بدأت روسيا عملياتها العسكرية صباح اليوم على أوكرانيا في حلقة جديدة من حلقات الصراع بين الطرفين والممتد منذ عقود، حيث أكد الكرملين أن كلمة "احتلال" لا تنطبق على العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وأن الهدف الرئيسي منها هو تجريد أوكرانيا من السلاح وإضعاف إمكاناتها العسكرية.

وحتما ستؤدي حرب روسيا وأوكرانيا إلى تداعيات عالمية على كل الأطراف من بينها تهديد السلم والأمن في أوروبا والعالم وكذلك إعادة تشكيل القوى الدولية، وفقا لتصريحات خبراء في العلاقات الدولية موضحين أنه من الصعب توقع سيناريوهات الحرب بين روسيا وأوكرانيا وأن الأمر يرتبط بعدة عوامل من بينها العقوبات الدولية على روسيا.

وأعلن الجيش الأوكراني، اليوم، إسقاط سابع طائرة عسكرية روسية، موضحا: "نجحت القوات المشتركة في إسقاط طائرة أخرى تابعة للقوات الجوية الروسية في منطقة لوهانسك، وهذه هي الطائرة السابعة التي تنجح وحدات الدفاع الجوي الأوكرانية في إسقاطها اليوم"، فيما أعلن المتحدث الصحفي للرئاسة الروسية (الكرملين) دميتري بيسكوف أن الرئيس فلادمير بوتين وحده من يحدد مدة العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.

وفي المقابل أدان حلف شمال الأطلسي "بشدة" قرار روسيا الاعتراف بجمهوريتي /دونيتسك/ و/لوجانسك/ الشعبيتين، وقال عنه إنه "ينتهك سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، ويتعارض مع اتفاقيات مينسك التي وقعت عليها روسيا".

 

تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا

وفي هذا السياق، قال الدكتور نبيل رشوان، الخبير في الشئون الروسية، إنّ حرب روسيا وأوكرانيا ليست بين دولتين صغيرتين أو حرب إقليمية صغيرة، بل أنها تشارك فيها روسيا من جانب وحلف الناتو الذي يضم أوروبا والولايات المتحدة وكندا من جانب آخر، وبينهما أوكرانيا، وبالتالي فهي عملية صعبة ومعقدة وسيكون لها تداعيات عالمية ضخمة.

وأوضح رشوان في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن أبرز التداعيات الواضحة حتى الآن هو أسعار النفط حيث تجاوزت عالميًا حاجز الـ100 دولار للبرميل، موضحا أن الحرب تهدد الأمن والسلم في أوروبا والعالم أجمع فهي تقع في وسط أوروبا بالضبط وسيكون لها تأثيرا كبيرا على العالم ومن بينه روسيا التي من المتوقع أن يفرض الغرب عقوبات على موسكو.

وأشار إلى أنه غير واضح حتى الآن ما هي تلك العقوبات وكيف سيكون تأثيرها على روسيا وعلى الغرب ف الوقت ذاته، مؤكدا أنه لم يتضح حجم العملية العسكرية حتى الآن، فالجانب الروسي يؤكد أنه يستهدف البنى التحتية للجيش الأوكراني فقط وليس الهدف الاجتياح الكامل أو الاحتلال والاستقرار من أجل الاستيلاء على دولة.

وأكد أن روسيا تقوم حاليا بعملية تدمير البنى التحتية وتعجيز الجيش الأوكراني عن الدفاع أو الرد على تلك العمليات، مشيرا إلى أنه لا يمكن التوقع بسيناريوهات تلك الحرب والأمور مفتوحة حتى الآن لأنه لم يتضح حجم العقوبات التي ستفرض بلا شك على روسيا وهل ستكون رادعة أم لا.

وشدد الخبير في الشأن الروسي على أن خطورة تلك الحرب في إطالة أمدها، لأنها ستكون عنصر استقطاب لمقاتلين من أماكن مختلفة، فبعض الأنباء تواتر أن هناك مقاتلين من كوسوفو التي كانت تابعة ليوغوسلافيا يريدون أن يقاتلوا في صفوف الجيش الأوكراني، كما أن الجيش الأوكراني لم يعبئ بعد قواته.

وأشار إلى أن إطالة أمد الحرب ليس في صالح روسيا أو أوكرانيا أو العالم أجمع، لأنها بلد في وسط أوروبا تقريبا وعندما تشهد حرب كرف وفر وحروب عصابات ستكون تداعياتها في غاية الصعوبة.

إعادة تشكيل القوى الدولية

ومن جانبه، قال الدكتور أشرف سنجر، أستاذ العلاقات الدولية وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن الحرب الروسية على أوكرانيا تهدد الأمن الأوروبي، حيث تقف روسيا في وجه حلف الناتو الذي يضم نحو 30 دولة بإنفاق دفاعي يقدر بـ1200 مليار دولار، في مقابل روسيا التي تنفق 66 مليار دولار، مؤكدا أن حلف الناتو قوة اقتصادية وعسكرية كبيرة في مقابل روسيا.

وأكد سنجر، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن القوة النووية لا تعطي ميزات يمكن الارتكان عليها لأنه إذا استخدمت دولة السلاح النووي ستلجأ باقي الدول للدخول في حرب نووية ضروس، موضحا أن الحرب الروسية الأوكرانية سيكون لها تداعيات كبيرة منها إعادة تشكيل القوى الدولية إذا نجحت روسيا والصين في فرض إرادتهما ليقودا النظام الدولي.

وأشار إلى أنه إذا نجحت العقوبات الاقتصادية القاسية وخنق روسيا واستخدام حلف الأطلنطي أوكرانيا لسحب الدب الروسي لعمليات مؤلمة داخل كييف لكسر إرادة بوتين سيكون الأمر مختلفا، مشددا على أن الرئيس الروسي لن يدخل إلى العاصمة الأوكرانية كييف ولكنه استخدم الصواريخ الدقيقة لاستهداف التجمعات العسكرية الأوكرانية.

ولفت إلى أن شكل النظام الدولي يترقب الأمر، فالصين قالت اليوم إنها لا ترى ما قام به بوتين في أوكرانيا يمثل اعتداءا على القانون الدولي، بل هو حق مشروع في الدفاع عن الأقلية الروسية الموجودة في الجمهوريتين الشعبيتين المستقلتان، موضحا أن سيناريوهات تلك الحرب توضح أنه من الصعب استخدام السلاح النووي ومن الصعب أن تحتل روسيا أوكرانيا كاملة.

وأضاف أشرف سنجر أنه من المتوقع أن تكون هناك مقاومة إذا ما دخلت الدبابات والجنود وما تم اليوم مازالت عمليات محدودة لكن بوتين يستشعر أنه حقق انتصارا معنويا بالتعبئة الكبيرة التي قام بها.