الثلاثاء 25 يونيو 2024

هل وصلنا لمرحلة الوحش في لعبة إسقاط الدول "المملة"؟!

مقالات8-3-2022 | 14:52

سريعا، يعاد نفس المسلسل ونفس اللعبة، بنفس الأحداث تقريبا، التى أصبحت مملة جدا لتكرارها بغباء منقطع النظير من طرف ما، لولا تغيير اللوكيشن والأبطال، لكن المشاهد الساذج واحد، وغريب إن بعض الأذكياء يتوقعون نتيجة مختلفة من نفس الأحداث، فقط لتغير المكان والأبطال!

الحديث هنا، مناسبته تدفق الإرهابيين المرتزقة من سوريا وبالتأكيد ليبيا فيما بعد، لأوكرانيا.. ولو اعتبر البعض أنها ستكون المرة الأولى التى تشهد أوربا حربا كهذه، سأرد عليكم بسرعة، بأن ذاكرتكم ضعيفة جدا، فما كان يحدث في البوسنة والهرسك وكوسوفو، هو نفسه ما يحدث في أوكرانيا، لكن فقط المسببات مختلفة، لكن النتيجة واحدة، وتتنوع كل مرة لحساب أى معسكر، واليوم نحن أمام وضع جديد، لو تقسمت أوكرانيا أو تحييدت على الأقل، كما انهارت يوغوسلافيا، وتحولت لعدة دول بعد حرب كان عنوانها الإبادة العرقية لمسلمى البوسنة والهرسك ومن وراءها كوسوفو.

لكن الشيطان كان في التفاصيل كالعادة، إلا إنه لا يمكن إنكار أن هذه الحرب جذبت المرتزقة تحت كل المسميات من الطرفين، وأغلبها كانت تحت عناوين دينية، ووصلت موجات هجرة المرتزقة من أفغانستان لوسط أوربا، وبدأت معها حقبة جديدة لاستغلال هؤلاء الارهابيين، ولا يمكن أن ننسي تبلور جديد لدور هؤلاء المرتزقة بين طرفي المعسكر، مع حرب الشيشان، التى تحاول روسيا تكرار نموذجها في أوكرانيا الآن، والمفارقة أن الكثير من المرتزقة الشيشان موجودون في أوكرانيا يحاربون بجانب روسيا، وبعضهم لقي مصرعه وأصيب أخرون.

في هذا السياق الدموى الدينى العرقي، حدث ما توقعناه بسرعة، ووصل المسلسل واللعبة لحلقة وليڤل المرتزقة الإرهابيين سريعا، فهل هذا لأنها حرب سريعة ويريدون إطالتها، أم لإنقاذ الجيش الأوكراني الضغيف، أم لاستنزاف الجيش الروسي؟!

 ومع تدفق المرتزقة، وصل 450 مسلحا من جنسيات عربية وأجنبية من إدلب السورية إلى أوكرانيا للمشاركة في القتال ضد القوات الروسية، وذلك بعد أقل من 3 أيام فقط على مغادرتهم الأراضي السورية، مرورا بالأراضي التركية.

واعترف أقرباء مسلحين وصلوا إلى أوكرانيا عن أن قياديين في تنظيم "هيئة تحرير الشام"، الواجهة الحالية لتنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي، عقدوا مطلع الأسبوع الماضي، سلسلة من الاجتماعات مع قياديين في تنظيم "الحزب الإسلامي التركستاني" من جهة، ومع قياديين في فصيلي "أنصار التوحيد" و"حراس الدين" من الجهة الأخرى، وتم التوصل خلالها إلى قرار يقضي بالسماح لعينات محددة من المسلحين الأجانب ممن ينتمون إلى "التركستاني" و"حراس الدين" و"أنصار التوحيد" بالمغادرة إلى أوكرانيا عبر الأراضي التركية، وغالبية المسلحين الأجانب الذين غادروا سوريا إلى أوكرانيا، هم من كوادر الهيئة ممن لديهم سجل حافل بالمشاكل مع قياديين في "هيئة تحرير الشام"، وكانوا قد تعرضوا خلال الآونة الأخيرة إلى مضايقات شديدة وصلت حد السجن والتهديد بـإقامة الحدود، قبل أن تأتي هذه الفرصة كتسوية تناسب الطرفين، حيث يريدون التخلص منهم في سوريا بسبب التناحر على الأغنام ومصارعة المصير المجهول، بإلقاءهم في مستنقع جديد، فهل تصوراتهم صحيحة، خاصة أنها تكشف عن تورط جديد لتركيا في تحريك المرتزقة، ويبدو أنه سيكون لروسيا رأيا مختلفا عن التورط التركى في تحريك المرتزقة من سوريا لليبيا، لأن التورط التركى الجديد في تحريك المرتزقة من سوريا لأوكرانيا يعد بمثابة إعلان حرب على روسيا، فماذا تفعل موسكو ياترى؟!

