تحقيق ـ صديق العيسوي
مسلسل إهدار المال العام داخل الهيئة القومية لسكك حديد مصر عرض مستمر، رغم محاولات وزير النقل الدكتور هشام عرفات إنقاذ الهيئة من عثراتها، إلا أن عددا من قيادات الصف الأول بالسكة الحديد يرفضون ذلك ويقفون عقبة ضد أي محاولات تهدف لتحويل الهيئة من مؤسسة خاسرة إلى رابحة، حتى وصل الأمر إلى إفشال مخطط التطوير الذى تعتزم وزارة النقل تنفيذه خلال الأيام المقبلة.
وفى الوقت الذى تهتم فيه الحكومة بالحفاظ على المال العام وعدم تعرضه للسرقات والنهب والقضاء على الفساد والمحسوبية ، نجد المسئولين بالسكة الحديد وفى مقدمتهم رئيس الهيئة اللواء مدحت شوشة يتجاهل كل ذلك ويأمر بصرف أكثر من مليون جنيه كمبالغ "غير مستحقه" لمئات العاملين بأحد الإدارات التابعة للهيئة فى مخالفة صريحه للوائح والقوانيين .
بداية الحكاية
بتاريخ 28 فبراير 2017 ، أرسلت الإدارة المركزية للفحص بالسكة الحديد خطابا إلى رئيس مجلس ادارة الهيئة تطالبه بالموافقة على صرف الفروق المالية بين الأجر الشامل والأجر الكامل للعاملين بالإدارة فيما يتعلق بصرف بدل العطلات والراحات "تطبيقا لقرار مجلس المديرين رقم 1454 بتاريخ 22 يناير 2017"، حيث جاء به يصرف للعاملين بطوائف التشغيل ومن تستدعى طبيعة عملهم بدل راحات وعطلات على جميع ما يتقاضاه العامل شهريا ، فأحال رئيس مجلس الإدارة الموضوع برمته إلى نائب رئيس مجلس الإدارة للشئون المالية ، فأرسل بدوره مذكرة توضيحية إلى رئيس الهيئة ونائب رئيس الهيئة لقطاع الموارد البشرية ، والتى حصلت بوابة "الهلال اليوم" على نسخه منها ، والتى قال فيها " أن مجلس المديرين قد وافق على صرف عطلات وراحات فى 11 يناير 2004 لمفتشى الحسابات "إيرادات" فقط وفى حدود 25% من إجمالى مفتشي الإيردات وليس جميع العاملين بالتفتيش المالي آنذك وبموافقة مسبقة من النائب المختص أو من ينوب عنه ، وأنه نظرا لتطبيق الهيكلة بالهيئة فى اكتوبر 2008 والتى ألغت العمل بالإدارة العامة للتفتيش المالي باختصاصاته السابقة واستحداث الإدارة المركزية للفحص المالي والتى تتبع مباشرة رئيس مجلس الإدارة وينصب عملها فى الأساس لفحص ما يستجد بالعرض عليها سواء من رئيس الهيئة أو الجهات تبعا للمشكلات المستجدة لديها ويطلب الفحص لها .
وأوضح نائب رئيس الهيئة للشئون المالية حسنى عبدالله فى خطابه الذى أرسله لنائب الهيئة للموارد البشرية فرج محمود، أنه قد عرض على مجلس المديرين بتاريخ 7 مارس 2010 طلبا بزيادة طبيعة العمل للعاملين بالإدارة المركزية للفحص "طبيعة عمل التشغيل" وقد قرر مجلس المديرين إرجاء النظر فى الموضوع لحين إعداد الدراسة حتى تاريخه، كما صدر قرار مجلس المديرين بجلسته رقم 1274 بتاريخ 2012 بعدم الموافقة على ضم مفتشي الإدارة المركزية للفحص والمشرفين بها إلى طوائف التشغيل .
نائب المالية: مفتشو الفحص ليسوا من طوائف التشغيل
فى خطابه لنائب الموارد البشرية ، أكد حسنى عبدالله نائب رئيس الهيئة للشئون المالية أن الإدارة المركزية للفحص نظام التشغيل بها مركزي طبقا للهيكلة وليست من طوائف التشغيل بالهيئة والتى يحق لها الصرف طبقا للقرارات الصادرة بذلك الا بموافقة مسبقه وبقرار من مجلس المديرين وفى حدود التعليمات والقرارات والكتب الدورية ، حيث أن الكتاب الدوري رقم 2 لسنه 2013 الصادر من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة قد أكد على أن يتم منح العامل بدل راحة أو مقابل نقدى وفي أضيق الحدود وبما لا يجاوزه 5% من عدد العاملين بالوحدة .
