التاريخ المصرى مليء بالبطولات والتضحيات وأبناؤها يضربون أروع الأمثلة على مر العصور، فالعسكرية المصرية تزخر بأمثلة عديدة، ففي كل خطوة نعبر بها على تراب الوطن ترك رجال القوات المسلحة دماءهم الغالية كي تنعم مصر بالأمن والأمان،
ومع الدماء التى نزفت منهم سالت دموع غالية لن تجف لأعزاء تركوهم خلفهم يعانون الأمرّين، ولكنهم صامدون محتسبون أولادهم وأزواجهم وآباءهم فداء لمصر وشعبها.
وفى احتفاء الهلال بيوم الشهيد الذى يوافق التاسع من مارس كل عام كان لها بعض اللقاءات مع أسر شهداء الوطن فقالوا:
بداية يتحدث والد الشهيد محمد السيد إسماعيل رمضان الشهير بـ (ماسا) ويقول:
درس محمد في الأزهر الشريف حتى المرحلة الابتدائية ثم تم تحويله إلى التعليم العام، التحق بمعهد ضباط الصف في عام 2014 وتخرج في عام 2016 التحق بسلاح الصاعقة ثم إلى كتيبة الأبطال 103 صاعقة تحت قيادة الشهيد عقيد أركان حرب رامي حسنين.
ثم قيادة الشهيد عقيد أركان حرب أحمد منسي حيث إنه كان مرتبطا برجاله ارتباطا غير عادي، أما عن أخلاق (ماسا) الله يرحمه ويغفرله ويسكنه فسيح جناته ويتقبله من الشهداء فكان شابًا ذا خلق وأدب واحترام وقوة تحمّل صبرًا.
ويوضح رمضان، عاش معي أصعب الأيام حيث كان يعمل في مهنة النقاشة وكان "ما شاء الله ماهرا فيها بفضل الله"
ولكنه أحب أن ينضم إلى صفوف الجيش المصري بناء على رغبته الشخصية مع اعتراضي على ذلك لأني كنت لا أعرفه جيداً
لأن هيئته كانت تدل أنه شخص مرهف لكنه كان عكس ذلك و بعد مدة من عمله قلت له "عايز أخطبلك يا محمد"
ووافق وفعلاً تم خطبته على ابنة خاله وذهبنا سوياً إلى الصاغة في طنطا واشتريت له الشبكة واشترى دبلة فضة و كتب عليها أعز الناس وأمي واتفقنا على أنه سوف "يلبس الدهب يوم "12/7/2017" لكن للأسف الشديد كان القدر له اختيار آخر وقال كلمته يوم 7/7 /2017
يستطرد والد الشهيد ويقول: الجمعة أصعب أيام حياتنا فقد ترك لنا إرثا ثقيلا نطلب من الله عز وجل أن يعيننا على حمله ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يتقبله في الشهداء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا وأن يجمعنا بهم في الفردوس الأعلى من الجنة مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحبته الطيبين الطاهرين أمين يارب العالمين
"جوايا كلام كتير لكن الصراحة الوجع أكتر ولكن اللي أنا متأكد منه إني راضي بقسمة ربنا الحمدلله بس لما بفكر في الموقف "
اللي ابني و زميله كانوا فيه و احنا نايمين في بيوتنا مش حاسين بهم شعور لا يوصف مش عارف أتخلص منه حياتي توقفت عند صلاة عصر الجمعة"
7/7 /2017 عندما علمت بالخبر وخاصة عند الساعة الثانية إلا قليلا صباح يوم السبت
بمستشفى الجلاء العسكري عندما شاهدت جثمان ابني زرعة العمر ملفوف في علم مصر مسجّي على ظهره.
""الشهيد الرائد البطل أحمد خالد صلاح الحجار، قائد إحدى أكمنة زلزال جنوب مدينة الشيخ زويد في شمال سيناء..
الإرهابيون استهدفوا كمينه 20 يوما متتالية.. و"البطل" تصدى لهم فاستعانوا بـ"قناص محترف" لإسقاطه عن بعد
أرسل الإرهابيون عناصرهم لاستهداف الكمين الذي يوجد فيه البطل لمدة 20 يوما متتالية، وفي كل مرة يسقط رجالهم بنيران البطل، الذي عُرف عنه إجادته بشكل منقطع النظير للرماية القتالية.
العميد متقاعد سلوى بديع، والدة الشهيد، قالت لـ"الهلال"، إنّ نجلها كان شديد الحرص على عدم الحديث في أسرار عمله، أو أن يخبرهم بشيء عن عمله في المؤسسة العسكرية، وكان يكتفي بالاتصال بهم كل فترة للاطمئنان عليهم، وكان رده على أي استفسار منا: "الحمد لله أنا كويس".
وأضافت العميد سلوى، أنّ البطولات التي سمعتها من زملاء وقادة الشهيد أسعدتها وجعلتها أكثر فخرا به، إذ أنّها فخورة بالبطولات التي يسطّرها رجال القوات المسلحة في الدفاع عن أمن الوطن واستقراره، موضحة أنّ نجلها الآخر ضابط بالقوات المسلحة، وأنّهم نذروا أنفسهم فداء لمصر..
وأوضحت والدة الشهيد أنّ نجلها عقب استشهاده بأقل من شهرين وضعت زوجته مولودها الأصغر، وتمت تسميته أحمد على اسم والده.
