الخميس 23 مايو 2024

من آن لآخر

مقالات28-2-2022 | 21:59

فى اعتقادى أن اطلاق المشروع القومى لتنمية الاسرة هو وقفة صادقة مع النفس.. وخطوة حتمية وادراك من دولة تسابق الزمن لبناء دولة حديثة وتوفير احتياجات شعبها وتحقيق آماله وتطلعاته فى حياة كريمة وحياة ذات جودة عالية وخدمات بأعلى مستوي.. فقد بات النمو السكانى المنفلت يشكل خطراً داهماً على الحاضر والمستقبل.. ويؤدى إلى تآكل جهود التنمية.. لكن فى نفس الوقت نجاح المشروع مسئولية تشاركية بين الدولة والشعب.. والوعى الشعبى يفرق كثيراً فى تحقيق الأهداف ونجاح المشروع.. ولابد ان يدرك المواطن حقيقة وأسباب ما يعانيه حتى يأخذ الأمور على مأخذ الجد وتحمل المسئولية والاهتمام والتوقف عن ثقافات ومعتقدات وموروثات تتعارض مع الزمن والمنطق ومصلحة الإنسان والأوطان.


الحقيقة أننا كشعب نتحمل الجزء الكبير من تفاقم الأزمة السكانية بسبب غياب الوعى بخطورة كثرة الإنجاب مع محدودية موارد وامكانيات الدولة.. وهى المعادلة المختلة التى اصابت كل الخدمات بالوهن وتسببت فى حالة من عدم الرضا الشعبى لدرجة وصلت إلى الخصومة مع الدولة كادت تدمر كل شيء فى يناير 2011.. لذلك لابد أن يعى المواطن ويدرك أنه الجانى وليس الضحية.. والآن ومنذ 7 سنوات الدولة تسابق الزمن من أجله.. فعليه أن يتضامن ويعى ويفهم.

 رسائل مهمة من احتفالية اطلاق المشروع القومى لتنمية الأسرة.. شفافية بلا حدود من أجل أن نبنى ونحقق أهدافنا وتطلعاتنا فالمسئولية تشاركية بين الدولة والشعب.. والرئيس 
لا يتوقف عن الكلام فى قضية الزيادة السكانية وهو ما لم يقدم عليه أى رئيس سابق.. لأنه آن الأوان أن نواجه أنفسنا ونصلح أحوالنا.. ونستكمل البناء على أسس صحيحة
  
 مصارحة بلا حدود
 أعظم ما فى الرئيس عبدالفتاح السيسى هو حرصه الشديد على الحديث مع الشعب المصرى بكل وضوح وصراحة وشفافية. لا يجمل ولا يزين.. بل يتحدث بلسان الواقع، وربما يكون الواقع قاسيًا. لكن الرئيس السيسى لديه إرادة صلبة وقوية على تجاوز كل الصعاب والتحديات لكنه ينشد فقط استيقاظ وعى المواطن وإدراكه وفهمه للتحديات التى تواجه مصر.. مع تحمل المواطن نصيبه من المسئولية فى أشياء ومجالات كثيرة.. فالرئيس يرى أن مصير ومستقبل وتقدم الأوطان هو مسئولية تشاركية ما بين القائمين على الدولة وجموع الشعب.. وإذا أخل أى طرف بدوره فإن المعادلة تصاب بالاختلال.
الرئيس السيسى بالأمس تحدث فى مناسبة تعد مفصلية ومحورية فى مسيرة الدولة المصرية نحو التنمية والتقدم وتحقيق الطموحات والآمال والتطلعات وإصلاح ما خلفه الماضى من غياب للوعى وعدم تحمل للمسئولية.. تحدث الرئيس بالأمس بكل وضوح وشفافية وكشف النقاب عن عوامل وقضايا وملفات كثيرة تشمل تحديا كبيرا فى طريقنا ومسيرتنا.. أجاب بكل وضوح وبشكل مباشر على أسباب تراجعنا ومعاناتنا.. وعدم وصول الخدمات كما ينشدها المواطن.. وأسباب تراجع التعليم والصحة والدخل بالنسبة للمواطن.. وربما تتلخص كل التفاصيل فى عدم التوازن بين قدرة وموارد الدولة.. وعدد وتعداد سكانها الذى فاق مواردها وإمكانياتها رغم جهود التنمية والبناء الهائلة وغير المسبوقة والتى تسابق الزمن على مدار 7 سنوات.


