الأحد 24 نوفمبر 2024

مقالات

رسائل الشهداء للمصريين

  • 12-3-2022 | 20:03
طباعة

للمزايدين، والمنظرين والمرفهين.. والباحثين عن ملذات ومكاسب ومغانم على حساب الوطن.. ليتعلموا التضحية وإنكار الذات والفداء دون تردد.. من الذين ضحوا بأرواحهم من أجل كرامة مصر.. من أجل أن تحيا كريمة عزيزة لا تركع إلا للَّه.

الشهادة فى سبيل اللَّه والوطن.. هى قمة التضحية والفداء والسمو.. لذلك لها مكانة مرموقة عند الخالق سبحانه وتعالى.. فقد قال المولى  عز وجل ــ: «ولاتحسبن الذين قتلوا فى سبيل اللَّه أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون».. صدق اللَّه العظيم.. فسمو المكانة والجزاء من عظمة التضحية.. فليس هناك أغلى ولا أسمى من الموت دفاعًا عن الحق والوطن، وتقديم الروح حتى يعيش الوطن والشعب فى كرامة وأمن واستقرار.. فمن أرواحهم الزكية تتولد طاقة جبارة للبناء وتترسخ قيم الولاء والانتماء والتضحية فى الأجيال القادمة.

فى مصر شعب عظيم وأصيل، يقدر المعدن النفيس لرجال صدقوا ماعاهدوا اللَّه عليه.. فقد ضحوا بأرواحهم لتكتب الأوطان تاريخًا جديدًا وعظيمًا من الأمجاد والخلود والكرامة. 
خاضت مصر على مدار تاريخها حروبًا كثيرة من أجل الحق والمبدأ.. والدفاع عن حرية الوطن وكرامته وأرضه وشرفه.. أنجبت هذه المعارك الوطنية رجالاً وأبطالاً عظماء، أعطوا بلا حدود وجادوا بأرواحهم من أجل مصر.. فسطروا تاريخًا مضيئًا وحافلاً بالأمجاد.. فشموخ وعظمة مصر لم يأت من فراغ ولكن نتاج بطولات وتضحيات ومواقف شجاعة وشريفة.. لذلك يوم الشهيد أو عيد الشهيد.. جاء ترسيخًا للبطولة والشجاعة.. وتجسيدًا لعظمة الإنسان المصري، شديد الولاء والانتماء والارتباط بأرضه ووطنه، مستعد دائمًا للفداء.. فقد امتلك الفريق عبدالمنعم رياض الشجاعة والشرف أن يكون وسط جنوده على جبهة القتال، لتشاء الأقدار أن يلقى ربه شهيدًًا بفعل غدر الأعداء.. فاستحق أن تُخلد ذكرى استشهاده لتكون عيدًا وطنيًا للشهداء.

أجيال وراء أجيال من الرجال والأبطال الشرفاء، أبناء قواتنا المسلحة الباسلة يقدمون لنا المثل والقدوة فى التفانى والتضحية والفداء.. يؤكدون أن حب الوطن ليس بالكلام والشعارات، ولكن بالعطاء والتضحيات وبذل الغالى والنفيس من أجل أن تحيا مصر بكرامة وعِزة وشموخ.. فعلى مدار الحروب التى خاضتها مصر أنجبت هذه الأرض الطيبة الرجال والأبطال.. فهم من علَّمُوا الدنيا كيف يكون العطاء والشرف والتضحية وهم يحملون أمانة الحفاظ والدفاع عن الوطن.. لذلك يحظون بتقدير وحب ومكانة رفيعة فى قلوب المصريين، وبثقة لاحدود لها فقد ضربوا أروع الأمثال فى التضحية وحب الوطن.

