جاءت تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم بشأن زواج القاصرات وخطورته، لتعيد الأنظار لهذه الظاهرة وتداعياتها الخطيرة على الفتاة خاصة والأسرة والمجتمع عامة، حيث تعمل الدولة على التصدي لهذه المشكلة من خلال مجموعة من الإجراءات من بينها التوعية وتغليظ العقوبة على من يقوم بذلك بجانب تحرك عدد من أعضاء مجلس النواب لإعداد تشريع يجرم زواج القاصرات.
وأكد الرئيس السيسي في كلمته اليوم خلال إطلاق المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية أن هناك من يقومون بتزويج الفتيات القاصرات، متسائلا: هل ذلك يرضي الله سبحانه وتعالى، وهل هذا حلال، ونحن نردد أننا شعب متدين بالفطرة؟ فهل من الصحيح تزويج بنت في الـ15 من عمرها، لتواجه أمورا صعبة ليرتاح ذويها من مسئوليتها؟".
وأضاف، "فأنا كأب أحرم نفسي من الطعام وكل شىء ولا أفعل ذلك ببناتي"، مضيفا: "عندما نطلب من الناس أن يقوموا بتزويج أبنائهم في سن مناسبة، فنحن لا نضيق عليهم، ولكننا نخشى عليهم لأننا نعلم نتيجة ذلك الفعل جيدا، وقلت مرارا "من يفهم أكثر يتعذب أكثر، أما من لا يفهم يرتاح أكثر".
خطورة زواج القاصرات
وفي هذا السياق، قال الدكتور وليد هندي، استشاري الطب النفسي، إن زواج القاصرات هو اغتصاب مقنن واغتيال لبراءة الأطفال وحقهم في الاستمتاع بالحياة، وهو ظاهرة منتشرة في مصر، فالإحصاءات الرسمية من واقع المسح السكاني عام 2005 يقول إن مصر بها 14% من الزوجات أطفال في عمر ما دون الـ15 عاما، فمصر كان بها 300 حالة زواج أطفال يوميا حتى وقت قريب تسجل في الشهر العقاري.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه يتم يوميا رصد حالات لزواج القاصرات يوميا فهناك فتاة في الإسكندرية تزوجت من عامل عرفيا، وكذلك في الجيزة تم القبض على أب يزور شهادة لابنته القاصر 12 عاما بغرض زواجها، مشددا على أن أسباب زواج القاصرات عديدة منها أسباب اقتصادية واجتماعية واعتقادات دينية بشأن ستر الفتاة وأنه لم يحدد الإسلام سنا معينا للزواج.
وأكد هندي أن الرئيس السيسي خلال كلمته اليوم في احتفالية إطلاق المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية وضع يده على المشكلة وآثار هذ الزواج على الفتاة، مضيفا أن زواج الفتاة في سن صغيرة يؤدي لانخفاض في مفهومها نحو ذاتها حيث يؤدي إلى أنها تحمل بأعباء ومسئولية البيت والزوج ومن في سنها يلعب.
وأشار إلى أنه في بعض الأحيان تحدث آثارا نفسية لا تقل عن الاغتصاب مما يترتب عليه الانحراف وممارسة البغاء، وكذلك يؤدي إلى ارتفاع نسبة التسرب من التعليم والطلاق المبكر مما قد يؤدي إلى التشرد للأطفال نتاج هذا الزواج في كثير من الأحيان، موضحا أن الفتاة في سن صغيرة تحتاج إلى من يرعاها ولا يكون لديها أي استعداد نفسي لرعاية أسرة من زوج وأطفال.
وشدد على أن الفتاة بعد الزواج المبكر تكون أيضا فريسة للطامعين في حالة طلاقها، كما أنه تفتقر لثقافة رعاية الطفل وتغذيته والتعامل مع نفسها أيضا في مراحل الحمل كما أن جسدها يكون غير مكتمل بشكل يساعدها على الحمل سواء من حيث البنية وقوة العمود الفقري وغير ذلك مما يجعلها أكثر عرضة لتسمم الحمل.
سبل مواجهة زواج القاصرات
ولفت استشاري الطب النفسي إلى أن مصر بها 5 آلاف حالة وفاة سنويا بسبب زواج الأطفال، كما أن الزواج المبكر يؤدي أيضا إلى مشكلات أخرى مثل البطالة وارتفاع نسبة المرأة المعيلة، كما أنها عندما تكبر تعيد إنتاج السلوك حيث تقوم بتزويج أطفالها صغارا حتى تتخلص من مسئولياتهم، مشددا على ضرورة توعية المجتمع بهذه المشكلة عبر مواد إعلامية ودرامية وفنية.
وطالب أيضا بضرورة التوعية الدينية من قبل رجال الدين في خطب الجمعة في المساجد وكذلك في الكنائس واستخدام الأدلة والمعلومات بشأن خطورة هذا الزواج، وكذلك تفعيل دور الجمعيات والمجتمع المدني لتوعية الأهالي وتقديم الرعاية اللازمة، مشددا على أهمية أيضا رعاية الأطفال الذين تزوجوا بالفعل مبكرا.
كما دعا إلى إجراء دراسة مسحية لتحديد الأماكن الأكثر في حالات زواج الأطفال والتواصل مع القيادات الشعبية مثل العمدة أو كبير العائلة ومناقشته لتغيير المفاهيم المجتمعية والثقافية لدى الأشخاص، مشددا على أهمية تجريم القانون لزواج الأطفال على كل الأطراف حتى المأذون والشهود على العقد.
عقوبة زواج القاصرات في القانون
ونص القانون المصري في المادة رقم 227، فقرة 1 من قانون العقوبات، على أنه يُعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد عن ثلاثمائة جنيه، كل من أبدى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونا لضبط عقد الزواج، أقوالا يعلم أنها غير صحيحة، أو حرر أو قدم لها أوراقا كذلك، متى ضبط عقد الزواج على أساس هذه الأقوال أو الأوراق.