السبت 20 ابريل 2024

وما إدراك ما أزمات العراق

مقالات22-2-2022 | 21:05

العراق بلد الحضارات وبلاد وادي الرافدين ومنشأ القانون وحمورابي، في الماضي، وفي التاريخ الحديث والمعاصر يعيش على أطلال هذا كله.

لم يبق سوى الاسم، فالعراق منذ تأسيسه كدولة 1920 على أساس التوافق بين مكوناته الذين جمعتهم مصالح الدول الكبرى آنذاك أصبح بلدا للشقاق والنفاق كما قال الحجاج بن يوسف الثقفي قبل قرون (أهل العراق أهل الشقاق والنفاق) فهل كان حجاج على صواب أم أخطأ تقدير أهل العلم والحضارة؟ أظن أننا بمرور الزمن عرفنا ما كان يقصده.

اليوم؛ العراق لا يجمعه سوى الخلافات والتشرذم وكل طرف في منطقة نفوذه، الكل يدعي الوطنية ويتهم الآخر بالعمالة لأطراف خارجية أو علاقات مع الكيان الصهيوني، والكل يحاول تبرئة ذمته على حساب الآخر.

في عهد النظام البائد كنا مجتمعين على كلمة واحدة رغم اختلاف الآراء والتوجهات، وهي إسقاط النظام، وسقط النظام فتنفسنا الصعداء وقلنا ستكون لنا دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية ونختار من يحكمنا، ونقدم من هو الأصلح ونبني بلدنا من أجل أن نعيش كباقي شعوب العالم الحرة في الدول الديمقراطية.

كنا متفقين ومتعاونين عندما كانت جبال كردستان تحتضن الجميع وأبناء القرى و الأرياف الكردستانية تقاسم لقمة عيشها مع الجميع عندما كانوا يعارضون النظام من أجل غد أفضل، كردستان قالت كلمتها بأنها تحتضن الخيرين من أجل غد مشرق، يعيش أبناء العراق في أمان و سلام، وجاء الغد وسقط النظام الذي كان سببا في وحدتنا لكن لم نر آفاقا بتحقيق حلمنا ولم نر العراق كما أردنا وحلمنا به.

لم نر العراق الذي لا يفرق بين هذا و ذلك، لم نر عراقا يتفق الجميع على مصلحته، لم نبق على اتفاق ووفاق، بعد كل ذلك تناسوا كردستان وأصبح هذا الجزء من العراق بين ليلة وضحاها من المغضوب عليهم، لأنه بنى مؤسسات ديمقراطية رغم المصائب والمصاعب، وازدهرت وأصبحت تضاهي المدن العالمية من حيث التقدم والبناء.

اتهموا الكرد بالانفصالية رغم أن للشعب الكردي له الحق في دولته الخاصة كبقية الأمم وقد دافعوا وضحوا من أجل العراق وعمليات الأنظمة السابقة خير دليل على كلامنا من استعمال الغازات الكيمياوية والأنفال و التهجير القسري والتغيير الديمغرافي.

رغم كل ذلك كان الكرد أول من وافق على الدستور الدائم للعراق في العام 2005 ليكون العراق بلدا حرا ديمقراطيا فيدراليا يحافظ على هويته العراقية، يتهمون الكرد بالتعاون مع الكيان الصهيوني والكرد أول من حرر القدس الشريف وساند ولا يزال الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق وإقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف، بينما العلاقات بين دول عربية وإسرائيل يعرفها الكافة.

هناك من يعادي الكرد بأجندات خارجية، بالأمس القريب شاهدنا استبعاد أكفأ وأنسب شخص لرئاسة الجمهورية بحجج وهمية لا أساس لها وغير قانونية، وهى عدم توافر حسن السمعة، رغم برنامجه الساعي لجعل منصب الرئيس قويا وليس شرفيا، ورغم أن حكما أو قرارا قضائيا واحدا لم يصدر بحقه.

هل أصبح قدر العراقيين أن يكونوا متشرذمين دون اتفاق؟ هل السبب العراقيون أنفسهم أم أجندات وإملاءات أجنبية تفرض عليهم؟ هل العراق بحاجة إلى نظام ديكتاتوري كي يوحد الخيرين أم أن الديمقراطية بضاعة لا يفهمها العراقيون؟

كردستان العراق رغم كل الظروف وحتى الفساد الموجود والذي لا نستطيع إنكاره، أصبحت الآن واحة من الاستقرار والتقدم العمراني وبناء المؤسسات، وبفضل توجهات الزعيم مسعود بارزاني أصبحت مهدا للوئام والعيش المشترك والتأخي بين جميع مكوناتها القومية و الدينية و المذهبية المختلفة، بل واحة للاستقرار لكافة أبناء العراق بشهادتهم وشهادة السفراء والقناصل، والكثير من المسؤولين الذين يعادون كردستان يسكنون فيها بسلام وأمان ناهيك عن الملايين من النازحين.

ورغم كل هذا العبء الثقيل فحكومة إقليم كردستان بشخص رئيسها مسرور بارزاني تسعى جاهدة في تقديم أفضل الخدمات والقضاء على الفساد، وخلال فترة العامين الماضين تم إنجاز العديد من الأعمال وبناء علاقات خارجية وبالأخص مع المحيط العربي.

إن الواجب الوطني يتطلب من الجميع إعادة النظر في مواقفهم ونبذ الخلافات الشخصية والحزبية و المذهبية لبناء عراق ديمقراطي فيدرالي تعددي حسب الدستور الدائم، و إلا فالعواقب ستكون وخيمة.