الخميس 16 مايو 2024

أنيسة حسونة.. رحلة معاناة مع مرض السرطان «بدون سابق إنذار»

أنيسة حسونة

تحقيقات13-3-2022 | 13:05

أماني محمد

« سرطان! أكيد مش أنا» بهذه الكلمات وصفت الدكتورة الراحلة أنيسة حسونة، الرئيس التنفيذي لمستشفى الناس وعضو مجلس النواب السابق، شعورها لحظة تشخيصها بمرض السرطان الذي اكتشفت إصابتها به بالصدفة عام 2016 لتبدأ معركتها ضد السرطان رافعة شعار المحاربة والتفاؤل والتمسك بالأمل، حتى رحلت عن عالمنا اليوم عن عمر يناهز 69 عاما.

لخصت أنيسة حسونة شعورها لحظة علمها بخبر إصابتها بسرطان الثدي في أغسطس 2016، حيث قالت إنها علمت بذلك بالصدفة ضمن إجراءات الكشف الدوري التي كانت تقوم بها، واصفة هذه اللحظة بالصدمة والمفاجئة الكبيرة لتقول لنفسها: "ماشبعتش من ولادي وأحفادي وجوزي، لسه عايزة أعيش معاهم أكثر وقت".

ولدت أنيسة حسونة في القاهرة 22 يناير 1953، وتخرجت في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، ثم تدرجت في المناصب طوال مسيرتها المهنية حتى شغلت منصب المدير التنفيذى لمؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب من 2009 وحتى 2016، حتى أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا بتعيينها عضوا في مجلس النواب في دورته السابقة من 2016 وحتى 2021.

بدون سابق إنذار

وثقت أنيسة حسونة رحلتها مع مرض السرطان في كتابها الصادر في 2017 تحت عنوان " بدون سابق إنذار.. قصتي مع السرطان"، حيث اكتشفت في 2016 إصابتها بالسرطان لتبدأ رحلة العلاج، وتشفى منه فيما بعد ثم يعاودها مرة أخرى ثم تشفى لتصاب به في المرة الثالثة وتظل طوال السنوات الماضية ملهمة ومحاربة ونموذجا للمحاربين ضد مرض السرطان ومصدر إلهام للكثير من المصابين به.

وعن شعورها لحظة معرفتها بالإصابة قالت: "المقاومة بالنسبة لي كانت صعبة للغاية، ولكن رغبتي في وجودي وسط عائلتي الصغيرة عزز روح المقاومة بداخلي، ومنحني رغبة الاستمرار في مواجهة هذا المرض رغم ألمه وقسوته"، حيث سافرت لإجراء عملية جراحية لاستئصال الورم، ثم تبدأ بعد ذلك رحلة العلاج الكيماوي والإشعاعي.

وفي منشور لها عبر صفحتها على فيس بوك، عام 2017، قالت أنيسة حسونة "في مثل هذا الوقت من العام الماضي جلست أستمع في ذهول للطبيب الذي نصحني بترتيب أموري المادية وغيرها قبل موعد مغادرتي المحتوم لهذه الحياة، لم أفهم كلماته حينها أو أستوعبها فإنزلقت بوقعها القاسي علي إدراكي وكأنها قطرات ماء تنزلق علي زجاج دون أن تترك به أثرا، بينما ظللت جالسة أمامه في سكون وزوجى والبنات مثلي، وعقلي يدور بسرعة ٣٦٠ درجة في الثانية بين مختلف الاحتمالات، وأنا غير مصدقة أن ذلك يحدث لي في الواقع، وأنني قد أصبت بهذا المرض الخطير فعلا واستمررت في النظر إلى وجهه وهو ما زال يتحدث وأنا أتساءل في ذهني ماذا أفعل هنا؟ لا بد أن هذه الأشعات وتقريرها يخصان مريضة أخرى، وأن خطأ ما قد حدث بتسليمها لي كما يحدث في الأفلام السينمائية، وأن شخصا سيفتح باب الغرفة فجأة ويعتذر عن هذا الخطأ الجسيم ويخبرني أن نتائج الأشعة الخاصة بي سليمة وأنني على ما يرام، وبالتالي نتنفس الصعداء ونغادر جميعا المركز الطبي سعداء ونعود لحياتنا العادية، ويمكنني بعد ذلك أن أضيف هذه القصة إلى محصول القصص الكوميدية التي نحكيها عما يحدث لنا

وتابعت: "وعندما خرجت جزئيا من حالة الذهول التي أصابتني بدأ ذهني يتساءل لماذا أصابني أنا السرطان؟ وكيف؟ ولماذا أنا بالذات؟ فأنا لم أتسبب في إيذاء أحد طوال حياتي وعاملت الناس دائما بالحسنى كما أحب أن يعاملوني وكنت دائما ودودة لأن الابتسامه صدقة! فهل الإصابة بهذا المرض عقاب على ذنب ارتكبته؟ أم أن معاناتي المتوقعة ستكون في ميزان حسناتي وتقلل من ذنوبي في الآخرة؟ أيا كان الأمر فأنا لا أرغب أن أكون مصابة بالسرطان، وبينما أدرك أنني يمكن أن أغادر الحياة في أي لحظة ولأهون سبب، ولكني لا أريد أن أعرف أن مصيري قد أصبح محتوما قريبا بسبب المرض.".

