حوار: عمرو محيى الدين
عدسة: آيات حافظ
الفنان التشكيلى حسين نوح "كوكتيل" من الفن والإبداع. نشأ فى أسرة فنية فكان طبيعياً أن يشعر بقيمة الفن ويدرك أهميته، يمتلك مهارة الرسم والحرفية فى التأليف والتميز فى الإنتاج الدرامي، استطاع من خلال معرضه التشكيلي الإنتاج " غالية" فى جامعة القاهرة أن يجذب عددا كبيرا من عشاق الفن التشكيلي من رجال الثقافة والسياسة والفكر والإعلام .. يؤمن أن القوى الناعمة عليها دور كبير فى محاربة العنف، ويؤكد ضرورة عودة جميع أنواع الفنون إلى المدارس، حواري معه دار عن الفن التشكيلى وإنتاجه الدرامى وعمله المسرحي الجديد، وذكرياته مع تأسيس فرقة أخيه محمد نوح..
يقول الفنان التشكيلي حسين نوح: فى معرضي التشكيلى الأخير " "غالية" بجامعة القاهرة إن الفن التشكيلي مهمش، وتوجد معارض لا تجد فيها سوي عدد قليل من الزائرين فى اليوم الثالث أو الرابع، ولا ينتبه البعض إلى أننا عرفنا التاريخ من خلال رسومات المعابد، والفن التشكيلي بدوره يزيد إحساس الإنسان بالجمال،وإدراكه للخير، والتفرقة بين الخير والشر والجميل والقبيح، واستلهم ما قاله الكاتب زكى نجيب محمود إن الإنسان إذا فرق بين الخير والشر يستطيع أن يعرف معنى الجمال.
ويضيف نوح: قدمت فى معرضي الأخير أكثر من 40 لوحة استخدمت فيها «خشباً وتوال وسجاداً» وكل هذه الأنواع تحتاج إلى تكنيك خاص فى الرسم، كأن الرسام يدخل معها فى صراع حتى ينتصر أى منهما.
ويقول نوح: الزحام فى المعرض كان غير مسبوق وجعل الزائرين فى دهشة، وحصلت بعد العرض على درع تكريمية من جامعة القاهرة، من الدكتور جابر نصار، وهو من أهم من صنعوا تنويرا فى صمت، وفى رأيى هو الرجل التنويرى الأول فى الزمن المعاصر، وصنع من جامعة القاهرة شكلا مختلفا.
عودة حصص الرسم
ويتابع: عندما تجد فنانا دون المستوى ينجح، فهذا شىء محبط جدا، وليس النجاح شرطاً لان تكون متميزا، وأرى أن على الدولة دوراً تنويرىاً للارتقاء بالفنون والثقافة، وينبغى أن تعود حصص الرسم والموسيقى والأشغال للمدارس، فقد تربيت على هذه الفنون فى صغرى، ولا يمكن لطفل يلعب آلة موسيقية أو فتاة ترقص «باليه» أو شاب يرسم أن يفجر نفسه بعد ذلك ويلجأ للتطرف والإرهاب، فقد شاهدت مثلا فى إحدى النشرات الإخبارية طفلا فى العراق يقتل رجلا بدم بارد، رغم أن الإنسانية لديها قوانين فى حق الأسير والسجين والمرأة والشيخ وفكرة الدم محرمة فى كل الأديان، فهل من ينتهج العنف والقتل والتطرف يعرف الفن وقيمته؟!.
ويقول نوح: رسالتى فى معرضي كانت مناهضة العنف والعودة للجمال و"الغالية" هى مصر التى ينبغى أن نحافظ عليها ونعيد الجمال إليها.
30 عملاً درامياً
وعن إنتاجه الفنى الدرامي يقول: شاركت فى إنتاج أكثر من 30 عملاً منها مسلسل "بنت من شبرا"، و"ثمن الخوف" "سوق الحلاوة" و"الحصيدة" و"أنت المطلوب" لعلي الحجار، و"سحلب "لحسين فهمي، و"عقد الياسمين" لصلاح ذو الفقار، ومسرحية " سوق الحلاوة" ، ولكني مقل الآن فى الانتاج، وأقوم الآن بكتابة مسرحية بعنوان "هرتلة" تتناول الاختلاط بين الافكار والتباس الناس بين الصواب والخطأ، والمسرحية الآن تجاوزت مرحلة الرقابة.
