السبت 18 مايو 2024

محمد مبروك شهيد الواجب.. عدو الإخوان


جمال شقرة

مقالات21-3-2022 | 18:28

جمال شقرة

الشهيد محمد مبروك من مواليد منطقة الزيتون عام 1974، وكان وحيد والديه حسب رواية والديه، تعلم تحمل المسئولية من صغره، وعندما انتهى من دراسته الثانوية التحق بكلية الشرطة وتخرج فيها عام 1995، والتحق بجهاز مباحث أمن الدولة عام 1997، وظل بالجهاز حتى ثورة 25 يناير 2011، وعندما حل الإخوان الجهاز انتقل للعمل في جهاز الأمن الوطني بمديرية أمن الجيزة، وبعد 30 يونيو 2013م عاد للعمل في جهاز الأمن الرئيسي.

تولى الشهيد مسئولية ملف الإسلام السياسي ومتابعة جماعة الإخوان وعناصر تنظيم الجهاد وجميع المنظمات التي تتستر خلف الدين وتعمل بسياسة هدفها قلب نظام الحكم.
اشترك الشهيد محمد مبروك في القبض على معظم قيادات الإخوان وحرر محاضر التحريات والضبط في
قضية هروبهم من سجن وادي النطرون، والأهم من ذلك أنه أدلى بشهادة خطيرة في قضية التخابر التي
اتهم فيها الرئيس المعزول محمد مرسي، كما شارك في البحث والتحريات في حادث محاولة اغتيال وزير
الداخلية.
وحسب شهادة أسرته ووالديه وزوجته، كان الشهيد محمد مبروك شخصية محترمة يقدر كل من تعامل
معه وكان خلوقًا وفيًا لوالدته ووالده ولكل أصدقائه، ورغم التحديات التي واجهته في عمله كان حنونًا
على زوجته لدرجة أنه كان يفصل بين مشاكل عمله والضغوط الكثيرة التي يتعرض لها وبين أسرته وإشفاقًا
عليهم لم يكن يخبرهم بخطورة الملفات المسئول عنها، وكان حنونًا ورفيقًا بأولاده زينة التي بلغت اثنيّ عشر عامًا يوم استشهاده، ومايا التي كانت في العاشرة من
عمرها وزياد الذي بلغ السابعة من عمره.
خاض الشهيد محمد مبروك معركة شرسة ضد جماعات الشر، بعد أن أتم تدريبه لمدة عام كامل، وبعد
أن حصل على ما يزيد على عشر دورات تدريبية متخصصة، وبعد أن قرأ كثيرًا حول تاريخ جماعة
الإخوان وما خرج من رحمها من جماعات أخرى، ومن الجدير بالذكر أنه حصل على دورة مهمة في الفقه
الإسلامي ليحصّن نفسه من التأثر بفكر الجماعات التكفيرية.
قام الشهيد بواجبه على أكمل وجه، وكان محط تقدير رؤسائه، حيث لاحق الإرهابيين في شبه جزيرة سيناء
بعد أن أعد ملفًا دقيقًا عن العناصر الإرهابية التكفيرية التي استوطنت سيناء وتخفت في جبالها وأنفاقها.
وجدير بالذكر أن الشهيد تابع التنظيم الدولي للإخوان وكوادره بالمخابرات الأمريكية وبقطر وتركيا
وغيرها، ورصد خطط الإخوان ومؤامراتهم وتنسيقهم مع التنظيم الدولي قبل 25 يناير 2011.
وكان الشهيد دقيقًا في عمله متقنًا له، فقام بتسجيل المكالمات الهاتفية بين عناصر الجماعة والتنظيم الدولي
وعناصر المخابرات المختلفة، كذلك رصد الرسائل المتبادلة بين عضو مكتب الإرشاد وقتئذ محمد
مرسي، وأحمد سيد المعاطي، مسئول التنظيم الدولي للإخوان في تركيا.
وكان نشاط الشهيد محمد مبروك وراء القبض على محمد مرسي و34 عضوًا من قيادات الجماعة، حيث
سجنوا في سجن وادي النطرون.
لقد كانت شهادة الشهيد محمد مبروك في القضية المعروفة بقضية "التخابر مع حماس" وراء تصميم
الجماعة الإرهابية على اغتياله، حيث فضح جرائم الإخوان بالمستندات والوثائق، كانت شهادته مثيرة
