الأربعاء 26 يونيو 2024

فى "الصدمة".. الإيجابية والمواقف الإنسانية تكسب

4-7-2017 | 22:45

كتبت: شيماء أبو النصر

خلال شهر رمضان الماضى عايشنا الموسم الثاني من برنامج «الصدمة » الذى تعتمد فكرته على طرح مواقف مختلفة يتعرض لها الناس وقياس ردود أفعالهم تجاه هذه المواقف، وفي
الغالب هى ليست مواقف عادية يمر بها الإنسان بشكل يومي، وهو ينفذ ويسجل في نحو 10 دول عربية منها الإمارات والسعودية ولبنان ومصر والعراق، وقد لاقت فكرة البرنامج
استحسان ملايين المشاهدين عبر الوطن العربى، وهو ما عبرت عنه مواقع تسجيل المشاهدات عبر شبكة الإنترنت، رغم غرابة الفكرة وخروجها عن صندوق برامج المقالب التى
أصبحت موضة تسعى وراءها وتتنافس عليها الفضائيات المختلفة.

حالف القائمون على البرنامج الحظ فى اختيار اسم برنامجهم "الصدمة" والتى يشعر بها المشاركون فى البرنامج دون معرفتهم إثر تعرضهم لمواقف تستفز مبادئهم وأخلاقهم وضمائرهم، ومن أمثلة الحلقات التى تم عرضها فى الموسم الأول التطفل والفضول وكيفة التصرف فى مواجهة من يحاول التلصص واختراق خصوصيتك، بينما تناولت حلقة أخرى كيفية التعامل مع المريض بالتلعثم والصدمة التى تعرض لها أحد المارة عندما رأى شخصا يسخر من متعلثم، وكيف كان رد فعله تجاهه، وفى حلقة أخرى تم التركيز على فكرة الأمانة من خلال موقف يظهر ردود أفعال الناس عند حدوث خطأ فى حساب "الكاشير" لصالحهم هل سيعيدون النقود أم لا؟ بينما استهدفت إحدى حلقات البرنامج رد الفعل عند رؤية طفلة تبكى للحصول على لعبة بينما يبدو مظاهر الفقر على والدتها، هل سيكتفى المارة بمشاهدة الموقف فقط أم يمكن أن يشترى أحد اللعبة للطفلة، لكن كيف سيكون الحال عندما تفاجأ وأنت تجلس فى مكان عام بأم تحاول إقناع ابنتها القاصر بالزواج من ثرى فى عمر أبيها، هل ستتدخل لإقناع الأم برفض الفكرة أم ستكتف بالمشاهدة فقط أم ستتجاهل الموقف بأكمله، وكيف سيكون ردة الفعل عندما تجد ابنا يهين والده فى الشارع هل ستتدخل لإنقاذ الأب من عقوق ولده أم لا؟ الملاحظ فى كل هذه المواقف غير العادية أنها تثير ردود الفعل المختلفة تجاه المشاركين فى مواجهة الموقف الصدمة كما تستفز مشاعر المشاهد نفسه ليطرح على نفسه هذا السؤال "ماذا لو كنت فى هذا الموقف وكيف سأتصرف؟.

سلاح ذو حدين

تقول د. نيرمين خضر، أستاذ الإعلام الدولى بجامعة القاهرة، إن برامج المواقف التى يتم تقديمها من خلال قياس ردود فعل الجمهور إزاء موقف إنساني معين تحتاج إلى درجة كبيرة من الوعى الثقافى والفكرى فى صياغتها وتنفيذها وعرضها لأنها تخاطب جمهورا يتمتع بدرجة عالية من الوعى، وبرنامج الصدمة يعتمد على تمثيل موقف "سيمى دراما" كما أن توقيت عرضه مناسب جدا مع طبيعة شهر رمضان الذى تزداد فيه النزعة الروحية والقيم الأخلاقية والإنسانية لدى الناس، حيث يركز البرنامج على استفزاز القيم النبيلة وردود الأفعال الإيجابية بداخل المواطنين بعيدا عن السلبية، لكن هذه النوعية من البرامج سلاح ذو حدين حيث تحتاج إلى صياغة دقيقة وواضحة حتى لا يصاب المشاهد بالتشتت ويفقد البرنامج رسالتة الإعلامية.