 هذه الفرصة أتت لهؤلاء المرتزقة بشكل متقاطع لهم ولمنافسيهم داخل إدلب، وذلك عبر التخلص منهم وإرسالهم للقتال ضد القوات الروسية في أوكرانيا، وفي الوقت نفسه يمكنهم أن يحظوا بفرصة جديدة وبعائد مادي مقبول.

 "هيئة تحرير الشام"، قدمت لهؤلاء ضمانات شرعية لمن يرغب بإلحاق عوائلهم بهم خلال الفترة المقبلة، وذلك على سبيل التشجيع، وعدد المسلحين الأجانب الذين وصلوا إلى أوكرانيا خروجا من عدة مناطق في إدلب وريفها، بلغ نحو 150 مسلحا ينتمي معظمهم إلى جنسيات (بلجيكية، فرنسية، صينية، مغربية، تونسية، شيشانية، بريطانية)، فيما يتحدر المسلحون الـ 300 الآخرين من عدة مناطق في ريفي إدلب وحلب، ومعظمهم يقاتلون في صفوف "هيئة تحرير الشام" و"أنصار التوحيد"، فيما عدد أقل ينتمون إلى فيصلي "فيلق الشام" و"الجبهة الوطنية للتحرير" المواليين للجيش التركي.

وبعد انتهاء دور التناحرات الإرهابية وتقسيم الولاءات والحجج الشرعية، يأتى دور الرواتب التي سيحصل عليها كل إرهابي، وستتراوح بين 1200-1500 دولار، للسورى، بينما الأجنبي غير محدد.

 عملية نقل المرتزقة تمت على 3 دفعات ابتداء من يوم الخميس الماضي، حيث تم إيصال المسلحين إلى منطقة "خربة الجوز" الحدودية مع تركيا، ومنها إلى داخل الأراضي التركية حيث تمت عملية تجميعهم بإشراف شخصيات تتمتع بسلطة بادية، ويرجح أنهم من المخابرات التركية، ووصل المسلحون أوكرانيا في ليل الأحد، لينقطع الاتصال بهم منذ صباح اليوم، ولم تعرف تفاصيل إضافية حول وجهتهم داخل أوكرانيا أو حتى المنطقة التي وصلوا إليها، وفق تقارير روسية.

والغريب إن نائب وزير الخارجية السوري د.بشار الجعفري، كان أول من توقع تكرار نفس المسلسل واللعبة بنفس أحداثهما المملة، بقوله إن الغرب ليس لديه مانع أن "يسلح الشيطان" ضد روسيا، ولم يستبعد إمكانية نقل مسلحي حركات إرهابية بما في ذلك من تنظيم "داعش" إلى أوكرانيا، مثلما حدث وتمت الاستعانة بهم في مناطق أخرى من العالم لخدمة المصالح الأمريكية والغربية، معتبرا أن إعادة تدوير الإرهابيين هو اختصاص أمريكي.

وكل هذه الأحداث يمكنك أن تضفرها مع بعضها البعض، لو لاحظت كميات الأسلحة التى تغرق بها أمريكا والغرب أوكرانيا، في وقت لا تقلق روسيا من الجيش الأوكرانى أكثر ممن تسميهم النازيون الجدد في حرب يلعب فيها البعد العرقي دورا كبيرا، وليس بعيدا عن كل ذلك دعاوى التطوع التى أطلقتها السفارات الأوكرانية في أغلب دول العالم، بشعارات مثيرة حاولت خلالها جمع حتى المختلفين في كل شئ، فتصور مجموعات مسلحة يجتمع فيها الإسرائيليون والفلسطينيون والجزائريون والمغاربة واليابانيون والصينييون، وتصوروا أن الشيشانيين يحاربون بعضهم البعض، حيث يتواجد المسلحون في الطرفين!