إن القوات المسلحة بيت الوطنية وقلعة الشرف وعرين الأبطال، تجسد لنا فى أداء مهامها المقدسة، التجرد وإنكار الذات، وعظمة العطاء.. تسهر على حماية مصر، والحفاظ على شعبها، وحماية أمنها وسلامتها.. تصنع دائمًا المعجزات.. قال فيهم النبى (صلى اللَّه عليه وسلم): «هُم خير أجناد الأرض».. فقد كانت الدنيا تظن أن مصر بعد حرب 1967 لن تقوم لها قائمة.. فلم تمض سوى أيام بل ساعات، حتى خاطب المقاتل المصرى العالم أن ما أُخذ بالقوة لن يُسترد إلا بالقوة.. اخترقت طائرات مصر وهى التى تعرضت لخسارة فادحة فى ٥ يونيو 1967، وإذا بها تنفذ مهام وعمليات فى عمق العدو وتتوالى الضربات والبطولات التى استنزفت قوات العدو ودخلت فى أعماقه وأذهلت العالم.. فهل ينسى العالم إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات فى 21 اكتوبر 1967 أى بعد عدة أشهر من النكسة.. لتخبر العدو أن مصر ربما تمرض، لكنها لا تموت، طالما يحميها جيش مصر العظيم.. بطولات وتضحيات رجال الجيش المصرى فى حرب الاستنزاف حققت نتائج عبقرية.. فقد أعادت الثقة للمقاتل المصرى فى نفسه، وسلامة قيادته.. وعرف العدو أن الأبطال قادمون لا محالة، وأنه أقل وأضعف من أن يزعم أنه الجيش الذى لا يقهر.. فمصر لديها الجيش الأسطورة، القادر على صنع الفارق بشجاعة وبسالة أبطاله.. لم يتأخر الثأر كثيرًا.. فى حسابات الأمم والأوطان، فبعد ٦ سنوات حقق المقاتل المصرى المعجزة العسكرية.. وعبر ودهس كل الأكاذيب التى روجها العدو عن نفسه.. وانتصر المصريون وعرف العالم قدرهم واستعادوا أرضهم، بعد ما أدرك العدو أنه خاسر لامحالة.. وأن الحرب أمام المصريين رهان خاسر.. لتكون ملحمة العبور فخراً لكل مواطن مصري، ومجداً عظيماً لقواتنا المسلحة الباسلة.. فقد انتصرت الإرادة والشجاعة والإيمان بعدالة القضية وبسالة وصلابة المقاتل.. على عدو انتابه الغرور، ونسى نفسه ولم يدرك أنه يتحدى الجيش الذى صنع تاريخ الانتصارات والأمجاد.. انتصر المصريون رغم تفوق عدوهم فى السلاح.. سبق وتفوقت السيارة «السيات» على «المرسيدس».. فرفع العالم القبعة وانحنى احتراماً وإجلالاً للجيش المصرى العظيم وشجاعة رجاله.. ونبل أبطاله من الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءً لشرف الوطن.

ولأنه الجيش العظيم.. خير أجناد الأرض فإن سلسال الشجاعة والبطولة لاينقطع، يجرى فى دماء أشرف الرجال.. وعقيدة وطنية تتسلمها الأجيال جيلاً بعد جيل.. فقد حاصرت مصر التحديات والتهديدات والمخاطر من كل صوب وحدب.. ونشطت آلة المؤامرات والمخططات.. لكن أبطال جيش مصر لا يهابون الموت، ولايعرفون الخوف.. وعلى استعداد دائم للفداء والتضحية.. حتى لا يركع الوطن إلا للَّه.. انتشر الخونة والمرتزقة والإرهابيون ممن استأجرتهم قوى الشر وأغدقت عليهم المال لطعن الوطن.. وأيضا ممن تاجروا بالدين، وأخذوه ستارًا من أجل تنفيذ مخططات شيطانية طبقًا لتعليمات أسيادهم.. لكنهم نسوا أو تناسوا  أن لمصر جيشًا عظيمًا، قويًا، صلبًا، قادرًا.. يحميها ويدافع عنها مهما كلَّف ذلك أبناءه من فداء وعطاء.

انتصرت مصر فى معركة البقاء، فى الحرب على الإرهاب الأسود الممول والمدعوم والمدفوع لتركيع مصر.. انتصرت بفضل بطولات وتضحيات الرجال والأبطال.. بفضل شهداء أبرار أبوا أن يسكن على أرض مصر الطاهرة من خانوا اللَّه والوطن.. نالوا الشهادة من أجل أن تحيا مصر.

الحقيقة وبكل أمانة وصدق أن السبب فيما نحن فيه من أمن وأمان واستقرار وإنجازات وثقة وأمل فى المستقبل.. هم الشهداء الذين افتدوا مصر وشعبها بأرواحهم .. لذلك مصر لا تنسى أبناءها المخلصين.. فاستحقوا الخلود والتكريم.. واستحقت مصر النصر والعبور إلى بر الأمان والاستقرار والبناء والتنمية والمستقبل الواعد.

هناك دروس وعبر تركها لنا الشهداء ليكونوا لنا القدوة والمثل فى حب الأوطان وفدائها.. ليخبرونا أن حب الوطن «ليس مجرد كلام، ولا شعارات، ولا مزايدات، ولا إساءات ولا متاجرات ولا مقامرات بأمن الوطن».. ولكن بالعمل والصبر والتضحية والوعى والفهم.. تركوا لنا درسًا بليغًا فى الفداء والتحمل وأن حب مصر هو أغلى حب بعد حب المولى عز وجل.. أغلى من الولد والبنت والأم والأحباب.. فالشهداء فارقوا الجميع من أجل مصر.