قبل الخوض فى الحديث.. قفز إلى ذهنى بيت شعر للإمام الشافعى ربما يفسر أوضاعنا وأحوالنا وعدم إدراكنا ووعينا بتحدياتنا وخطورة إهمالها وعدم التعامل معها.. أتحدث هنا كشعب وليس كسلطة وحكومة، فالإمام الشافعى يقول: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا.. وأريد أن أستبدل زماننا بحالنا لأقول: «نعيب حالنا والعيب فينا، وما لحالنا عيب سوانا» هذه هى الحقيقة فريما ونحن نعيش ونعانى من النقص والعيش وتراجع الخدمة.. لم نفكر ما هى أسباب ذلك ولماذا هذا يحدث.. والإجابة للأسف الشديد إذا ما وعينا وفهمنا تدين سلوكياتنا وتصرفاتنا وأفعالنا كمواطنين.. فالزيادة السكانية المنفلتة وغير الطبيعية تفوق وتتجاوز قدرات الدولة فأصبحت الدولة عاجزة عن تقديم الخدمات بشكل يحقق رضا المواطن.


هناك وسائل كثيرة.. وقضايا عديدة طرحهــا الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال احتفالية إطلاق المشروع القومى لتنمية الأسرة واعتبرها الرئيس «المشروع القومى لتنمية الدولة المصرية» على اعتبار أن الحد من النمو السكانى المنفلت الذى بات تهديدا خطيرا والوصول به إلى المعدلات المطلوبة والمتوازنة من موارد وقدرات الدولة هو بالفعل مفتاح التقدم والحياة الكريمة للمواطن وتحقيق الرضا الشعبى الكامل.


الحقيقة التى يجب أن نعيها أن إمكانياتنا وقدراتنا لا تتوازن مع النمو السكانى المنفلت وسريع الإيقاع.. فإذا قلنا إن إنجاب 2.5 مليون مولود سنويا يترتب عليه احتياجات أساسية وحتمية جديدة تتكلف ميزانيات ضخمة، الدولة مجبرة على توفيرها لكن ربما قدراتها ومواردها لا تسمح.. فهذه الزيادة تحتاج سنويا إلى 20 مليار جنيه لبناء 40 ألف فصل دراسى جديد هذا غير المدرسين وأطراف العملية التعليمية ومستلزماتها وهذا بند واحد فقط.. فهناك المستشفيات والأطباء والتمريض، وهناك أيضًا السكن والخدمات والمياه والصرف الصحى والبنية التحتية فمن أين للدولة طاقة بكل هذا.. ومن أين تأتى بالميزانيات الضخمة فى كل هذه الظروف بالغة التعقيد على المستويين الدولى والإقليمى وأيضًا الجوائح والأهم على مستوى إمكانيات وموارد وقدرات الدولة.


الزيادة السكانية المنفلتة التى تمضى بوتيرة أسرع مما نتوقع.. فتعداد مصر تضاعف 5 مرات منذ عام 1950.. وبالتالى أصبح مستوى التعليم يشهد تراجعا وضعفا كبيرا وللأسف الشديد.. فإن الأسر وأولياء الأمور والتلاميذ يتحاربون من أجل الغش وبالتالى إفراز خريج ضعيف يحصل على مجرد شهادة أو ورقة لا تحمل أى معنى أو مقومات مجرد برواز على الحائط، الرئيس ساق مثالا على تأثير الزيادة السكانية السلبى على التعليم ففى إطار سعى الدولة الدءوب لتوفير فرص عمل للشباب وأن هناك دولاً تحتاج عمالة خاصة فى مجال البرمجيات والرواتب تتراوح ما بين 20 ألف دولار أو 30 ألف دولار وهو يعمل فى بيته مع الشركات الدولية والعالمية وقررت الدولة تدريب وتأهيل الشباب أو الخريجين من كليات الحاسب الآلى وتكنولوجيا المعلومات لمدة عام ونصف العام ويتكلف الخريج الواحد 30 ألف دولار على أن يكون اجتياز الاختبارات شرطا للقبول للتدريب والتأهيل تقدم 300 ألف خريج لم ينجح منهم سوى 111 فقط وهذا أمر كارثى يكشف عن المستوى الحقيقى للتعليم فى مصر. فى ظل الزيادة السكانية وأيضا الثقافة الراسخة لدى الأسر المصرية وتطبيقا لمقولة المهم الشهادة دون النظر إلى سوق العمل واكتساب المهارات والعلم المواكب للتطور فى أسواق العمل المحلية والعالمية.


