في الوقت الذي يسعى فيه الأدباء إلى كسب عيشهم عن طريق العمل بالوظائف والمهن المختلفة التي ليس لها علاقة بالأدب، للمحافظة على حياتهم الأدبية ومواصلة الكتابة الإبداعية، تأتي منح التفرغ والتي تقدمها وزارة الثقافة للمبدعين،- وإن كان يشوبها بعض الانتقادات- كقطرة غيث وطوق نجاة التي يتشبث به الكثير من الأدباء لتحقيق مشارعيهم الأدبية وسط حالة من شبه الاستقرار المادي .
وكان الكاتب الكبير توفيق الحكيم هو أول كاتب مصري يحصل من الدولة على منحة التفرغ، بمعنى "الأديب الذي لا يزاول شيئا آخر غير الأدب"، ومع ذلك ظل توفيق الحكيم يحتفظ بعزة الأدب وكرامته ويفرض على الدولة بأسلوبه الخاص أن ترعاه أديبا، فتحمى الأدب للأدب وليس لأي شيء آخر .
جاء تفرغ توفيق الحكيم للأدب عندما كان الكاتب الكبير طه حسين وزيرا للمعارف، وإيمانا منه بدور "الحكيم" الأدبي أصدر طه حسين قرارًا بتعيين توفيق الحكيم مديرا لدار الكتب، وهو منصب شرفي كبير قليل الأعباء، مما يمكن الحكيم من ممارسة دوره الإبداعي .
ولكن ما إن قامت ثورة يوليو وتولى اسماعيل قباني وزارة المعارف حتى أقال "توفيق الحكيم" من منصبه بحجة "عدم الإنتاج"، الأمر الذي أغضب جمال عبد الناصر حتى تدخل شخصيا وأحرج وزيره إحراجا كبيرا وطالبه بالاستقالة فاستقال وما لبث عبد الناصر حتى قلد "الحكيم" قلادة النيل .
جاء تفرغ توفيق الحكيم رسميا للأدب عندما أنشىء المجلس الأعلى للفنون والآداب عام 1955 وعين فيه توفيق الحكيم عضوا متفرغا .
وحتى بعد أن أحيل الحكيم إلى المعاش عام 1960 عين عضوا بمجلس إدارة مؤسسة الأهرام ولكن جاء تعديل قانون الصحافة بما يحظر الإدارة على من تجاوز الستين فأعيد تعيينه كاتبا متفرغا بمؤسسة الأهرام .
وقبل وفاته منحه الرئيس السادات قلادة النيل والتي بموجبها أقيمت له جنازة عسكرية.