ويضيف: الفن هو القوة الناعمة فى أى مكان، وللاسف لا نستطيع الآن أن نصنع فيلما فى قامة "شروق وغروب" أو "الزوجة التانية" أو "الأرض" أو "بلدى يا بلدى" أو "الزوبعة" أين الكتاب أمثال نعمان عاشور ويوسف ادريس!، لقد ذاكرت يوسف ادريس ويكفينى فخرا انى اشتريت قصة «مالك الحزين» لإبراهيم أصلان وكنت بصدد أن أقدمها فى فيلم ولكن بعض الخلافات أجلت هذا المشروع، حتى اشتراها المنتج حسين القلا بعد ذلك وقدمها فى فيلم " الكيت كات" ولا أنكر أنى شاهدت أفلاما كثيرة جيدة فى آخر 5 سنوات وكذلك مسلسلات ولكنها تاهت وسط الأعمال المتدنية.
وعن رأيه فى كثرة المعروض من الأعمال الدرامية فى رمضان يقول: حصر الأعمال فى موسم رمضان ظلم، كما أنه شهر عبادة ورقى فأصبح الشهر فرصة للإعلانات والمسابقات كما أنه تحول إلى شهر استهلاكي وهذا هو العار الأكبر.
أنا ومحمد نوح
وعن مشاركته فى تأسيس فرقة أخيه محمد نوح يقول: الفنان محمد نوح أسس فرقته الغنائية بعد نكسة 67 وفكر فى صناعة فرقة غنائية بشكل مختلف وكانت تحت اسم "النهار"، وأدخل فيها الباند والجيتار، وكنت ألعب مزيكا فى الفرقة، وكان نوح يغنى بعد النكسة أغانى كثيرة تشد العزم مثل «مدد» و«احمينى» وغيرهما.
وعن سبب تعلق الجمهور بأغنية مدد للراحل محمد نوح يقول : كلما كان الكلام بسيطا تعلق به الجمهور أكثر، ويصل إلى الناس بشكل أسرع، "فمدد مدد" كلمتان متناسقتان متتابعتان كما أن الأغانى التى يشارك فيها معك الجمهور حين غنائها هى التى تنجح بشكل أكبر.
وعن مسرحيته المقبلة "هرتلة" يقول: أبحث الآن عن مسرح لتقديم مسرحيتي الجديدة "علية"، وآسف لأن المسرح لم يفرز عملا ضخما منذ السبعينيات، كما ان الأفكار والتقنيات لم تتطور، إلا القليل من صناعه الآن مثل محمد جبر وخالد جلال اللذين اتابع ما يقدمانه، إضافة إلى أن المسرح فى العالم شهد تطورا كبيرا جدا سواء فى الأفكار أو التكنيك، فتجد على خشبة المسرح فى الخارج مثلا مركبا يسير والديكور على شكل بحر وكأنك جالس أمام بحر بحق وحقيقى.
وعن دور الفن فى جذب السياحة يقول: عندما عرض المسلسل التركى "العشق الممنوع" زادت السياحة بشكل كبير جدا فى تركيا، والمعالم السياحية فى مصر - بالإضافة إلى ما تملكه مصر تحت الأرض من آثار - يصنع ما يقرب من 6 دول سياحية كبرى وليس دولة واحدة، وأذكر أن فرقة البيتلز الموسيقية فى بريطانيا أضافت للدخل البريطانى وكذلك مايكل جاكسون أضاف للدخل الأمريكي، فالقوى الناعمة بالتأكيد لديها دور كبير فى جذب السياحة وتنشيطها ولا سيما أن بلدنا هى مصر!
وعن أعماله المقبلة فى الفن التشكيلي يقول: أجهز معرضا تشكيليا كبيرا فى لبنان وآخر فى الأوبرا إلا أن مثل هذه المعارض تحتاج وقتا وجهدا كبيرين.