وأوضحت: وبعد صمت طويل وتردد أطول لشهور طويلة قررت أن أتصرف بطبيعتي وأواجه مخاوفي من إحتمال عدم تقبل الآخرين لمظهري الجديد بعد خضوعي للعلاج من مرضي المفاجيء ، فالكثير ممن حولنا يتوقعون منا أن نظل دائما في أحسن صحه وحال رافضين قبول أي علامات ضعف أو مرض علينا وكأنه من قدر النساء في عالمنا أن يتحملن آلامهن في صمت حني يستطيع الآخرون أن يستمروا في الإعتماد عليهن بإطمئنان كالعادة.

ولذلك فإنه إعتمادا علي الدعم المستمر من عائلتي إستجمعت شجاعتي بعد أن سئمت التظاهر بأن كل شيء علي ما يرام وقررت أن أشارككم تجربتي الواقعية مع مرض السرطان الخطير والذي فتح صفحة جديدة غامضة في حياتي وحياة عائلتي وغير من مظهري وجوهري بتأثير العقاقير والجراحة وجلسات العلاج الكيمياوي ، وبعد أن كنت قد جاهدت طويلا للتظاهر بأن كل شيء يسير كالمعتاد حتي أحتفظ بتماسكي وتوازني النفسي، أؤمن الآن أن الوقت قد حان لكي أخرج إلى العلن  وأفتح لكم قلبي بشأن قصتي مع السرطان وما ذَا حدث فيها وما هو مصيري المنتظر وفقا لما يظنه الأطباء، وأعتقد أن هذه المصارحة الشخصية التي تستلزم قدرا كبيرا من الشفافية ستساعدني علي مواجهة الحياة بشكل أفضل... فأنيسة ستظل كما هي في نظر من يحبونها فإصابتها المرضية لن تغير فيما ترغب فيه من هذه الحياة بل ربما ستعيد ترتيب أولوياتها بشكل أفضل وأكثر واقعية وتفتح آفاق جديدة للإستمتاع بنعم الحياة الكثيرة في فترة أقصر بينما تدق ساعة العمر.

واختتمت منشورها: وأملي أن تسهم تجربتي الخاصة في إعلام الآخرين بالمزيد عن هذا المرض الخبيث وزياده الوعي حوله، وربما تلهم البعض الآخر من المصابين به بضرورة الإستمرار في مكافحته مهما إدلهمت الظروف، وفي جميع الأحوال فأنا لن أستسلم، ولن أرفع الراية البيضاء أمام هذا المرض مهما كانت خطورته؛ فأنا لم أشبع من أحفادي بعد، ولم أحتضن وأُقبل بنتيَّ بما فيه الكفاية، وأحزن على ما سيفوتني من مُتع صغيرة كثيرة كنت أدخرها لرحلاتنا المُقبلة معًا، ولا أرغب في أن أختفي من حياتهم بعد، فحياتي هي حياتهم، والعمر ليس له قيمة بدون وجودهم حولي ومعي.

واختتمت: قد سطرت هذه التجربة الحياتية القاسية في كتاب سيصدر خلال الأسابيع القليلة القادمة إن شاء الله وأتمني أن تجدوا به ما يثير إهتمامكم ويساندكم في بعض اللحظات التي قد تبدو فيها الدنيا وكأنها قد أغلقت الباب في وجوهنا رغم أن  شعاع الأمل يظل دائما موجود بشكل او بآخر ليحمينا من الإنهيار ويدعمنا في مواجهة الهواجس والقلق والخوف من المجهول.

إصابة للمرة الثالثة

وأعلنت في يناير 2021 إصابتها بالسرطان للمرة الثالثة، حيث أعلنت أن الأطباء وجدوا رقم خرافي من دلالات الأورام، لدرجة أنهم ظنوا في البداية أن هذا من تأثير الدواء الجديد الذي تأخذه، حيث أخبرها الأطباء بضرورة العودة مرة أخرى لجلسات العلاج وتستمر في معركتها، لأنها لو أهملت ذلك سيصبح الألم غير محتمل.

وكانت دائما ما تدعو السيدات للقيام بالفحص الدوري لأورام سرطان الثدي، وكذلك سرطان الرحم لأن هناك ارتباطا بين المرضين.

وفي احتفالية يوم المرأة العالمي الأسبوع الماضي، كرمت السيدة انتصار السيسي، قرينة رئيس الجمهورية، الدكتورة أنيسة حسونة، التي ظهرت خلال الحفل على كرسي متحرك، معربة عن سعادتها بهذا التكريم، فقالت في آخر تصريحاتها: إنها شعرت بسعادة غامرة عندما تم إخبارها بتكريمها في احتفالية يوم المرأة، حسيت إن استقبال السيدة إنتصار السيسي للمكرمات كان دافئًا ويدفعنا للحديث معها، أن يتم تكريمي من سيدة تمثل 50 مليون سيدة مصرية شرف كبير، قرينة الرئيس شخصية من طراز فاخر، وكنا سعداء باللقاء معها في احتفالية حب وليس لقاء بروتوكولي".

واختتمت تصريحاتها: "لما تشتغلي وترضي ربنا وضميرك وتلاقي بلدك وكأنها بتقولك شايفينك ومتشكرين ليك وتطبطب عليكي؛ شعور لا يمكن وصفه مطلقًا وأسعدني كثيرًا".