الإثنين 3 يونيو 2024

أوين جونز : إعفاء أوكرانيا من ديونها حل أسهل من التصعيد العسكري

قوات عسكرية

عرب وعالم23-3-2022 | 11:52

دار الهلال

 نشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية مقالاً تحت عنوان " إعفاء أوكرانيا من ديونها الخارجية حل أسهل من التصعيد العسكري".

و أشار المقال الذي كتبه الصحفي المرموق أوين جونز إلي أن الدولة الجريحة التي تعاني من اجتياح أراضيها من جانب القوات الروسية لن تتحمل مطالبات الجهات الدائنة لها بسداد ديونها ولكنها تحتاج إلي مساحة لالتقاط الأنفاس. ويضيف الكاتب أنه حتي قبل بداية العملية العسكرية الروسية علي الأراضي الأوكرانية، فقد كانت أوكرانيا من أفقر دول أوروبا إن لم تكن أفقرها علي الإطلاق طبقاً لمؤشرات الناتج الإجمالي العام .

والآن وبعد اندلاع المعارك علي أراضيها منذ أواخر الشهر الماضي، فقد أصبح الأمر أكثر سوءاً بعد أن دمرت الحرب اقتصادها المنهك أساساً. ويوضح الكاتب أنه منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014 ومانتج عنه من صراع في شرق أوروبا أودي بحياة آلاف من البشر، قامت أوكرانيا باقتراض حوالي 61 مليار دولار من جهات خارجية ولم تسدد حتي الآن سوي جزء بسيط منها أما المتبقي من قيمة الديون المستحقة عليها يمثل ما يزيد علي ثلث إجمالي الاقتصاد القومي. وكان من المفترض أن تسدد أوكرانيا هذا العام فقط حوالي 7.3 مليار دولار وهو ما يزيد علي مخصصات قطاع التعليم في إجمالي الموازنة العامة .

 

ويشير الكاتب إلي أن تسديد هذه المبالغ قد يكون متاحاً بالنسبة لدولة تتمتع بالأمن والسلام، أما في حالة أوكرانيا فالأمر يختلف تماما حيث أصبح الأوكرانيون الآن أكثر فقراً مما كانوا عليه إبان انهيار الاتحاد السوفيتي منذ ثلاثة عقود. ويؤكد جونز أن أوكرانيا تكبدت حتي الآن خسائر فادحة - ناتجة عن الدمار الذي لحق بها بسبب الحرب الحالية - تصل قيمتها إلي 100 مليار دولار وما زال الاقتصاد الوطني يعاني المزيد من الخسائر بسبب تدمير البنية التحتية والطرق والجسور والمستشفيات والمدارس في الوقت الذي تأتي فيه المساعدات المقدمة لها في صورة قروض وهو ما يعني أنه بدلاً من أن تخصص مبالغ طائلة لإعادة إعمار البلاد سوف توجه هذه المبالغ لسداد الديون الخارجية لكي تمتلئ جيوب الجهات الدائنة مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والجهات المانحة الأخري.

ويري البعض أن إعفاء أوكرانيا من الديون من جانب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي قد يقيد قدرة الجهتين علي تقديم مساعدات لدول أخري أكثر فقراً إلا أن هذا المنطق - كما يشير الكاتب - يمكن الرد عليه بأن هناك حلول بديلة وهي أن تقوم الدول الغنية بالمساهمة في سد هذا العجز مثلما فعلت مجموعة العشرين مع كثير من الدول حين قامت بتعليق أو إلغاء قيمة خدمة الدين المستحقة علي كثير من الدول الفقيرة بما يوازي 11 مليار دولار بسبب انتشار فيروس كورونا. ويعرب الكاتب عن دهشته متسائلاً: إذا كان انتشار وباء يعتبر سبب كافي لتأجيل أة إلغاء ديون بعض الدول أليست الحرب تعتبر أيضاً سبباً يستدعي اتخاذ نفس الإجراء.

ويعرب الكاتب عن اعتقاده أنه إذا انتهت الحرب لصالح أوكرانيا، فإن الأمر سوف يحتاج إلي وضع خطة إنقاذ عاجلة تشمل تقديم منحاً لا ترد وليست قروضاً لإعادة إعمار البلاد مشيراً إلي أن الأمر يقتضي وضع آلية عاجلة لتعليق سداد الديون المستحقة علي الدول التي تعاني من أزمات طاحنة وعلي رأس هذ الدول تأتي أوكرانيا التي تعاني بالفعل من أزمة تهدد وجودها ذاته علي الخريطة.

ويختتم الكاتب مقاله مؤكداً علي أن دولة دمرتها الحرب مثل أوكرانيا في أشد الحاجة إلي مساحة لتلتقط أنفاسها وهي المساحة التي يمكن للدول الغنية أن تمنحها لها من خلال العمل علي تخفيف عبء الديون الخارجية عليها.