 موجة هجرة المرتزقة الجديدة تتواكب مع أحداث مشابهة في مسلسلات الفوضي التى ضربت الشرق الأوسط خلال العقد الأخير، ومنها أن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال مارك ميلي، ذهب إلى مطار سري واقع قرب الحدود الأوكرانية، الأسبوع الماضي، شهد بشكل مباشر الجهود متعددة الجنسيات لإدخال أسلحة إلى أوكرانيا، والتقى الجنرال الأمريكى بالجنود والأفراد وفحص نشاط الشحنة أثناء وجوده في المطار، الذي يظل موقعه سرًا لحماية شحنات الأسلحة، والجيش الروسي لم يستهدف هذه الشحنات حتى الآن، وأصبح موقع المطار خلية نحل في الأيام الأخيرة، حيث زاد عدد الرحلات الجوية اليومية التي تصل محملة بالأسلحة إلى 17 رحلة، وهي السعة القصوى للمطار.

وقال المسؤول إنه منذ بدء الهجوم الروسي، أرسلت 14 دولة مساعدات أمنية إلى أوكرانيا، ونادرًا ما أرسل بعضها مثل هذه المعدات الكبيرة من قبل، معربا عن قلقه من أن تبدأ روسيا في استهداف الشحنات مع تقدم هجومها.

 الولايات المتحدة ودول آخرى في الناتو أرسلوا حتى الآن إلى أوكرانيا 17 ألف صاروخ مضاد للدبابات و2000 صاروخ ستينجر مضاد للطائرات، وأخرى مضادة للدروع، وهى أسلحة للعصابات والميلشيات، أكثر منها للجيوش المنظمة، وهو استعداد واضح لحرب المدن، وحذرت الخارجية الروسية من أن هذه الأسلحة التي يتم ضخها إلى أوكرانيا قد ينتهي بها المطاف بيد الإرهابيين لتضر بأوروبا نفسها.

ومن مفاجآت المشهد، أن الولايات المتحدة لا تهتم بسقوط كييف بشكل مباشر، رغم خسائرها المباشرة وغير المباشرة من ذلك، أكثر من اهتمامها بعدم الكشف عن واحد من أكبر مخططاتها العسكرية البيولوچية على حدود عدوها التاريخى، حيث يوجد واحد من أكبر المشروعات العسكرية البيولوجية الأمريكية خارج البلاد، وركزت موسكو وبكين على فضحه خلال الأيام الأخيرة، فما مصير هذه الأسلحة البيولوچية بخلاف النووية لو سقطت في يد المرتزقة، وقالت  الخارجية الصينية في تعليق على تقارير عن مختبرات بيولوجية تمولها الولايات المتحدة في أوكرانيا، إن الصين دعت الولايات المتحدة إلى توضيح أنشطتها العسكرية البيولوجية في الداخل والخارج، وحذرت من أن الولايات المتحدة، من خلال سياستها المتمثلة في توسع الناتو نحو الشرق، "ألقت جذعا كبيرا" في "نيران الأزمة الأوكرانية".

 الولايات المتحدة أنفقت أكثر من 200 مليون دولار على أعمال المختبرات البيولوجية في أوكرانيا، وشاركت مختبرات المديرية المركزية للصحة والأوبئة التابعة لوزارة الدفاع الأوكرانية في البرنامج البيولوجي العسكري الأمريكي، وفقا لوزارة الدفاع الروسية.

 فما هو مصير هذه الأسلحة؟!، وهل نحن في طريقنا لحرب غير تقليدية تغير الأحداث المملة، في مسلسلات ولعب إسقاط الدول، وتصل بنا لمرحلة الوحش البيولوچى والنووى، وبالتالى نهاية أوربا على الأقل، وإعادتها للعصر الحجري ؟!