الأحد 16 يونيو 2024

الشهيد رائد طيار عاطف السادات مفتاح النصر لمصر


محمود المحمدي

مقالات21-3-2022 | 20:28

محمود المحمدي

بصوت مخنوق وقلب مخفوق وردت لى بعض الأحاسيس..

إحساس أم الشهيد اللى استشهد ابنها وهو بيجيب النصر لوطنه وهي كانت مستنياه علشان تفرح بيه فى يوم الفرح اللى كان قريب ولما جه يوم الاستشهاد قالت دا يوم الفرح بس الواد مشى من غير ما يسلم عليا .. أنا فرحانة بيه بس كنت عاوزة أحنيه .
أكيد أخواته حور الجنة دلوقتى بيجهزوه لفرحته ...عند لقاء ربه شهيد .

ودا أكيد أحساس أم الشهيد.

وأم الشهيد هى مصر اللى قدرها  تقدم شهداء كثيرين يدافعون عن هذا الوطن العظيم فلم تبخل الأم الكريمة عن التضحية بأبنائها فداء لوطننا الغالى وأرضه الطاهرة.

وتعد حرب السادس من أكتوبر عام 1973 من أعظم الحروب التى خاضتها مصر وقدمت فيها الكثير من الأبطال الذين ضحوا لكى يكون النصر حليف مصرنا الغالية ويعد أول شهيد فى هذه الحرب المجيدة هو الشهيد رائد طيار عاطف السادات الأخ الأصغر لبطل الحرب والسلام القائد محمد أنور السادات فيعطى لنا التاريخ برهانا بأن مصرنا العزيزة لا تبخل بأبنائها عن الدفاع عن أرضها فشقيق رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة يضحى بنفسه ويسقط شهيدا فداء للوطن وأرضه الزكية بدماء شهدائه ويكون أول شهيد فى حرب أكتوبر المجيدة فمن هو الشهيد رائد طيار عاطف السادات وما هى قصة استشهاده هذا ما سوف نتعرف عليه فى السطور القادمة.

ولد الشهيد رائد طيار عاطف السادات في شهر مارس عام 1948، وكان الشهيد في صباه يعشق الحياة العسكرية ويحلم بأن يكون ضابط طيار، فكان مثله الأعلى الأخ الأكبر القائد محمد أنور السادات وتحققت أمنيته بعد تخرجه من مدرسة كوبري القبة الثانوية بنين ليلتحق بالكلية الجوية ويتخرج فيها عام 1966، حيث عين طيار مقاتل باللواء الجوى ٢٠٥ سوخوى٧، و تم إرساله إلى الاتحاد السوفييتى للتدريب على قيادة الطائرة المقاتلة سوخوى 7 والتى كانت تتميز بأنها صممت للطيران المنخفض جدًا وتدمير الأهداف وبسرعات عالية تصل إلى ١٢٠٠ كم /ساعة وعلى ارتفاع منخفض، وهي مصممة باتزان طولى عالى بحيث يسهل السيطرة عليها على السرعات العاليه جدًا قريبًا من سطح الأرض، وحالات الاشتباك الجوى بها عند الضرورة، وظل عامين فى الاتحاد السوفييتى يتدرب على المقاتلات الجوية ثم القاذفات المقاتلة «السوخوى» حيث أصبح من أمهر وأكفأ الطيارين فى العالم فى قيادة هذا السلاح الجوى السوفييتى.

وعاد الشهيد عاطف السادات إلى الوطن مرة أخرى بعد أن تدرب على قيادة المقاتلة السوخوى حيث كانت مصر حبه الأول والأخير، فلم يتزوج لأنه وهب حياته لمصر، وكان دائما يردد "فرحتي الحقيقية هي يوم أن تنتصر مصر، وتنسحب إسرائيل من سيناء ويعود علم مصر يرفرف من جديد فوق رمالها".