وخطيرة، حيث اشتملت على رصد اتصالات الرئيس المعزول محمد مرسي مع عناصر التنظيم الدولي،
وكذلك اتصالاته بعناصر من المخابرات الأمريكية، خاصة أول اتصال تم قبل انفجار ثورة 25 يناير
2011 بأربعة أيام، أي يوم 21 يناير، حيث أثبتت شهادته ضلوع المخابرات الأمريكية مع الإخوان في نشر الفوضى وتحريك الشباب الغاضب، وذلك بإعداد عشرة مطالب ترفعها شعارات الشباب وتوقعوا أن
يرفضها النظام.
كما كشفت شهادة الشهيد محمد مبروك والوثائق التي قدمها للمحكمة والتسجيلات أن الإخوان تعاونوا مع
مخابرات ثلاث دول أخرى، وفيما يتعلق بالتسجيلات أن الشهيد قد أخذ إذن النيابة بالتسجيل للرئيس
المعزول ولقيادات الجماعة، وأثبتت التسجيلات ضلوع العناصر المخابراتية في تنفيذ مخططات الهجوم
على السجون ومقار الشرطة المصرية.
وبالجملة كان التقرير الذي قدمه الشهيد محمد مبروك وشهادته حول اجتماعات الإخوان بهدف تحديد دورهم
بعد انفجار ثورة 25 يناير وأعمال التخريب والعنف التي سيقومون بها، سببًا في إدانة الرئيس المعزول
مرسي وكوادر الإخوان.
لقد كشف التقرير بوضوح كيف استغل الإخوان غضبة الشباب وأعمال العنف والإرهاب والقتل الذي قاموا
به وما ترتب على ذلك من استشهاد عدد كبير من الشباب الذين سالت دماؤهم في ميدان التحرير والميادين
الأخرى.
وبعد وصول الرئيس المعزول محمد مرسي إلى الحكم قرروا الانتقام من جهاز أمن الدولة ورجاله، ولم
ينسوا دور محمد مبروك، لذلك لم يمضِ وقت طويل بعد فض اعتصام رابعة العدوية والقبض على أعداد
كبيرة من الإخوان مرة ثانية، إلا وقامت جماعة أنصار بيت المقدس التكفيرية باتخاذ قرار في شهر نوفمبر
2013 باغتيال محمد مبروك.
ونفذت عملية الاغتيال بالفعل يوم الأحد 17 نوفمبر 2013، فعندما غادر الشهيد محمد مبروك منزله
متوجهًا إلى عمله، كان أحد عشر عنصرًا إرهابيًا في انتظاره أطلقوا عليه الرصاص وفروا هاربين.
لعبت الخيانة دورها في اغتيال عدو الإخوان، حيث قدم الخائن محمد عويس البيانات والمعلومات الخاصة
عن الشهيد وحدد لهم بدقة مكان إقامته، وكشفت التحقيقات أنه تقاضى 2 مليون جنيه مقابل خيانته من
الإرهابي الإخواني المليونير أحمد عزت، كما كشفت التحقيقات عن اشتراك الإرهابي محمد بكري هارون، والإرهابي فهمي عبد الرؤوف ومنصور الطوخي.
ونجحت قوات الأمن في اصطياد المجرمين وقتلت بعضهم كما قبضت على البعض الآخر، وقدمتهم
للمحاكمة وفي مقدمتهم محمد عويس وأحمد عزت.
هكذا طالت يد الإرهاب والخيانة الشهيد محمد مبروك، ورحل عن عالمنا تاركًا سيرة عطرة لبطل من
أبطال مصر، كما ترك زوجته وأولاده يستكملون مسيرة حياتهم بدونه محرومين من حنانه وعطفه ورعايته، لكن الدولة كرمته بجنازة شعبية كبيرة، حيث عزفت الموسيقى العسكرية كأنها تزف عريسًا، كما تناثرت الورود على نعشه الملفوف بعلم مصر، وتقدم الجنازة رئيس الوزراء ووزير الخارجية وعدد كبير من رجال الأمن ورفاقه وأسرته، وشهد مسجد الشرطة بالدراسة جنازة رسمية وشعبية تليق بمقام شهيد الواجب وعدو الإخوان اللدود.

مراجعة. حسين محمد .. الأحد 20 – 2 - 2022
أشرف

الاكثر قراءة