الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

مقالات

«الست أم شعر أحمر»

  • 27-3-2022 | 12:10
طباعة

يا له من مشهد عظيم وإنساني باقتدار ذلك المشهد الذي جمع رب الأسرة المصرية وكبير العائلة والذي قال عن نفسة ( والله أنا ما رئيس أنا واحد منكم)، يوم الوفاء لعظيمات مصر، ويوم رد الجميل والتكريم، كان مشهدا صعب أن تشاهده وتشهد لحظات المحبة التي غلفت اليوم بالكامل، ولا تدمع عيناك من فرط المحبة التي ظهرت للعيان خلال لقاء الرئيس الإنسان وأمهات وسيدات وعظيمات مصر، فالرئيس الإنسان لا يترك فرصة إلا ويؤكد فيها على احترامه وتقديره للدور التاريخي للمرأة المصرية، لا ينسى المواطن عبد الفتاح السيسي ما قدمته وما زالت تقدمه المرأة المصرية لأسرتها أو لوطنها، ومن ثم كان التقدير الدائم والمتواصل لها ولدورها، وبعيدًا عن أنه رئيس ومسؤول إلا أنني أراه نابعا من شخص تربى وتأدب واكتسب خبراته في كنف أسرة مصرية وسطية تحترم دور المرأة وتقدره وتجله على كافة المستويات، فها هو يقبل رأس أم فقدت وحيدها، وها هو يقبل يد سيدة أحسنت في رعاية أولادها وقدمتهم فداء لأمن هذا الوطن، وها هو يمسح دموع غالية سالت من عين أم فقدت ابنها وسندها، وها هو يُقبل على الحاجة مكة السيدة الأسوانية الرائعة فتحتضنه حبًا وشكرًا وعرفانا بما قدمه وما زال يقدمه لهذا البلد الطيب وأهله البسطاء، مشاعر لا يمكن أن تكون مفتعلة أو مزيفة، مشاعر وتصرفات لا تخرج إلا من فيض محبة خالصة في الله ثم في حب هذا الوطن، كل شيء قابل للتزييف والتزوير، إلا المشاعر الصادقة فهي تنفذ خلال القلوب فتأسرها، محبة الناس كنز لا يفتح الله به إلا على من اصطفى من عباده المخلصين أنقياء القلوب، محبة الله هدية قذف الله بها في قلوب البسطاء، لرجل أخلص لله ثم أخلص لوطنه وأهله فأحبه هؤلاء البسطاء، فسكن قلوبهم مثلما سكنوا هم عقله وقلبه .

 

ولا أنسى خلال هذا اللقاء الإنساني الرائع كلمات المواطن عبد الفتاح السيسي وهو يتحدث ويؤكد على أهمية دور المرأة وكيف يجب أن تكون معاملتها وتقديرها والاعتراف بفضلها، لا أنسى عبارة (وأنت بتكلمها خلي إيدك ورا ظهرك ) الرئيس لا يتحدث محض حديث منمق بل إنه يرسم لنا نمط محترم للتعامل مع عظيمات الأمة، فإياك أن تحدثها وأنت منفعل مشيرا إليها بيداك مرهبًا إياها، وردد قول الرسول الكريم ( رفقًا بالقوارير )، ما أجمله من توجيه، وما أروعها من توصية تخرج من فم وعقل وقلب رئيس الدولة ورب الأسرة المصرية لجميع المواطنين ليسمعها الجميع ويا حبذا لو طبقوها أيضًا.