ويقول اللواء الطيار أحمد كمال المنصورى أحد أبطال حرب أكتوبر عن الشهيد رائد طيار عاطف السادات بأنه كان مثالا للأخلاق والتفانى فبالرغم من كونه الشقيق الأصغر للرئيس الراحل محمد أنور السادات، إلا أنه كان مثالا للجميع في الانضباط والالتزام والقيم العريقة التي نشأ عليها، فكان البطل شديد الذكاء يتمتع بروح معنوية عالية وحب جارف لوطنه لم يتخلف عن التدريب ولو لمرة واحدة، شارك في حرب الاستنزاف وكان دائما يردد لابد من معركة جديدة ليرى العالم قدرة المقاتل المصري وكفاءته، ويشدد من عزيمة من حوله في التدريب قائلا: "إن هذه الطلعات هي تدريب لليوم الكبير"، للمعركة التي وهب لها كل حياته.

 ويذكر الراحل العميد فاروق أبو النصر عليش قائد اللواء الجوي 205 لواء السوخوي

أنه في يوم الخامس من أكتوبر 1973 تم إطلاق حالة الاستعداد في مطار بلبيس وجرى كل طيار على مقاتلة داخل دشم الطائرات الحصينة وكانت الطائرات مسلحه بالقنابل وجاهزة ولكن تم إلغاء المهمة فقد كان هذا تدريب على تجميع الطيارين، وفى السادس من أكتوبر 1973 تجمع طيارو المقاتلات القاذفة من لواء السوخوي 7 في استراحة الطيارين حتى الساعة الواحدة إلا ربع تقريبا ظهرا حيث دخل على الطيارين اللواء طيار نبيه المسيري رئيس أركان القوات الجوية المصرية وأخبر الجميع أن الحرب ستقوم بعد ساعة من الآن، وطلب اللواء طيار نبيه المسيري من الطيارين ضرب العدو بشراسة وقوة وتركهم بعد أن تمنى لهم التوفيق والنصر.

وكان قد تم تعيين الشهيد عاطف السادات ضمن قائمة الموجة الثانية للضربة التي خطط لها لضرب أهداف استراتيجية للعدو الإسرائيلى في عمق سيناء، ولكن أمام إصراره وحماسه الشديدين تم نقل اسمه بناء على رغبته ضمن قائمة الطلعة الأولى التي تم التخطيط لتكون ضربة مفاجئة بقوة 225 طائرة استهدفت مطارات "المليز وتمادا ورأس نصراني".

استقل الشهيد رائد طيار عاطف السادات طائرته ضمن طلعة الطيران الأولى لتحرير الأرض واسترداد الكرامة المهدرة، انطلق البطل الطيار عاطف السادات مع 36 طائرة أخرى من طائرات لواء السوخوي 7، وكانت المهمة ضرب موقع صواريخ الهوك الإسرائيلي للدفاع الجوي ومطار المليز وكان من قادة التشكيلات في هذه الضربة الرائد طيار زكريا كمال والطيار مصطفى بلابل، وأثناء تحرك الطيارين لدشم الطائرات ركض الطيار عاطف السادات إلى قائده العميد فاروق عليش وطلب منه قبل أن يضغط على زر إلقاء القنابل من الطائرة أن يقرا القرآن ويقول الآية (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) ورد عليه قائده العميد فاروق عليش وقال له لقد كنت سأقولها فعلا فتح الله عليك يا ولدي. 

وفي تمام الثانية وخمس دقائق من ظهر السادس من أكتوبر انطلق البطل بطائرته المقاتلة وذلك بسرعة مذهلة ليعبر قناة السويس على ارتفاع منخفض متفاديا التقاطه بشبكات الرادار ووسائل الإنذار، لينقض على الموقع المحدد له ويطلق عددا من صواريخ أرض جو ويدمره تماما، وينجح في تدمير موقع صواريخ الهوك الإسرائيلية.