مصر منذ 2014 أى أكثر من 7 سنوات زادت 14 مليون نسمة.. وهذا ربما يكون تعداد مجموعة من الدول دفعة واحدة وهو ما يشكل عبئاً كبيراً على الموارد والقدرات الخاصة بالدولة المصرية.. والبعض يتحدث فى الداخل والخارج عن حقوق الإنسان رغم أن الدولة لديها عقيدة كاملة بأهمية حقوق الإنسان والعمل عليها لكن لا أحد يفهم قضيتنا بالمعنى الصحيح.. لم يصل لتفاصيل أحوالنا وظروفنا وقدراتنا، فالرئيس خلال وجوده فى العاصمة البلجيكية بروكسل التقى الكثير من المسئولين، ناقش هذا الأمر مع الكثيرين.. وسأل أحد المسئولين كم يبلغ الناتج القومى لديكم، أجاب 500 مليار دولار.. وكم عدد السكان أجاب 10 ملايين نسمة.. هنا تستطيع الدولة أن تقدم الخدمات لمواطنيها بأعلى مستوى وتحقق الرضا الشعبى الكامل لأن قدرات وموارد الدولة تفوق بكثير تعداد سكانها.. أما فى مصر فالناتج المحلى 400 مليار دولار على 100 مليون مواطن وربما أكثر وهو ما يعكس أن الزيادة السكانية تتفوق على موارد وقدرات الدولة وأن الرقم الحقيقى الذى يحتاجه شعب قوامه 100 مليون مواطن هو 6 تريليونات دولار حتى يتحقق مستوى الخدمة عالى الجودة فى كل المجالات وحتى يصل المواطن إلى حالة الرضا الكامل فحقوق الإنسان لا تتحقق بالشكل المطلوب فى ظل عدم القدرة.. رغم أن الدولة لديها قناعة وإيمان كامل وجهود متواصلة للوصول إلى أعلى مستويات حقوق الإنسان.


الرئيس السيسى أيضًا قال إنه تم عرض أعداد المرضى الذين ينتظرون «فى قوائم الانتظار» فقالوا 7 آلاف وأوصلها الرئيس السيسى حتى لو 200 ألف أو أكثر نحن نعمل إذ أنجزنا مليوناً و60 ألف مريض ولن تنتهى الأرقام.. انها الزيادة السكانية المفرطة وغير المسئولة والمنفلتة تؤثر سلبا على جميع مناحى حياتنا.. وتؤخرنا وتتسبب فى تراجع وتدنى الخدمات المقدمة لنا ولأبنائنا.
ان طاقة الدولة وقدرتها مثل رب الأسرة الذى دخله 10 آلاف جنيه شهريا على سبيل المثال فإذا ما أنجب طفلا واحدا سوف يستطيع العيش بشكل جيد أو اثنين لكن إذا وصل الرقم إلى ثلاثة أو أربعة وخمسة و6 فإن الحياة ستكون صعبة وفيها معاناة.. هنا أتحدث عن مواطن دخله 10 آلاف جنيه فما بالنا إذا كان مواطنا يعمل أرزقياً وكما يسميها أهالينا «على باب الله» يكسب قوت يومه أو دخله محدود وإذا به ينجب 4 أو خمسة أو 6 أبناء.. فكيف تستقيم الحياة وكيف يستطيع تربية هؤلاء.. وتوفير السعادة لهم والخدمات مثل التعليم والصحة وغيرهما.. هل يخرجون أسوياء عاشوا أعمارهم.. وشبعوا من حنان الأبوين أم أنهم سيقوا إلى سوق العمل فى الورش والمصانع والشوارع والإشارات.


غياب الوعى والإدراك والمسئولية لدى المواطن يخلق تحديات وعقبات وأزمات خطيرة فالوعى لدى كثيرين غائب عن إدراك خطورة النمو السكانى المنفلت وأيضا غير موجود فى أهمية تطوير التعليم وإكساب التلاميذ المهارات التى تواكب العصر والقدرة على الإبداع والابتكار وسلوكيات أخرى مثل التعامل مع المياه وأهمية الترشيد والتوفير.. وعلينا أن ندرك أن المشكلات متراكمة ومترابطة.. وأن كل المعاناة فى نقص الخدمات والاحتياجات الأساسية وعدم القدرة على إدراك التقدم والتعليم والصحة بشكل جيد وتفشى الأزمات.. كل ذلك يعود إلى عدم الوعى بخطورة النمو السكانى المنفلت الذى يتجاوز قدرات وإمكانيات وموارد الدولة.. فعلى سبيل المثال الدولة كانت تنفق فى عام 2014 على الصحة 32 مليار جنيه والآن الدولة تنفق 108 مليارات جنيه على الخدمة الصحية.. لكن فى نفس الوقت لم تتوفر الخدمة التى تحقق الهدف وترضى المواطن.. ولو أردنا ذلك سنكون مطالبين بانفاق ثلاثة أضعاف هذا الرقم لتوفير سرير يعمل بتشغيل متقدم وحقيقى ومتطور داخل المستشفيات.. فكلما انخفض عدد السكان وأصبح أقل أو متوازنا مع إمكانيات الدولة تحقق الرضا الشعبى والخدمة المناسبة.


