اعتبر رئيس الوزراء البريطاني، الذي اجرى لقاء مع ثلاثة مراسلين من مؤسسة تحالف الصحف الأوروبية "لينا" - والذي تعد صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية جزءا منه - أن رئيس الكرملين قد استخف بالرئيس الأوكراني زيلينسكي.
وردا على سؤال حول رد فعله على الهجوم الروسي على محطة الطاقة النووية زابوريزهيا؟ قال بوريس جونسون أن "فلاديمير زيلينسكي، رئيس أوكرانيا، اتصل بي في منتصف الليل ليبلغني بذلك. واتفق معه على أن هذا يعد هجوما على الأمن الجماعي والصحة في كل أوروبا. نتذكر تشيرنوبيل والسحابة المشعة التي انتشرت في جميع أنحاء القارة، وحتى خارجها. هناك حاجة إلى عمل جماعي عاجل على مستوى القادة الغربيين لمنع تكرار مثل هذه الكارثة".
وإذا ما كان يخشى حدوث صراع نووي في أوكرانيا، قال جونسون "يجب أن نميز الأشياء بشكل جذري. أعتقد أن الحديث عن الأسلحة النووية يصرف الانتباه عما يحدث في أوكرانيا، وهو هجوم وحشي وعنيف على أناس أبرياء. دعونا لا ننخدع بالخطاب الذي سمعناه".
وحول ما إذا كان يقلق من وجود المليشيات الشيشانية والمرتزقة إلى جانب القوات الروسية، قال "أنا قلق جدا. أنا أعتبر الرئيس زيلينسكي بطلا، فقد ارتقى إلى مستوى التحدي بطريقة أكسبته إعجاب العالم. أعتقد أن فلاديمير بوتين قد استخف به بجدية. لكن يجب أن نبذل قصارى جهدنا لحماية سلامته، لأن هناك قوى مظلمة قوية تحاول ملاحقته. هؤلاء الناس يجب أن يحاسبوا".
وفي سؤال حول سبل حماية الرئيس زيلينسكي أو محطات الطاقة النووية في أوكرانيا، قال جونسون "هذا سؤال صعب. يجب علينا إقناع الكرملين بأن أي حادثة نووية ستكون كارثية بالنسبة لروسيا مثلها مثل أي شخص آخر. من المهم إنشاء آلية مراقبة على الأرض بمساعدة الأمم المتحدة أو الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتطرقت صحيفة "لوفيجارو" إلى تصريحات وزير الدفاع البريطاني بن والاس التي هاجم فيها بوتين وسألت جونسون إذا كان يوافق عليها ورد جونسون قائلا إنه "من الصعب جدا فك رموز شخصية بوتين. أحصل على جميع أنواع المعلومات حول طريقة عمل حكومته، ونقص الضمانات في ذلك النظام، والتعسف الذي يحيط بقراراته، وكل ذلك مقلق للغاية. لكن المشكلة الحقيقية هي أنه من الواضح أنه أخطأ في التقدير. ربما كان يفتقر إلى الواقعية حول ماهية أوكرانيا وحول وطنية الشعب. كل من ذهب إلى هذا البلد يعرف أن الأوكرانيين سيقاتلون. الآن وقد ارتكب هذا الخطأ، من الضروري تحديد مخرج محتمل، حل بديل للتدمير الكامل. لكن من الصعب جدا تخيل هذا الحل. هذا هو سبب استنتاجي أنه يجب أن يفشل".
وحول ما إذا كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محقا في التحدث مع بوتين، قال رئيس الوزراء البريطاني أنه "لطالما كانت وحدة المعسكر الغربي عاملا أساسيا. مع إيمانويل ماكرون، عملنا قبل الغزو لتقييم العواقب. من المهم أن نواصل هذا العمل. يجب علينا أيضا تحديد أولوياتنا المشتركة مع الأمريكيين، لأن التاريخ يعلمنا، للأسف، أن أسوأ الصراعات في أوروبا لا يمكن حلها بدون جرعة من الالتزام والقيادة الأمريكية. إنني على يقين من أن إيمانويل ماكرون لن يبتعد عن هذا الموقف المتمثل في الحفاظ على الوحدة الضرورية للغرب".
وسألت صحيفة "لوفيجارو" جونسون حول توقعه فشل بوتين وهل سيتبع ذلك أن يفقد السلطة أيضا؟ وقال "أولا، هذا الصراع لا يضعنا في مواجهة بأي شكل من الأشكال أمام الشعب الروسي، فمن الضروري أن تظل هذه النقطة واضحة. هذا ليس صراعا بين روسيا والغرب، ولا بين بوتين وحلف شمال الأطلسي. يجب ألا نقع في هذه التصنيفات. ثم لا توجد أجندة تتجاوز الوضع في أوكرانيا. من المستحيل تماما التنبؤ بالأحداث في موسكو وروسيا، فسيكون ذلك مصدر إلهاء على أي حال. لنكن واضحين: هذا لا يقصد به بأي حال من الأحوال تقصير مدة عمل أي شخص في موسكو. يتعلق الأمر فقط بمحاولة حماية الشعب الأوكراني، ومنحهم المساعدة التي يحتاجون إليها.
وفي سؤال لـ"لوفيجارو" حول وصف جونسون لبوتين أمام مجلس العموم بأنه "مجرم حرب" وإذا كان ذلك يعني أن يحاكم أمام محكمة دولية، قال جونسون "أرى تشابها وثيقا بين موقف بوتين في أوكرانيا وموقف ميلوسيفيتش في يوغوسلافيا السابقة في التسعينيات. أما بالنسبة للمحاكمة، فالأمر متروك للمحكمة الدولية للنظر في الأمر، وجمع الأدلة، ولا سيما بشأن استخدام الأسلحة المحظورة إذا كان هذا هو الوضع. في الوقت الحالي، يجب أن نضع لأنفسنا أهدافا محدودة. لكن يجب أن أقول إنه قد مضى وقت طويل منذ أن رأيت مثل هذا التمييز بين الخير والشر في السياسة الدولية" على حد تعبيره.
وحول مقدار الخسائر المتوقعة خلال العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، قال جونسون "لا أحد يستطيع أن يقول أين ستنتهي المواجهة بين الغرب وروسيا. لنضع الأمر على هذا النحو: لا أعرف أي دولة غربية تخطط لإرسال مقاتلين إلى ساحة الصراع هذا. انها الحقيقة".
وإذا كان ذلك يعني عدم فرض "منطقة حظر طيران" قال جونسون "هذه هي المشكلة بالضبط: إن هذا الأمر بصورة منطقية ينطوي على إسقاط طائرات روسية. وهكذا تصبح أنت أسير منطق المواجهة".
وفي سؤال حول امكانية أن تصلح الأزمة في أوكرانيا العلاقات بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قال جونسون "تكشف الأزمات الطبيعة الحقيقية للعلاقات، كما هو الحال في العائلات. هذا يحدث الآن".
واختتمت الصحيفة باستطلاع رأي جونسون حول امكانية توقف الاتحاد الأوروبي عن شراء الغاز والنفط من روسيا، وقال جونسون "هذا سؤال صعب للغاية. لا أريد أن تعطي المملكة المتحدة انطباعا بأنها تلقي محاضرات على أولئك الذين يعتمدون بشكل كبير على المحروقات الروسية. لكن هناك طرق للعمل، وهناك بدائل. أعتقد أن هناك إرادة وهناك خارطة طريق لذلك".