نجد فى نوادر وكنوز الفن في الزمن الجميل ما يدهشنا من أسرار، وفي يوم المرأة العالمي، والذي وجب معه إلقاء الضوء على رائدة من رائدات السينما وهي السيدة بهيجة حافظ، نطرح الأسرار، والتي ربما تكون مدهشة للبعض، ومنها أن والدها هو مكتشف رائد الغناء والطرب عبد الحي حلمي .. كيف اكتشفه، وما الذي جعل بنت الباشا رائدة من رائدات التمثيل في مصر والوطن العربي، سنعرف في السطور التالية حسب ما روته بنفسها لمجلة الكواكب عدد 13 يناير 1953 .
تحت عنوان "قصة حياتي" بقلم بهيجة حافط، أكدت أنها بهيجة إبنة إسماعيل باشا حافظ، والمولودة في 4 أغسطس 1912 بالإسكندرية، ولدت في مهد من حرير وفي الخامسة من عمرها ألحقها والدها بمدرسة الفرنسيسكان ، وقالوا عنها إنها أجمل فتاة في الإسكندرية .
كان منزلها كمعهد للموسيقى، فكل أسرتها بلا استثناء يعزفون على الآلات الموسيقية المختلفة، وتصدمنا بهيجة بمعلومة لا يعرفها أحد .. فروت أن عيناها تفتحت على الحياة لتجد والدها يتعهد برعاية "جنايني" المنزل، لأنه لمس فيه موهبة موسيقية غنائية بديعة، فبنى له والدها كشكا في أحد أطراف الحديقة، وزوده بكل أسباب الرفاهية ليسكنه هذا "الجنايني" وينفرد بالغناء والتلحين، حتى جعل منه والدها مطربا تصدر المطربين في زمانه .. أنه عبد الحي حلمي.
بدأت موهبة الغناء وتأليف الموسيقى عند بهيجة في مدرسة الميردي ديو بعد أن تركت الفرنسيسكان، وعند سن الثانية عشرة خشي والدها عليها من الفتنة فزوجها لثري إيراني، أما ما لفت نظرها للسينما فكان قدوم بعض المخرجين السينمائيين من أمريكا إلى الأسكندرية للبحث عن وجوه شرقية جميلة .. وفي فترينة المصور "ألبان" رأوا صورة بهيجة وسألوا عن عنوانها وذهبوا إلى بيتها لكن والدها طردهم شر طردة.
حزنت بهيجة على تلك الفرصة التي ضاعت، وتأزمت حياتها مع زوجها فطلبت منه الطلاق بعد زواج ثلاث سنوات، عكفت بعدها على تأليف الموسيقى وسافرت إلى فرنسا لتدرس الموسيقى ونالت دبلوما في التأليف والتلحين، وعادت إلى مصر مع عقد المؤتمر الأول للموسيقى العربية عرضت عليها شركة أوديون أن تسجل بعض المقطوعات الموسيقية لإذاعتها في المؤتمر فوافقت ونالت الجوائز.
التقى بها المخرج محمد كريم الذي كان يبحث عن وجه جديد لبطولة فيلم "زينب"، فقبلت بطولة هذا الفيلم الصامت، ومن هنا بدأت القطيعة بين بهيجة وأهلها جميعا، لأنهم رفضوا عملها بالتمثيل .. لكنها قد وعدت محمد كريم وسارت في طريق الفن، ومع بداية التصوير وقف أمامها البطل وكان طالبا في كلية الطب، وطلب منه كريم أن يقبل بهيجة في أحد المشاهد، وحاول البطل ذلك لكنه تسمر في مكانه وأجهش بالبكاء، فقد كان ذلك الشاب يحب بهيجة بالفعل "وهو ما يطلق عليه الكراش فى عصرنا الحالى".. وفي حوار جانبي قال لكريم "أنا أحب بهيجة بالفعل وأخشى أن تفسد القبلة العاطفة النبيلة التي أكنها لها .. لذا سأطلب يدها .. لو وافقت سأكمل الدور وأقبلها .. ولو رفضت فسوف أنسحب" .
وطلب منه كريم أن يفعل، لكن بهيجة كانت قد كرهت الحب، ورفضت، فانسحب البطل، وجاء محمد كريم بسراج منير بدلا من الحبيب المنسحب، وكان التصوير قد استمر شهورا طويلة، كانت تتقاضى بهيجة 25 جنيها عن كل شهر، وحدث أن طلبت السيدة هدى شعراوي رؤية بعد المشاهد التي تم تصويرها، فذهبت هي وسراج منير إليها وقدم سراج لها سائق السيارة ووصفه بأنه صديق مقرب له، وكان محمود حمدي، ونشأت بين بهيجة وحمدي العاطفة وانتهت بالزواج السريع قبل أن تتوغل في مسيرتها السينمائية.
في ليلة العرض الأول لفيلم "زينب" جلست بهيجة في البنوار لتشاهد نفسها والجماهير التي جاءت لتشاهد الفيلم ولتحيتها، ووقع عينها على مقصورة في الدور العلوي بالسينما لتجد فيها أمها وإخوتها يشاهدون الفيلم، وما أن انتهى العرض حتى نزلت الأسرة ومع القبلات والدموع صفحت الأسرة عنها والتأم شملها .
كونت بهيجة حافظ شركة "فنار فيلم" وأدارتها مع زوجها محمود حمدي، وبدأت أول إنتاج لها بفيلم "الضحايا"، فنجح الفيلم صامتا ثم أعادته مرة أخرى ناطقا، وبعد نجاحه در عليها مبالغ كبيرة، فأنتجت بعده فيلم "الإتهام"، أما عن تجربتها في الإخراج السينمائي فقد قامت بهيجة بإخراج فيلم "ليلى بنت الصحراء" الذي عرض في مهرجان فينسيا ونال الجائزة .. وخلال العرض تم وقف الفيلم، فقد أخبروها بأن الفيلم يتعرض لأحد الشخصيات الكبرى بإحدى الدول، فطلبت منها السلطات تغيير إسم الفيلم لأن موسيليني يريد أن يشاهده ففعلت.