السبت 18 مايو 2024

«الجامع الأزهر» يحتضن فن الخط العربي

الجامع الأزهر

دين ودنيا24-2-2022 | 19:52

نعمات مدحت

أبيض كوجه القمر، صفحة من الزمان تذخر بإبداعات تسر الناظرين، أبوابه الثمانية روافد للخير ينهل منها الوافدون، يقصده المريدون من كل مكان، لا يهدأون حتى تهوى إليه قلوبهم وتستقر فيه أرواحهم.

صحن الجامع الأزهر الشريف، واحة  للعلم والفن، تفيض على جنباته النفائس، وبين جدرانه العتيقة احتمت لوحات «الخطاطون الجدد»، لتستقر روائع الخط العربي والزخرفة في بيتها «الجامع الأزهر»، معانقةً إرثًا مبدعًا ولد من عبق التاريخ. 

من مختلف دول العالم، كان المبدعون على موعد مع ملتقى الأزهر للخط العربي، المقام بالجامع الأزهر، لتشكل أعمالهم الفنية من خطوط ونقوش وألوان لؤلؤًا منثورًا على طول أروقته، ولإيمان الأزهر الشريف بفن الخط العربي، وأنه وجهًا من أوجه الفن الإسلامي الذي وجد طريقه في الإبداع؛ أفرد له ملتقى كل عام، يدعو إليه جميع الفنانين من كل صوب، كما دأب منذ القدم على استعماله في تزيين محاربه وقبابه وتيجان أعمدته ومآذنه.

وسط كل هذه الأجواء الساحرة؛ شهد «ملتقى الأزهر للخط العربي» منذ انطلاقه، تواجدًا جماهيريًا كثيفًا، فتوافد المئات من محبي فن الخط العربي، من المصريين والأجانب، لمشاهدة اللوحات المشاركة بالملتقى والاستمتاع بما فيها من فنيات راقية تعكس النواحي الجمالية للخط العربي، لنخبة من أهم وأكبر الفنانين من أكثر من خمسين دولة حول العالم، والمشاركون بأكثر من 350 عمل، كما ينظم الملتقى منذ انطلاقه حتى  اختتامه أكثر من 20 ورشة عمل لتعليم فن الخط العربي، علمًا بأن النسخة الحالية هي الثانية من ملتقى الأزهر الشريف للخط العربي، وكانت النسخة الأولى التي أقيمت في العام 2019، قد حققت نجاحًا كبيرًا بعد أن نالت استحسان الكثيرين من محبي هذا الفن الراقي.

 ولعل من أبرز الأعمال التي شهدها الملتقى هذا العام، هي مخطوطة «الوثيقة الإنسانية»، التي خطها الفنان المصري شرين عبد الحليم، الملقب بطائر الخط العربي، إيمانًا منه بأن الوثيقة والفن بينهما معانٍ مشتركة، لطالما يجد الفنان راحته وواحته في رحاب تلك المعاني.

كما شهدت لوحة الفنان المصري محمد إبراهيم مؤسس مدرسة تحسين الخطوط بالإسكندرية وكبير الخطاطين في مصر، إقبالا كبيرا من الزوار الذين وقفوا مشدوهين أمام لوحته، التي خطها بيده للقرآن الكريم  كاملا، مستغرقا في إعدادها 6 أشهر حتى انتهى من إنجازها، وذلك على لوحة ورقية صغيرة لا تزيد مساحتها على عشرات السنتيمترات.

بينما أشاد الزوار من محبي فن الزخرفة والخط العربي بلوحة الفنانة الإيطالية "أنتونيلا ليوني" معبرين عن إعجابهم الشديد بجمالها وما احتوته من فنيات زخرفية وجمالية راقية، وكانت المفارقة أن اللوحة تعرض رسما زخرفيا مميزا لواحدة من أهم الأحداث الإسلامية وهي قصة "الإسراء والمعراج"، متناولة وصفا دقيقا وإبداعيا للعديد من مراحل هذا الحدث الإسلامي الهام.

واهتم الزوار على اقتناء عددا من اللوحات المعروضة، التي جذبت الوانها وخطوطها انتباههم و حازت على إعجابهم، ومنها لوحة "شرقيات" لقوميسير الملتقى، الفنان اسماعيل عبده، التي أكد فيها أن النقطة هي بداية الخط، و أن الخط هو بداية الكلمة والكلمة سبقت الحضارة، فكانت هي النور الذي يضيء لها الطريق عبر الأزمان، وجسدت اللوحة  تكوينات حروفية بالخط الديواني، طبقات بعضها فوق بعض يتخللها شفافية الحرف، وانطلاق اللون من بداية النقطة في صعود إلى مساحة صماء.

هذا هو الجامع  الأزهر، كان ولازال  إلى اليوم قائماً شامخاً، تتحدى مآذنه الزمان، وتصل هامات علمائه السحاب، قبلة العلم وواحة الفن في الخط والزخرفة والعمارة، صادعاً بالحق داعيا إليه ما بقيت جدرانه ومآذنه.

الاكثر قراءة