وقام البطل بالتحليق فوق مطار المليز مرتين للتأكد من تدمير الأهداف والبحث عن أهداف جديدة، وفى الدورة الثالثة وعقب تبليغه بإتمام مهمته عبر اللاسلكى، أصيبت طائرته بصاروخ إسرائيلى لتصعد الروح الشريفة إلى خالقها، حيث كانت الساعة وقتها قد تجاوزت الثانية واثنتي عشرة دقيقة أى بعد بداية انطلاق الطيران المصرى فى عبور قناة السويس وتدمير الأهداف الاستراتيجية للعدو الإسرائيلى فى عمق سيناء بسبع دقائق فقط حيث يعد الشهيد رائد طيار عاطف السادات أول شهيد يروى دمه أرض مصرنا الغالية وفي نفس اللحظة بدأت إشارات اللاسلكي تتوالى بنجاح الضربة الجوية في تنفيذ جميع المهام المحددة لها حيث تعتبر ضربته الجوية مفتاح النصر، واستشهد البطل في السادس من أكتوبر عام 1973 عن عمر لم يتجاوز الـ 25 عاما متخذًا من العلا سبيلاً إلى المجد.

وتتحدث الدكتورة كاميليا السادات عن الشهيد عاطف السادات فى حوار مطول بمجلة "أكتوبر" بتاريخ 27 ديسمبر 2018، بأنها تحتفظ بصورة عمها الشهيد عاطف السادات فى غرفتها وأنها تحمل صورة كبيرة لعمها الشهيد خلال معارك حرب أكتوبر عاطف السادات، وطلبت من الشعب المصرى بأن يحيي هذا البطل، الشقيق الأصغر للرئيس الراحل الذى نال الشهادة خلال الطلعة الجوية الأولى فى حرب الكرامة 1973.

وقالت: مشهد الإعلان عن وفاة عمي عاطف السادات من أكثر المواقف التى تأثرت أنا بها، وتأثر بها والدى رحمه الله، فلم يدفن الشهيد عاطف السادات فى مقابر العائلة لأن أسرتنا لم تتسلم جثمانه إلا بعد 8 أشهر بعد أن تلقى والدى الرئيس الراحل محمد أنور السادات خطابا من جولدا مائير رئيس الحكومة الإسرائيلية فى ذلك الوقت، يفيد أن تل أبيب على استعداد لسداد أموال مقابل الحصول على جثث قتلاها لدفنهم بالأراضى اليهودية، فالتزم أبى بإرسال جثث الجنود الإسرائيليين، قائلاً: نحن لا نبيع جثثا، وتم الالتزام بالبروتوكول الدولى المنظم لذلك، وإرسال الجثث بصناديق ولكن بدون تقاضى أى مقابل من اليهود، وبناء عليه أرسلت إسرائيل ما تبقى من عظام عمها الشهيد عاطف السادات ومتعلقاته الشخصية، التى تضمنت 

"السلسلة الخاصة التى تحمل رقمه العسكرى والطبنجة والخوذة".

ويذكر قائد اللواء الجوي 205 لواء السوخوي الراحل العميد فاروق أبو النصر عليش، بعد انتهاء الحرب بشهور قليلة استدعاه الرئيس محمد أنور السادات وقد علم أنه كان في الطلعة التي اُستشهد فيها أخوه عاطف السادات وسأله الرئيس السادات كيف مات أخى عاطف السادات وعندما أخبره العميد فاروق عليش بما قاله عاطف له قبل دخول دشم الطائرات والإقلاع من قراءة القرآن وتحديدا آية (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) وعندها بكى الرئيس السادات بكاء شديدا جدا وبقوة، وقال في منتهى التأثر والحزن العميق من بين دموعه (لقد كان ابني، لقد كان أغلى من أولادي، لقد كان أكثر من أخ لي).

رحم الله الشهيد الذى كانت ضربته الجوية مفتاح النصر لمصر فأحب مصر وكان سببا فى انتصار حرب أكتوبر المجيدة.