أما والدة الشهيد الرائد وائل محمد كمال صلاح السيدة صباح فتقول:
أصغر أبنائي يكبر هبة دكتورة وهيثم مهندس، فقد كان مميزا من صغره، يعتمد على نفسه في كل شىء
درس الابتدائي والإعدادي في مدرسة جابر الأنصاري الخاصة ثم التحق في المرحلة الثانوية بمدرسة القبة العسكرية في سراي القبة وتخرج فيها بمجموع كبير وكان تنسيقه في هندسة وكان متفوقا من صغره فكان الأول على الجمهورية في الابتدائية وكان مهتما جدا بلياقته البدنية ومارس الملاكمة في فترة الثانوي.
وعندما ظهرت نتيجته بالثانوية ذهب و"سحب" ملفا من الكلية الحربية وكان في سنة ٢٠٠٧ واعتمد على نفسه، وخاض اختبارات الكلية بتفوق وظل ينتظر النتيجة ورفض الذهاب لكلية الهندسة على أمل أنه يقبل في الحربية، ومرت الأيام وكان الحزن يسيطر عليه
وأوضحت السيدة صباح، لكن الحمد لله علم أنه قبل وبدأ الدراسة في الكلية الحربية وكان متفوقا كعادته واجتاز فرقة الصاعقة الراقية بامتياز وكذلك فرقة المظلات، وفي سنة التخرج كان ضمن العشرة الأوائل للكلية الحربية وكان أمله أن يكون سلاحه في المشاة والصاعقة والحمد لله ربنا حقق له حلمه.
وتخرج في سنة ٢٠١٠ وذهب إلى إنشاص في الصاعقة وبعدها ذهب إلى الماكس في الإسكندرية وكان ضمن تأمين كنيسة القديسين بعد تفجيرها وبعد ذلك بوقت قليل انتقل للتحرير لتأمين السفارة الأمريكية أثناء أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ وتلقى عدة فرق منها مقاومة إرهاب دولي.
وذهب لعدة تدريبات مشتركة مع السعودية، وعندما كان في الصاعقة قابل معلمه وأستاذه ووالده الروحي الشهيد العقيد أحمد صابر منسي، حيث نشأت بينهما صداقة وأخوة، وبعد ذلك ذهب إلى الكنغو في قوات حفظ السلام سنة ٢٠١٥ وأثناء سفره تُوُفي والده رحمة الله عليه ولم يستطع أن يحضر وداع والده مما أثر عليه وعندما رجع من الكونغو وكان في وقت متأخر ذهب من المطار لزيارة والده في المقابر.
وتوضح السيدة صباح، ثم جاء تكليفه بالذهاب لسيناء لمحاربة الإرهاب وظل في سيناء أكثر من سنتين ولم يبلغني أنه في سيناء حتى يوم استشهاده، فقد أبلغ إخوته أنه في سيناء وأخذ عليهم وعدًا أنهم لا يبلغوني لأنى دائمة القلق عليه.
وعن علاقته القوية بالبطل أحمد منسي تقول السيدة صباح: كان استشهاد قائده ووالده الروحي "قصمة ظهر له" فعندما اُستشهد العقيد منسي ثاني يوم مباشرة قدم وائل طلبا وتمت الموافقة عليه فورا أنه ينتقل لكتيبة الشهداء كتيبة ١٠٣، وذهب مكان الرائد شبراوي رحمة الله عليهم جميعا.
ووقت وجوده في سيناء قام بعمليات كثيرة في القضاء على الإرهاب وقد أخذ شهادات تقدير من القائد الأعلى ووزير الدفاع لمحاربته الإرهاب ولمجهوداته في محاربة الإرهاب.
حتى جاءت آخر إجازة للشهيد وائل وكان مختلفا عن كل إجازة، فكان مستبشرًا وأكثر من مرة يقول لى: أنا "هخليكي فخورة بيا" أرد عليه وأقول له "يا حبيبي أنا فخورة بيك من ساعة ما دخلت الحربية ".
وتقول السيدة صباح: و يوم اللحظة الفاصلة فى عمرنا كلنا، كانوا يستعدون للخروج للتمشيط فارتدى الفيست الخاص به، وخرج ضمن الدوريات وأثناء التمشيط رصد مجموعة من الإرهابيين على الموتوسيكلات وكان التعامل معهم صعبًا من داخل المدرعة فقال للجنود " أنا هنزل بس محدش ينزل ورايا لأن الأرض هناك وعرة وممكن يستهدفوا الجنود فحين نزول وائل أمسك يديه السائق وقال له "يا فندم متنزلش" فقال له "أنا بديكم أمر إنكم متنزلوش" ونزل حبيبي وتعامل مع الإرهابيين وقتل منهم خمسة، وأثناء ذلك جاءت له طلقة في ذراعه وظل يتعامل معهم"
ثم جاءت طلقة على السيارة أحدثت شظايا أصابته في صدره من تحت الإبط أدت إلى نزيف.
وسكن مع قائده وحبيبه في جنتهما، ولكن بدأت رحلة الشقاء بالنسبة لنا، فوائل كان الحياة بالنسبة لنا والحمد لله رب العالمين إن ربنا منّ عليه بالشهادة لأنه أخلص النية لله فقد عاهد وأقسم وأوفى وربح البيَع.
اللهم أسكنه هو وكل أبنائنا الشهداء الفردوس الأعلى من الجنة وصبّرنا يا رب على فراق الأبطال.
وتختتم السيدة صباح حديثها بالدعاء لكل الأبطال والشهداء :
أحياء عند ربهم يرزقون.