 

إلا أننا وعلى الرغم من هذا المشهد الرائع خرج علينا من يفسده، خرج علينا من يسيء للمرأة ويتعمد إهانتها ليس مرة أو اثنتان بل مرات ومرات، وصدق فيه قول من قال ( من أمن العقاب أساء الأدب )، وهنا اقصد قصة ( الست أم شعر أحمر ) ولا أعرف ما خطأ هذه السيدة الفاضلة والمربية المحترمة في أن تصبغ شعرها باللون الأحمر أو أي لون آخر، هل لون الشعر سبة وجريمة؟، هل لون شعر السيدة وزينتها سبب التنمُر بها، وإيذائها نفسيًا وحرمانها من حقوقها في دولة الحقوق والحريات وسيادة القانون؟

 

القصة يا سادة بدأت حينما دلفت سيدة إلى داخل أحد النوادي الرياضية الكبرى لتتابع أنشطة أبنائها الرياضية، وشاهدها رئيس النادي أو دعنا نقول (صاحب العزبة) فطلب من أفراد الأمن تتبع خط سيرها عبر الكاميرات، وطلب منها أفراد الأمن كارنيه العضوية، لماذا؟

 

الحق يا جدع، امسك يا جدع، حلق يا جدع على الست أم شعر أحمر!

السيدة : خير في أيه؟

الأمن : حضرتك شعرك لونه أحمر !

السيدة : وهل هذا عيب أو حرام؟

الأمن : دي تعليمات جناب الكوماندا المهم رئيس النادي!

السيدة : سمعًا وطاعة وتترك النادي في مشهد مؤسف ومذل.

وهنا ننتقل إلى المشهد الثاني من فصول المهزلة.

زوج السيدة وهو رجل فاضل ومحترم : خير يا فندم في أيه، وكارنيه زوجتي اتسحب ليه؟

الأمن : دي تعليمات جناب الكوماندا المهم .

الزوج : خير يا سعادة الكوماندا المهم في أيه؟

الكوماندا المهم : مراتك شعرها أحمر، يا تغير لون شعرها يا إما تطلقها أحسن.

مدير أمن النادي يظهر في المشهد العبثي.

مدير الأمن : ممكن أشوف كارنيه حضرتك بس أعرف جديد ولا قديم؟

الزوج : حاضر تفضل.

مدير الأمن : أنت كمان كارنيهك مسحوب وممنوع من دخول النادي!

 

إلى هنا وانتهى المشهد العبثي، بكل ما يحمل من تفاصيل مهينة لكرامة واعتبار هذه السيدة الفاضلة وزوجها المحترم وأبنائها الذين حرموا من حبهم في ممارسة الرياضة لمجرد أن أمهم (شعرها أحمر)، هل وصل بنا الحال إلى هذا المستوى من عدم احترام توجيهات وتعليمات الدستور والقانون اللذان يحضان على التمييز بناء على جنس أو دين أو معتقد سياسي أو حتى بناء على لون شعر حضرتك أيه؟

 

هل وصل بنا الحال أننا نكون على موعد مع هذا المشهد العبثي الذي تهان فيه سيدة من نساء هذا الوطن ويتم التنمُر عليها وحرمانها هي وأسرتها من حقوقها لمجرد أن لون شعرها لا يعجب جناب الكوماندا المهم صاحب العزبة؟

 

أثق بلا أدنى شك في أن هذا المشهد العبثي وغير المسئول لا يرتضيه المواطن المحترم عبد الفتاح السيسي، وأثق أيضًا أن هذا التنمُر والاستهزاء بمواطنة مصرية هو مخالف للدستور والقانون، وأثق تمام الثقة أيضًا أن هذا المشهد المؤسف لن يمر مرور الكرام وفوق مقعد النيابة العامة الموقرة نائب عام جليل يدعى حمادة الصاوي، ومعه رجال من خيرة نبت هذا الوطن، من السادة وكلاء النائب العام بإدارة البيان يرصدون كل صغيرة وكبيرة ويحققون في كل ما يمثل جريمة أو خروج على مقتضيات الدستور والقانون، وأثق أيضًا في الرياضي الخلوق الدكتور أشرف صبحي وزير الرياضة وفي أنه لن يرتضي أن تحرم تلك السيدة الفاضلة وزوجها وأبنائها من حقهم في ممارسة الرياضة لأن لون شعرها أحمر .

الاكثر قراءة