٦ أشهر بالإضافة إلى التوسع فى إقامة المخازن الإستراتيجية العملاقة فى المحافظات وهى أيضا على مقربة من موسم حصاد القمح فى مصر وبالتالى لن تكون هناك أزمة فى ذلك رغم أن مصر تستورد جزءاً كبيراً من أوكرانيا يصل إلى 3 ملايين طن و8.9 مليون طن من روسيا.. لكن مصر واعية تماماً ومتحسبة وجاهزة لكل الاحتمالات من خلال فكر واستشراف للواقع والمستقبل وأيضا جاء التوقيت وموسم الحصاد ليضفى مزيدا من الاطمئنان بالإضافة إلى التوسع فى استصلاح وزراعة ملايين الأفدنة.
من هنا يجب إن ندرك خطورة ما نقدم عليه من سلوكيات ضارة بالمصلحة العامة وبالثروة القومية من الأراضى الخصبة من خلال التعديات على أجود الأراضى فى العالم أو البناء العشوائى وغير المخطط عليها.. وهو ما كان وما زال الرئيس السيسى يتحدث عنه ويحذر منه وتواجه الحكومة هذه الظاهرة بإجراءات صارمة وحاسمة.
الحقيقة إن «جائحة كورونا» رغم أضرارها وتداعياتها إلا أنها منحتنا الثقة فى أنفسنا وما أنجزناه خلال الـ7 سنوات الماضية فى مختلف المجالات والقطاعات خاصة فى مجال المشروعات القومية فى الأمن الغذائى من استصلاح وزراعة ملايين الأفدنة لتوفير احتياجات المصريين من المحاصيل والخضر.. وسوف تضيف الزراعات الجديدة فى سيناء والدلتا الجديدة وتوشكى وشرق العوينات ملايين الأفدنة بالإضافة إلى المشروع القومى للصوب الزراعية 100 ألف صوبة بما يعادل مليون فدان من الزراعات التقليدية والمشروعات العملاقة فى المزارع السمكية وأيضا فى مجال الثروة الحيوانية من خلال مزارع عملاقة وشاملة بالإضافة إلى تعظيم الاهتمام بالثروة الداجنة.. بالإضافة الى مشروعات الطاقة فى مجال الاكتشافات البترولية والغاز وتطوير البنية التحتية فى المنشآت البترولية ومنشآت الطاقة وتوفير الاكتفاء الذاتى من الاحتياجات من الكهرباء والتصدير عبر الربط الكهربائى مع العديد من الدول والمشروعات العملاقة فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة مثل محطة «بنبان» فى أسوان الأكبر فى العالم لتوليد الكهرباء من الشمس.. إذن نحن أنجزنا تجربة ملهمة خلال السبع سنوات الماضية فى كافة المجالات والقطاعات ونقف على أرض صلبة.. بل ان مصر من الدول المحدودة فى العالم التى حققت نمواً خلال جائحة كورونا وهو ما يجعلنا نثق فى أنفسنا عند مواجهة أى أزمة دولية أو عالمية حتى لو كانت الحرب بين القوى الكبرى فى العالم.. بطبيعة الحال بفضل ملحمة الـ٧ سنوات ستكون التأثيرات السلبية علينا أقل بكثير من دول كثيرة فى العالم ويمكننا التعامل معها.
لكن الأزمات دائماً تولد الأفكار والحلول وترسخ الوعى والحذر.. ونتعلم من الدروس والأخطاء.. ما لا يمكن أن نقدم على حماية التعديات على الأراضى الزراعية لأنها ثروة الوطن وصمام الأمان للمواطن.. وأيضا لابد أن نعمل ونعمل حتى نحقق المزيد والمزيد من الإنجازات التى توفر احتياجاتنا وتغنينا عن سؤال الصديق والشقيق واللئيم.
امتلاك مصر القوة والقدرة وتحصينها من آثار الجوائح والأزمات وتداعيات الحروب والصراعات الدولية وتوفير احتياجات شعبها الرئيسية وإقامة المشروعات العملاقة فى كل المجالات والقطاعات هو من قبيل القدر الرحيم بمصر الذى هيأ لها قائداً وطنياً شريفاً امتلك الرؤية والحكمة والإرادة واستشراف المستقبل فأصبحت فى مأمن من الخطر أيا كان نوعه.. تملك حق الاختيار ولا تخضع ولا تركع ومحصنة ضد أى نوع من الابتزاز أو السير فى قطيع التبعية ولكن حباها المولى عز وجل بفضيلة الندية.. والعلاقات الدولية غير المشروطة.. فالجميع يعرف هذا عن مصر ولا أحد يستطيع ان يحدثها فيما يخالف ثوابتها وقناعاتها.
دعوة لكل مواطن مصرى أن يطرح السؤال على نفسه «ماذا لو لم» نحقق كل هذه الإنجازات والنجاحات العظيمة خلال الـ7 سنوات.. ماذا كان موقفنا فى ظل جائحة كورونا.. والمواجهة المحتملة بين معسكرى أمريكا والغرب وروسيا وحلفائها هى دعوة للفخر والاعتزاز والثقة بما حققناه.. دعوة من كل مصرى شريف أن يوجه التحية والتقدير لقيادة سياسية تاريخية جاءت بها الأقدار لتحقق «الإنقاذ والإنجاز».. وهو أقرب ما يكون إلى الإعجاز.
ليست كلمات من أجل الإشادة والتحية فحسب ولكن دعوة صادقة لبناء وعى حقيقى يمنحنا الثقة فى أنفسنا.. ويطرد عنا شرور الأكاذيب والتشويه.
تحيا مصر