الخميس 27 يونيو 2024

العندليب والسندريللا .. الحب المزعوم

6-7-2017 | 19:21

بقلم – أشرف غريب

أنا واحد من الملايين الذين فطموا على صوت عبد الحليم حافظ وصورة سعاد حسنى ، أنا ابن جيل تعلم معانى العشق عبر حنجرة هذا الفتى الأسمر وعاش أوقات البهجة والمرح بفضل روح السندريللا وحيويتها ، أنا أكثر من يعرف قامة عبد الحليم فى عالم الغناء وقيمة سعاد فى عالم التمثيل ، لكنى - مع هذا كله - لست مطالبا بأن أتعامل معهما كقديسين لا يخطئان أو يحيدان عن الصواب ، وأعلم تماما أن العاشق لا يرى نواقص المحبوب وعيوبه أو على الأقل لا يحب أن يراها أو يسمعها من غيره ، لكن عفوا جمهور النجمين أنا أحب الحقيقة أكثر ، ولن يمنعنى عشق الاثنين من تجريد رأيى من أى هوى أو ميل .. فأرجوكم لا تغضبوا.

لقد عشت وقتا طويلا فى تفاصيل العلاقة الغامضة التى جمعت العندليب والسندريللا أثناء التحضير لكتابى الأخير عن قصة العشق المحرم الذى جمع بين الاثنين ، والمقصود بالمحرم هنا هو سريته وعدم الجرأة فى الإعلان عنه للجميع ، وأستطيع بعد كل ما طالعت واستطلعت أن أقول بكل صراحة ووضوح إن عبد الحليم هذا الذى ملأ آذاننا طويلا بكل معانى الإخلاص والتضحية فى الحب كان أنانيا ومخادعا فى حبه لسعاد ، لقد آثر أن يحتفظ بها لنفسه بعيدا عن أعين الناس تماما كأى شىء يمتلكه ، فضل أن تكون ملكا له وحده وهى التى كان يعتبرها كل فرد من جمهورها فتاة أحلامه ومبتغى مناه ، فلماذا لا تكون هى " بتاعته هو فقط " ؟ فتحكمت فيه غريزة الامتلاك والاستئثار أكثر من أى معنى آخر فى قاموس الحب ، ما معنى أن يحتفظ رجل بامرأة ست سنوات كاملة رافضا أن يعلن على الملأ زواجهما بحجة حرصه على جمهوره الذى يخشى أن ينصرف عنه لو عرف بزواجه ؟ ثم من قال بالأساس أن عبد الحليم كان يحب سعاد حسنى حقا ؟ نعم من قال ذلك ؟! لقد عاش العندليب قصته مع سعاد فى الفترة من 1960 إلى 1966 وهى الفترة ذاتها التى شهدت قصة حبه الملتهبة - على حد وصفه - مع ديدى الألفى تلك السيدة التى تعرف عليها فى الإسكندرية وسعى لتطليقها من زوجها قبل أن يخطفها الموت وهى فى ريعان الشباب ، وهى الفترة ذاتها أيضا - أو على الأقل- بداياتها التى تقدم فيها عبد الحليم لخطبة الممثلة زبيدة ثروت أثناء تصوير فيلم " يوم من عمرى الذى تم عرضه سنة 1961 بحسب ما قالت الممثلة الراحلة ، وهذا معناه أن العندليب أيها السادة - أحب ثلاث نساء فى وقت واحد ، فهل هذا يمكن أن نعتبره حبا؟ أتراه كان يقول نفس كلمات الحب والغرام للاثنتين؟ أتراه كان بارعا فى إقناع الثلاث وربما أكثر بأنه لم يحب ولا يحب سواها؟ كم مرة وعد هذه أو تلك بأن يكون لها وحدها؟ كم مرة دغدغ مشاعرها بالأيام الحلوة التى تنتظرهما؟

وحتى حينما قررا الانفصال فى لحظة فارقة أفاقت فيها سعاد من سحر العندليب وطالبته بتنفيذ وعده بالإعلان عن زواجهما كان موقفه صادما لم يراع فيه أن مشاعر جميلة جمعت بينهما يوما أو أن حضنا دافئا احتواه ذات ليلة من برودة المرض والمنافسة الفنية التى لا ترحم ، فراح فى تلك اللحظة الحزينة يكيل لها الاتهامات بالكذب وادعاء أن علاقة حب كانت بينهما ، وأنها استغلت ذلك لتحقيق مكاسب فنية والوصول إلى الشهرة .. تخيلوا ، ثم بعد هذا يعود ويقول إنه كان يحبها؟!

أما سعاد فقد أخطأت فى حق نفسها قبل أى شىء آخر ، قبلت أن يتلاعب عبد الحليم بها وبمشاعرها بشكل فج وأن يهين كرامتها وكبرياءها ، ارتضت أن تجاريه فى كذبه على الناس وهى تعلم ربما أنه يكذب عليها ، ثم عاد واتهمها هى بالكذب ، خدعته نعم ربما فى ملف علاقتها بجهاز مخابرات صلاح نصر لكنها لم تكن تدرك أن الأمر أكبر بكثير من استيعابها ، ومع ذلك لم يكن لهذا الملف أى دخل فى نهاية علاقتهما ، لقد انتهت قصة العندليب والسندريللا لأن الأنانية تغلبت، والمصالح تحكمت ، وبات من المستحيل استمرار الحال على ما هى عليه، انتهت لأنك لا تستطيع أن تخدع الناس كل الوقت .

وحسنا أن أفاقت سعاد ، وحسنا فعل القدر.