الشهيد علمنا ألا نفكر فى توجيه مجرد كلمة جارحة للوطن.. علمنا كيف نعطي.. البعض منا يبخل على وطنه بكلمة أو فهم أو وعي، شعارهم المزايدات والمتاجرات ينقلبون على الوطن لو نقصت بطونهم أو واجهوا صعوبات بسيطة.. يجلسون فى الغرف والمكاتب المكيفة من أجل التنظير وتزييف وعى الناس عن جهل وعدم فهم ودراية.. باحثين عن الذات.

هل لو كان بيننا الآن شهيد.. هل كان ليتجرأ على وطنه بكلمة إساءة على السوشيال ميديا أوالتنظير دون علم.. للأسف بعض الذين ينتقدون لمجرد وجود أزمة ليست محلية الصنع، ولكنها أزمة عالمية، جاءت من رحم جائحة «كورونا» التى تتزامن الآن مع العملية الروسية فى أوكرانيا.

أعظم ما فى الشهادة والتضحية بالروح، وهى أغلى ما يملكه الإنسان أن فيها إنكارً للذات والانتماء العميق للوطن والأرض.. فالشهيد لم يفكر فى أى شيء فيه مكسب أو مغنم سوى كرامة وطنه، ترك الدنيا عن طيب خاطر، لم يبحث عن مجد زائف، بل عن كرامة الوطن والشعب، لم يدر فى خلده فراق أهله وأسرته، أطفاله، أمه، زوجه.. ضحى بكل شيء من أجل ألا يركع الوطن، فى الوقت الذى نرى فيه سلوكيات غريبة وشاذة، لا أتحدث عن خيانة المرتزقة، فهؤلاء معروفون.. لكن أتحدث عمن يتكلمون فى أمور لا يفهمون فيها، ولا يُلمُون بأبعاد القضايا والموضوعات.

هذا الشهيد الذى قدم حياته فداءً للوطن، يعلمنا درساً فى حب الأوطان، ويبعث برسالة قوية إلى كل ضعاف النفوس من الذين يزايدون على وطنهم، ولا يقدرون ظروفه، باحثين فقط عن أشياء ذاتية لا يريدون أن يرهقوا أنفسهم من أجل حياة أفضل لهم.. ويعلقون تخاذلهم وفشلهم على الدولة، أو الحكومة.. ويقولون أشياء لا يفهمونها، جعلوا حياتهم على السوشيال ميديا، ينتقدون بجهل، ويُنظرون دون فهم.. ويزايدون دون وعى وهم لا يدرون أنهم يخدمون قوى الشر والخيانة والتآمر، الذين هدفهم إحداث الوقيعة وبث الفتنة وإسقاط الدولة.

الحقيقة أن الاحتفال بيوم الشهيد يلهمنا الكثير من الدروس والعبر فى التجرد والتضحية، وإنكار الذات والفداء.. يعلمنا الوطنية والولاء والانتماء، ويحصن عقولنا وقلوبنا، فمهما فعلنا للوطن لن نصل إلى عظمة ما قدمه الشهيد، فما بالنا بمن يتخلون عن وطنهم أو يسيئون إليه، ويشوهون نجاحاته وإنجازاته، ويحاولون وأد أحلامه وتطلعاته وآماله؟

ماذا لو عاد الشهيد إلينا من جديد وهو مَن ضحَّى ومات من أجل أن نحيا ونعيش، ورأى المتخاذلين والمنظرين والمزايدين، أو الذين لم يتحملوا صعوبات بعض الوقت، وظروفاً استثنائية فرضتها أزمتان عالميتان رغم جهود الدولة الجبارة للوقوف مع المواطن، والتخفيف من حدة الأزمة بعد أن وفرت كافة الاحتياجات والسلع الأساسية والاستراتيجية لشهور طويلة، هل سيرضى الشهيد الذى لولاه ما كنا نمتلك رفاهية التنظير والمزايدات عن سلوكياتنا.

الحقيقة أننا مطالبون بوقفة مع النفس، ومصارحة ومكاشفة، فللأسف هناك من ابتعد عن الأمانة والموضوعية، وينكر النعمة والخير والأمن والاستقرار الذى نعيشه، والحقيقة أن فى ذلك خيانة لأرواح ودماء الشهداء.