 الحقيقة أن غياب وعى المواطن وعدم إدراكه لأسباب ما يعانيه ولا يدرك أنه السبب فى هذه الأزمات فالنمو السكانى الذى يأكل كل جهود التنمية وتحسين مستوى المواطن والخدمات المقدمة له نتج عن فقدان للوعى والاندفاع إلى كثرة الإنجاب تحت أسباب وقناعات وثقافات واهية وغير موضوعية وغير مع تصاعد هذه الزيادة لا تستطيع الدولة أن تفى باحتياجات المواطن ليجد أن أسهل طريقة لديه هى الدخول فى خصومة عنيفة مع الدولة وعدم رضا وسخط واحتقان.. وهنا يؤدى ذلك إلى حالة من عدم الاستقرار ربما تتطور لتجلب الخراب والدمار.. لذلك فإن مهمة بناء الوعى الحقيقى والفهم الصحيح هى جوهر الموضوع فإذا ما أدرك المواطن خطورة ذلك وانه سبب مباشر فيما يحدث.. تحمل المسئولية التشاركية مع السلطة والحكومة لتحقق التوازن بين معدل النحو السكانى وموارد وقدرات الدولة.
استمعت إلى جميع الكلمات خلال احتفالية إطلاق المشروع القومى لتنمية الأسرة ولم أجد سوى الرئيس عبدالفتاح السيسى يؤكد أهمية دور الإعلام فى نجاح هذا المشروع بل وحدد دوره فى بناء الوعى والوصول إلى عقول وقناعات الناس وعرض خطورة استمرار النمو السكانى المنفلت على التنمية ومستقبل الوطن والمواطن لكن فى نفس الوقت خلت كلمات جميع المتحدثين عن دور الإعلام حتى الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط التى عرضت ملامح ومكونات المشروع لم تتطرق من قريب أو بعيد إلى دور الإعلام رغم قدرته على الوصول إلى عقول الناس والتحذير من خطورة ومعنية التمادى فى كثرة الإنجاب وأهمية تنظيم الأسرة وأن ذلك لا يتعارض مع الدين والشرع.


أعتقد أن جميع مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى والإعلام معنيون جميعا بفك شفرة هذا التحدى الأخطر وتحقيق نجاحات كبيرة.. والمهم هو استمرار العمل بنفس الهمة والوتيرة والحماس كما قال الرئيس السيسى «احنا مش هنام» لحد ما نحل الموضوع ده.


الأمر الثاني.. وربما أكون مخطئاً.. هو غياب عنصر الترهيب والتخويف مع خلال عرض لمصير نماذج وأحوالها شكلا ومضمونا اختارت طريق كثرة الإنجاب سواء انعكاسات ذلك على المرأة وسوء حالتها الصحية وكثرة الأمراض التى تعانيها وحالة العوز التى تؤرقها.. وكذلك حال الرجل أو الأب الذى كبر فى السن قبل فوات الأوان وأنهكته الظروف القاسية، وحال الأبناء ومقارنتهم بمن اختاروا الطريق الأصوب وإنجاب طفل أو اثنين لنعقد مقارنة بين هؤلاء وهؤلاء على كافة المستويات.


وأعتقد أن الفيلم التسجيلى حمل هذه المعانى بشكل غير مباشر ولكن مطلوب التخويف والتنوير والوعى بتداعيات كثرة الإنجاب مع صعوبة الحال وقلة الدخل والظروف الصعبة.
مطلوب أيضا.. عمل بعض الرسائل الصغيرة المختزلة التى تحمل مضامين شافية ووافية وتحمل معنى واضحاً حول بلاء كثرة العيال وميزات التنظيم أو المحفزات التى تضمنها المشروع القومى لتنمية الأسرة.


لا يكفى أن نركز على أهمية الفحص الطبىللمقبلين على الزواج فى الجلسات والمؤتمرات ولابد أن يكون حديثاً إعلامياً توعوياً وإبراز ميزاته.. وخطورة تجاهله.. وأيضًا الرقابة الشديدة على هذا الفحص بدلا من عادة البعض تقديم الأوراق المضروبة فلابد أن يتم فى مستشفى حكومى ولا يسمح بكتابة عقد الزواج بدون هذا المستند الذى يفيد خلو الفتاة والشاب المقبلين على الزواج من أى أمراض شأنها أن التأثير على صحة الأبناء فى المستقبل. 
 
تحيا مصر