رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه
شهيدنا هو أحد أبطالنا الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الله والوطن، شعار الكلية الحربية "رجال العزة والكرامة"، وهو نموذج فريد في التضحية والاستبسال والتمسك بالأرض، فنشأته أيضا مليئة بشريان الحياة نهر النيل، حيث ولد العقيد شهيد أحمد زكي مدحت في يوم ١١ نوفمبر ١٩٢٩ بمدينة الخرطوم، وهو مصري الجنسية، ولكن تشاء الأقدار أن أباه - رحمة الله عليه - كان في مهمة رسمية ضمن بعثة طبية لوزارة الصحة المصرية امتدادًا للعروبة المصرية بالسودان أثناء ولادة الشهيد، فشرب مياه النيل من روافده وبدأت من هنا لديه روح وحب الوطن والعروبة معا، ثم ترعرع بين أسرته عقب عودته لمصر بعد انتهاء دور والده بالسودان إلى قرية العمار بالقليوبية، ثم انتقل للدراسة مع جدته بالسيدة زينب ليكون طالبا بمدرسة السعيدية ثم التحق بالكلية الجوية وبعد سنة تم التحاقه بالكلية الحربية عرين الأبطال ليبدأ من هنا أول سلام سلاح دفاعًا عن الشرف والكرامة شعاره "النصر أو الشهادة نموت نموت وتحيا مصر"، التحق بسلاح الفرسان "المدرعات" لتكون رايتهم "دماؤنا الحمراء تسيل على أرضنا الخضراء"، التحق بألاي سيارات وكان مقرها كوبري القبة سنة 1952 أثناء الثورة، ومن سنة 1960 حتى 1964 ثم مدرسًا بمدرسة الفرسان"معهد المدرعات" في ذلك التوقيت تحت قيادة العميد عبد الغني الجمسي مدير مدرسة الفرسان، ثم عين البطل قائدا لكتيبة بحرب اليمن من1964 حتى 1965 ثم العودة إلى المنطقة المركزية بالقاهرة ثم إلى السويس "الجيش الثالث الميداني".
وفي يوم 13 مايو 1967 ذهب إلى شرق القناة قائدًا للكتيبة 202 دبابات وبدأ القتال والدفاع عن الأرض وجاءت رسائله من أرض المعركة تتوالى رسالة تلو الأخرى إلى أسرته، وهذه الرسائل كانت تحمل ببن طياتها كل معاني الوفاء والتضحية والروح المعنوية العالية وكانت هذه رسالة للشهيد البطل يوم الجمعة 2 يونيو 1967 من الكونتيلا إلى زوجته "نص الرسالة" الذي اُستُشهد فيها الشهيد يشتهي القتال، كانت رسالته كلها روح قتالية عالية كأنها رسالة الوداع في ساحة المعركة كان يريد أن يطفئ نار الحقد منذ 1948 ونال الشهادة صباح يوم 5 يونيو ومعه رئيس عمليات الكتيبة أثناء التمسك بالأرض والتشبث بها، وكانت هذه المعركة من أشد المعارك دفاعًا عن الأرض التي ارتوت بدمائهم الطاهرة، رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه، وحصوله على أعلى وسام شرف عسكري نجمة شرف.
وجاءت الآن رسالتي ختامًا لمقالي لعلها تكون ذكرى في المستقبل لأعبر فيها عن شرف العسكرية المصرية التي كنت وسأظل جنديًا وفيًا لبلادي ومستعدًا للتضحية بروحي ودمي في أي وقت ومكان، منفذا ومطيعًا للأوامر، سلاحي لا أتركه قط حتى أذوق الموت، والآن سلاحي قلمي توعوي لجيل المستقبل دفاعًا عن الشرف والعزة والكرامة والهُوية الوطنية والولاء والانتماء لوطني الحبيب مصر أم الدنيا رافعة رايتها تحت شعار الله الوطن.. تحيا بلادي حرة أبيّة .. تحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر.