أكدت الجزائر ضرورة الإسراع في بلورة نظرة استراتيجية تنأى بالأمة العربية عن كل التوترات، وتعيد للعمل العربي المشترك فعاليته ومصداقيته، من أجل التمكن من الحفاظ على الأمن القومي، واستشراف الأخطار المستقبلية، في إطار مقاربة شاملة ومتكاملة تحقق التطلعات المشروعة للشعوب العربية.
جاء ذلك خلال الكلمة، التي ألقاها وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أمام مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته العادية الـ 157، المنعقدة اليوم/الأربعاء/ بالقاهرة.
وأضاف أن هذه الدورة تنعقد في ظل التوترات المتصاعدة، التي يشهدها العالم، وتقلبات متسارعة تنبئ بتداعيات كبيرة على المنطقة العربية، التي تعيش أصلا وضعا هشا جراء مختلف التحديات القديمة منها والحديثة.
وأشار إلى أنه يجب التوقف أمام هذه التطورات الخطيرة؛ ليس فقط لأنها تحمل بوادر تشكل موازين جديدة للقوى على الساحة الدولية، بل لأن انعكاساتها ستكون معتبرة على العالم العربي خاصة في ظل حالة الاستقطاب، التي ما فتئت تزداد حدتها مؤخرا على الصعيد الدولي.
ونوه إلى أن بلاده تدعو إلى تجديد التمسك الجماعي بمبدأ وحدة المصير، وما ينطوي عليه من قيم والتزامات تفرض تكثيف وتيرة التشاور والتنسيق لتبني مواقف موحدة، والعمل بكل جدية لإنهاء الأزمات الحادة، التي تمر بها المنطقة العربية، والتي جعلت منها ساحة صراعات بين العديد من القوى الأجنبية.
وتابع أنه في ظل هذه المبادئ، وعملا بهذه الروح، يسعى الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، بالتنسيق التام مع أشقائه، إلى ضمان التحضير الجيد للقمة العربية، التي ستحتضنها الجزائر في الأول والثاني من نوفمبر المقبل، مشيرا إلى أنه على يقين بأن رمزية هذا التاريخ وما تحمله من قيم النضال المشترك في سبيل التحرر، ستلهم القادة العرب في اتخاذ القرارات اللازمة للارتقاء بالعمل العربي المشترك إلى مستوى التحديات المطروحة محليا، إقليميا ودوليا.
واستطرد قائلا إنه بلا شك تمتلك الأمة العربية من المقدرات في النواحي كافة، ما يمكنها من تجاوز المرحلة، التي تمر بها حاليا، مضيفا أن المنظمة العربية لديها من الإمكانيات ما يجعلها تقود المساعي الرامية لحل الأزمات داخل البيت العربي، وتتفادى تدويلها وتعقيدها أكثر.
ونوه إلى أن بلاده تؤكد مواقفها من كل الأزمات، التي يعرفها عالمنا العربي؛ لاسيما الأوضاع العصيبة، التي يمر بها الأشقاء في سوريا واليمن وليبيا، لافتا إلى أن مواقف الجزائر تظل مبنية على مبدأين أساسيين هما : عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والاهتداء بفضائل الحوار من أجل التوصل إلى حلول سياسية سلمية، وتوافقية تحفظ وحدة وسيادة الدول العربية، وتحقق الطموحات المشروعة لشعوبها.
في السياق ذاته، أوضح أن بلاده تدعو إلى تفعيل هذه المبادئ الأساسية في إطار هيكلة العلاقات مع دول الجوار التي تتقاسم الانتماء إلى الحضارة الاسلامية.
وأشار لعمامرة إلى أنه فيما يخص القضية المركزية (فلسطين) ، والتي تمر بأصعب مراحلها بسبب ما تشهده من محاولات للإجهاز عليها، فإنه لابد من إحياء وتفعيل مبادرة السلام العربية والعمل في هذا الإطار لحشد المزيد من الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، بما يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني، ويضمن إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف.
وأكد وزير الخارجية الجزائرية أن بلاده تؤكد على حتمية تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وأهمية المسعى، الذي أطلقه الرئيس عبد المجيد تبون، بالتنسيق مع أخيه الرئيس محمود عباس، والذي يأتي استكمالا للجهود والمبادرات المخلصة، التي قام بها العديد من الأشقاء في هذا الصدد.
واستطرد قائلا إن " المساعي لتحقيق الأهداف المشتركة تتطلب أيضا تعزيز التفاعلات على الصعيدين الاقليمي، والدولي، والعمل على إقامة علاقات متوازنة تحتكم لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي الراسخة ".
وواصل كلمته قائلا إن الجزائر تؤمن بأهمية الشراكة العربية-الأفريقية، في ظل ما يجمع المجموعتين من جوار جغرافي، وروابط وطيدة في كافة المجالات، وجب العمل على تعزيزها من أجل تأسيس شراكة استراتيجية من شأنها التأثير بصفة إيجابية على خريطة العلاقات الإقليمية والدولية، مشيرا إلى أن هذه الاعتبارات كانت في صلب المواقف، التي عبرت ودافعت عنها الجزائر، خاصة خلال القمة الأفريقية الأخيرة، وما شهدته من محاولات اختراقية لضرب قوائم هذه العلاقة الهامة.
وأكد رمطان لعمامرة حرص بلاده الدائم على الدفاع عن قضايا وهموم الأمة العربية، وستواصل مساعيها بالتعاون مع أشقائها لتعزيز العمل العربي المشترك، خاصة في أفق القمة العربية، التي ستتشرف باحتضانها في غرة شهر نوفمبر المجيد.