بعد أيام من الحكم النهائي باستحقاق المرأة الجامعية الجالسة على كرسي الأستاذية 10 سنوات كافة الحقوق المالية والمكافاَت والحوافز على أساس مربوط وظيفة نائب رئيس الجامعة، صدر حكم ثانٍ جديد يعد انتصاراً آخر للمرأة والأسرة المصرية.
وحصلت أستاذة جامعية بجامعة الإسكندرية على شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا فى مارس 2022 بعدم الطعن على الحكم التاريخى الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية برئاسة الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بوقف تنفيذ قرار رئيس جامعة الإسكندرية فيما تضمنه من رفض منح حصول المدعية (س.ع.ا) الأستاذة بجامعة الإسكندرية على إجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة زوجها لإحدى البلاد العربية بحجة ثبوت قيامها بالعمل خلال تلك الإجازة، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها حصولها على إجازة لمرافقة زوجها دون قيد أوشرط وألزمت الجامعة مصروفاته وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان.
ترجع وقائع القضية إلى أن المدعية الأستاذة الجامعية (س.ع.ا) وقفت أمام المحكمة وقالت للمستشار محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة: “سيدى القاضى زوجى يعمل بإحدى البلاد العربية ولدينا ثلاثة أطفال وتقدمت بطلب للجامعة لحصولى على حقى الدستورى فى إجازة لمرافقة زوجى الذى سافر بالأطفال لأنه مرتبط بالعمل هناك على أساس أنى سوف ألحقه، وفوجئت برفض الجامعة لطلبى بحجة أننى كنت أعمل أثناء الإجازة الأولى”.
وأضافت الأستاذة الجامعية: "أطفالى يبكون ويحتاجون لى فى بلاد الغربة والجامعة لم تجر أي تحقيق معى أو سؤالى وزوجى هناك وحيداً مع الأطفال وأنا هنا وحيدة والأسرة مشتتة وكلى أمل فى عدلك وإنصافك انقاذاً لأسرتى". وعقب القاضى: "لأهمية القضية حددت لك جلسة مستعجلة لنظر الشق العاجل من الدعوى والحكم أخر الجلسة"، وبعد نطق القاضى بالحكم لصالحها بكت الأستاذة الجامعية من الفرحة للحاق بأطفالها وزوجها فى بلاد الغربة.
وقالت القاضى، إنه أضحى على رؤساء الجامعات بعد حكم المحكمة الدستورية العليا الملزم لكافة سلطات الدولة , الموافقة دون مواربة على إجازة مرافقة الزوج الذى يعمل بالخارج بعد أن صارت من الإجازات الوجوبية التى يستحقها أعضاء هيئة التدريس بالجامعات , فلا يملك رؤساء الجامعات بشأنها حولاً أو منعاً أو منحاً.
ورسخت المحكمة فى الحق ذكراً يستمد من حق دستورى كشف عنه حكم دستورى، بعد أن كانت فيما مضى جوازية إن شاءوا منحوها وإن رغبوا منعوها , فأصبح حصول أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية على إجازة لمرافقة الزوج حال إعارته بالخارج واجب طليق من ثمة قيد يبتدع أو شرط يختلق فكان لزاماً أن يُفرض سياج لحماية الأسرة وسائر أفرادها بما يحول دون تفرق أبنائها بين أبوين كل منهما فى طريقٍ مغاير, فيدفع دونها عوامل الوهن ومغبة الإفتراق ويعصمها من التشتت والإنزلاق وهى فى الحق فرائض وسنن أوجب بالرعاية والإغداق .
وأضافت المحكمة، أن رفض جامعة الإسكندرية للزوجة عضو هيئة التدريس بالجامعة الحصول على إجازة لمرافقة زوجها بحجة أنها كانت تعمل خلال الإجازة دون إذن يخل بوحدة الأسرة وترابطها من خلال منعها لأحد الزوجين من اللحاق بالأخر ليكون انفصالهما فارقاً لبنيان الأسرة مقيما شريعتها على غير الحق والعدل.
وأوضحت المحكمة أن الأسرة لا تقوم على التباغض أو التناحر لكنها تحمل من القوة أسبابها فلا تكون حركتها انفلاتا بئيساً ولا حريتها نهباً لقهر أو طغيان ولا حقوقها انطلاقاً بلا قيد , بل يظلها حياؤها واَدابها , تعصمها صلابة الضمير ويتوج ائتلافها بنيان من الفضائل يرعى التكافل الاجتماعى بين اَحادها وكفالة وحدتها بما يحول دون تشتيتها أو تمزيق أوصالها أو بعثرة جهودها أو تنازع أفرادها كل فى طريق .
وانتهت المحكمة إلى أنه لا مراء فى أنه يجب التوازن بين رعاية أعضاء هيئة التدريس المتزوجين وصيانة أسرهم وحسن سير العمل وهو ما يعنى التمسك بمصالح الأسرة وكفالة وحدتها بما يحول دون تشتيتها أو تمزيق أواصلها أو بعثرة جهودها كى لا يكون بنيانها متهافتاً أو متهاوياً , ومن ثم فلا يجوز لرئيس جامعة الإسكندرية أن يرفض منح الزوجة الجامعية إجازة لمرافقة زوجها بحجة أنها تعمل خلال تلك الإجازة دون إذن الجامعة، إذ يجوز للجامعة إخضاعها للتحقيق وسؤالها وعقابها عن مخالفة التعليمات إن كان لها وجه وسند من القانون , لكن ليس لها أن تتخذ من ذلك سبيلاً للعدوان على حق الأسرة الدستورى فى لم شملها , فمواجهة عدم حصولها على إذن للعمل أثناء مرافقة زوجها ليس بهدم الأسرة ذاتها والتحكم فى إجازة صارت من حقوق المرأة الدستورية وإلا عد ذلك ردة إلى عصور الظلام للمرأة عندما كانت النظرة الخاطئة إليها أنها محض خادمة للزوج فى البيت , وقد تبدلت الأحوال وتقدمت المرأة المصرية كثيراً وحصلت على العديد من الحقوق بعد كفاح طويل أولته الدولة غاية الاهتمام على نحو غير مسبوق.