وأضافت: تسجيل وعرض البرنامج فى أكثر من دولة عربية يجب أن يراعى فيه الأعراف الاجتماعية والخصوصية الثقافية واللغة والعادات والتقاليد التى قد تتشابه فى أشياء وتختلف فى أخرى، فالمجتمعات العربية رغم وجود قواسم مشتركة بينها إلا أن هناك مجموعة كبيرة من الفروق التى يجب مراعاتها، وبشكل عام فالبرنامج يقدم رسالة إعلامية جيدة تحث بشكل سلس على مراعاة مشاعر الآخرين، وبث روح الإيجابية، ونقد سلبيات المجتمع بعيدا عن أسلوب الوعظ المباشر، وهو بذلك يختلف كليا عن برامج المقالب التى تتسم بالركاكة والسطحية وتقدم الكذب والخداع والتضليل والإهانات من أجل الضحك.

ضوابط إعلامية

وأكدت أنه يجب وضع تصنيف الفئة العمرية لكل برنامج فلا يصح أبدا أن أقدم برامج المقالب فى زروة أوقات المشاهدة وهى ساعة الإفطار التى يجتمع فيها كل أفراد الأسرة خاصة الأطفال الذين يقبلون على مشاهدة هذه البرامج ما يؤدي إلى غرس أفكار سلبية لديهم عن الكذب والتضليل والخداع وأنه مباح لتحقيق الهدف النهائى وهى السخرية من الضيف والإيقاع به ثم يفاجأ بوصلات من الإهانات والاشتباكات بالأيدى التى كلما زدات زاد نجاح الحلقة وتضاعفت أعداد مشاهداتها على اليوتيوب ما يجعل النشء يقبل على تقليد هذه المقالب كلما أمكن له ذلك.

وتابعت: أناشد المجلس والهيئات المنوط بها تنظيم الصحافة والإعلام بوضع ضوابط حاكمة للرسالة الإعلامية، وترسيخ المسئولية الاجتماعية فى العمل الإعلامى القائم على المهنية، وأنا متفائلة بقدرة تلك الهيئات على القيام بهذا الدور على الوجه الأكمل، وقد أثبت الإعلام القومى مرارا أنه الأكثر التزاما بالمهنية حيث إنه بعيد عن أهداف الربح وحسابات الإعلانات لكنه يحتاج إلى الكثير من التطوير والتدريب وإعادة توجيه الموارد بداخله فمن خلال عملى بلجنة الرصد الإعلامى للانتخابات البرلمانية فى 2015 كان الإعلام القومى الأكثر التزاما بينما كانت معظم التجاوزات من نصيب القنوات الخاصة.

 

من جانبه أكد د. جمال فرويز استشارى الطب النفسى بالأكاديمية الطبية أن برنامج "الصدمة" يمثل إعلاما يهدف إلى تقديم رسالة تعتمد على الوازع النفسى للإنسان، ويسعى لنشر الإيجابية بعيدا عن ركاكة وسطحية برامج المقالب التى تمتلئ بها شاشات الفضائيات والتى تسعى فقط للحصول على الإعلانات حتى لو كان الأمر "مقلب" يتبادل المشاركون فيه الإهانات.

وأضاف: ما زالت الشخصية المصرية تحتفظ بجوانب الخير والإيجابية وهو ما يظهر فى مواقف البرنامج والحياة بشكل عام حيث يحرص كثير من الناس على إنقاذ من يتعرض للخطر ولا يترددون فى تقديم يد العون والمساعدة لمن يحتاج إليهم رغم ما مرت به طوال أربعين عاما من محاولات لتغيير أخلاقها وقيمها، وأوضح أن القائمين على برنامج الصدمة وغيرها من البرامج التى تقدم فى أكثر من دولة عربية يجب عليهم مراعاة الاختلافات بين الثقافات النهرية والصحراوية عند صياغة مواقفهم الإنسانية حتى تحقق الهدف منها وهو وضع كل منا أمام مرآة أخلاقياته وضميره.