وأوضح الخطاب الذى حصلت "الهلال اليوم" على نسخه منه ، أنه لم يصدر قرار من مجلس المديرين بأحقية هذه الإدارة فى صرف عطلات من عدمه ووفقا للوصف الوظيفي لهذه الإدارة بعد الهيكلة وليس موافقة رئيس الهيئة فقط ، وأفاد قطاع الموارد البشرية بخطابه رقم 28/51/26 بتاريخ 2 مايو 2017 ، والذى أفاد بأنه حتى تاريخه لم تصدر أى قرارات من مجلس المديرين بضم العاملين بالإدارة المركزية للفحص ضمن طوائف التشغيل بالهيئة.
مخالفات الصرف واهدار المال العام
قال نائب الهيئة للشون المالية فى خطابه، أنه قد تم صرف عطلات للإدارة المركزية للفحص بنسبة 95% من العاملين بدون اعتماد السلطة المختصة وبالمخالفة لقرار مجلس المديرين الصادر فى 11 يناير 2004 وكذلك قرار مجلس المديرين بتاريخ 30 يوليو 2012 ودون سند قانوني أو اعتماد السلطة المختصة، وطالب نائب المالية من نائب الموارد البشرية مراجعة كل المبالغ التى تم صرفها للعاملين بالإدارة المركزية للفحص سواء "عطلات-طبيعة عمل-أجر إضافي-بدل وجبة رمضان" وجميعها خاصة بطوائف التشغيل وردها مع مراعاة التقادم الخمس ومسائلة المتسبب فى عملية الصرف بالمخالفة لما تقدم ويعتبر هذا إهدارا للمال العام.
إدارة التحقيقات تكشف اهدار أموال الهيئة
وقد أوضحت التحقيقات التى أجرتها الإدارة المركزية للشئون القانونية مع عدد من الموظفين بالإدارة العامة للإستحقاقات والمزايا ، والتى أوضحت فى مجملها على عدم استحقاق العاملين بالإدارة المركزية للفحص على بدل العطلات عن أيام الاجازات والراحات وأنهم لا ينتمون لطوائف التشغيل ، وكذلك لا يحق لهم صرف الأجر الإضافي وبدل وجبة إفطار شهر رمضان التي قدرت بـ200 جنيه لكل مفتش.
وأوصت التحقيقات بعد سماع أقوال الموظفين أنه بالنظر إلى الوقائع محل التحقيق وما أحاط بها من سياج حدد ملامحها أنه يدور حول صرف العاملين بالإدارة المركزية للفحص لبدل نقدى عن أيام العطلات وبدل طبيعة عمل نسبة 90% من الأجر الأساسي وأجر إضافى بحد أقصى 300 جنيه وبدل وجبة رمضان بواقع 200 جنيه بالمخالفة لقرار مجلس المديرين رقم 1274 بتاريخ 30 يوليو 2012 والمتضمن عدم الموافقة على ضم مفتشي الإدارة المركزية للفحص والمشرفين بها إلى طوائف التشغيل قد استبان ممن سمعت أقوالهم أن العاملين بالإدارة المركزية للفحص لا ينتمون لطوائف التشغيل ولا يستحقون بدل العطلات عن أيام الاجازات والراحات.
رئيس الهيئة يرفض تحويل المخالفات للنيابة الإدارية
فى واقعة غريبة ، وبعد توصيات الشئون القانونية وإدارة التحقيقات بتحويل الموضوع إلى النيابة الإدارية لاتخاذ اللازم قانونا عملا بنص المادة 60 من قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 ، تجاهل رئيس هيئة السكك الحديدية اللواء مدحت شوشة نتيجة تلك التحقيقات ولازالت مذكرة التحقيقات حبيسة الأدراج حتى تاريخه.
شوشة يخالف القانون ويهدر أموال الهيئة
ولم يكتف رئيس الهيئة مدحت شوشة بحفظ التحقيقات فى الواقعة بل خالف اللوائح والقوانين وأمر بصرف بدل نقدى عن أيام العطلات وبدل طبيعة عمل نسبة 90% من الأجر الأساسي وأجر اضافى بحد أقصى 300 جنيه وبدل وجبة رمضان بواقع 200 جنيه لمفتشى الإدارة المركزية للفحص بالمخالفة لقرار مجلس المديرين.