حلبجة المدينة الجبلية كانت على موعد مع أزهار النرجس والورود البرية، مع نسمات بداية الربيع لاستقبال العيد القومي الكردي، عيد نوروز بداية رأس السنة الكردية وبداية الربيع وذوبان الثلوج والجليد من على سفوح الجبال والوديان.
حيث تكسو كردستان ثوبها الجميل كأنها عروس، ولكن دون سابق إنذار حصل ما لم يكن في الحسبان والتوقعات، في غمرة البهجة والفرح ونسمات الربيع مع بسمات الأطفال قام النظام العراقي السابق بقصف هذه البلدة الجميلة الكردستانية العراقية، ولأول مرة في التاريخ وفي الساعة الحادية عشرة من صباح يوم 16 مارس. 1988 بالغازات الكيمياوية.
تسبب الهجوم في استشهاد خمسة آلاف مواطن من أهالي المدينة ناهيك عمن تشرد، ولحد يومنا هذا آثار هذا القصف الكيماوي يعاني منه أبناء المدينة.
جريمة ليست لها سابقة سوى في هيروشيما، ولكن جريمة حلبجة ارتكبت من النظام الذي يحكم البلد ويقتل أبناءه بالغازات الكيماوية.
إن جريمة حلبجة وصمة عار في جبين الإنسانية، وكل من ساند النظام السابق من الدول الكبرى وزوده بالغازات السامية، ورغم اعتراف النظام نفسه بارتكابه الجريمة إلا أن الدول الكبرى لم تتحرك، بل التزمت الصمت مكتفية باستنكار اعتيادي، كأن شيئا لم يحدث.
حلبجة أصبحت رمزًا للصمود والتحدي وشوكة في عيون الديكتاتورية ومن سكت عن هذه الجريمة.
اليوم في الذكرى 34 لهذه المأساة، تطلب منا أرواح الشهداء أن نكون جميعا يدا واحدة ضد الديكتاتورية، وأن تقوم الحكومة العراقية بالاهتمام بتلك المدينة وجعلها رمزا للتحدي والصمود والبطولة.
أرواح هؤلاء الشهداء تطلب منا توحيد الصف وعدم تعميق الخلافات والالتزام بالدستور لبناء دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية، وأن يكون شعارنا العراق للجميع والتصدي لجميع التدخلات الأجنبية والالتزام بالقرار العراقي وعدم التهاون مع يهين سيادة العراق ويقصف المدن بالأسلحة الصاروخية بعيدة المدى متهما كردستان العراق بتهم باطلة.
إن الكرد في العراق مسالمون بطبيعتهم، داعمون للقضية الفلسطينية وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وقد قال الزعيم الكردي مصطفى بارزاني "إن قضية فلسطين لست قضية العرب بل قضية انسانية". وإن أوكار الكيان الصهيوني لا تبعد أمتارا عن هذه الدولة أو المليشيات التابعة.
وستبقى حلبجة رمزًا للصمود.