انظروا إلى صبر ورضا وفخر أمهات الشهداء وأبنائهم وأسرهم، الذين هم فى أشد الحاجة لوجودهم، ويتعذبون بسبب غيابهم وفراقهم، لكن رغم ذلك مستعدون لتقديم المزيد من أبنائهم دفاعاً عن كرامة الوطن، وأن يحيا عزيزاً شامخاً.

دفعت مصر ثمناً كبيراً وباهظاً من أرواح ودماء أشرف الرجال.. ليسطروا المعنى الحقيقى للرجولة والفروسية والوطنية والتضحية من أجل عدم إسقاط مصر.. من أجل أن نعيش فى أمن وأمان وسلام واستقرار، ونملك حق التطلع للمستقبل الأفضل بالبناء والعمل والصبر والمثابرة والكفاح والوعى بما يُحاك ويُدبَّر فى جُنح الظلام لهذا الوطن.. من أجل أن نكون نحن صمام أمان للوطن، لا شوكة أو خنجراً فى ظهره.. أن نكون معه لا عليه.. أن نقف فى وجه أعدائه، وليس دعمهم ومساندتهم.

تضحيات الشهداء لم تذهب هباءً، بل طاقة خلاقة فياضة بالبناء والنجاحات والإنجازات التى أبهرت العالم، فقد انتصروا فى معركة البقاء.. فتحققت معجزة البناء فى اقتصاد وطنى قوي، قادر على امتصاص الصدمات، يحظى بمؤشرات عالمية مشرفة، يحقق معدلات نمو رغم الجوائح والأزمات، قادر على توفير احتياجات المصريين، خلق فرصاً غزيرة للعمل والاستثمار.. رسَّخ الأمن والاستقرار، وأقام المدن الجديدة وأيقونتها العاصمة الإدارية الجديدة، أتاح لمصر بنية تحتية وأساسية عصرية عملاقة، وشبكة طرق حديثة ومطارات وموانئ على أحدث نموذج فى العالم، وقضى على العشوائيات، وارتقى بالخدمات المقدمة للمواطن، وعزَّز الطريق إلى المستقبل الواعد فى الجمهورية الجديدة، ونشر الخير والنماء والرخاء ومشروعات عملاقة فى مجال الأمن الغذائى من مزارع سمكية وحيوانية وصوب زراعية واكتفاء فى الأسماك والثروة الداجنة والسكر والأرز.. والعديد من السلع، ووسَّع الرقعة الزراعية بملايين الأفدنة فى سيناء وتوشكى وشرق العوينات والدلتا الجديدة، وعشرات المدن السكنية من إسكان اجتماعى ومتوسط ومتميز.

أرواح ودماء الشهداء وتضحياتهم لم تذهب سُدًي، بل امتدت أياديهم بالخير لهذا الوطن، والحياة الكريمة لهذا الشعب.. أرواح الشهداء شيدت القوة والقدرة المصرية، فامتلكت مصر أقوى جيش فى المنطقة والشرق الأوسط وأفريقيا، وواحداً من أقوى جيوش العالم.. جيشًا وطنيًا شريفًا يدافع عن الوطن، ولا يعتدى على أحد، يؤمِّن حدودنا ووجودنا، ويسهر ويحفظ أمن مصر القومي، ويصون ثرواتها وحقوقها المشروعة ومواردها الطبيعية.. جيشًا لا يعرف المستحيل، أتاح لمصر الخلود ولشعبها الفخر والثقة والاطمئنان على الحاضر والمستقبل.. جيشًا اتخذ من الشرف والعطاء والفداء والوفاء للوطن عقيدة راسخة، هو جيش الرجال والأبطال والشرفاء.. السند والحصن والدرع.. «حامى حِمَى الأمة، ولاَّدًا بالأبطال جيلاً بعد جيل».

من أعظم إنجازات الرئيس عبدالفتاح السيسى، وما أكثرها وأعظمها.. بناء القوة والقدرة على الردع من خلال جيش قوى، يمتلك أحدث منظومات التسليح والقتال، والأهم أنه يمتلك أغلى وأقوى وأشرف الرجال، فهم خير أجناد الأرض.

الندوة التثقيفية التى تنظمها القوات المسلحة ممثلة فى إدارة الشئون المعنوية هى طاقة فياضة من الوعى والفهم ومشاعر الولاء والانتماء، والتعرف عن قرب على عظمة تضحية الشهداء، والمعدن النفيس لقواتنا المسلحة الشريفة الباسلة، صمام الأمان فى زمن لا يعترف إلا بالأقوياء.

تحيا مصر

أخبار الساعة

الاكثر قراءة