الأحد 24 نوفمبر 2024

مقالات

من آن لآخر

  • 27-3-2022 | 21:04
طباعة

الحقيقة أن مصر تمتلك مخزوناً حضارياً غير محدود.. وعمقاً ثقافياً.. وهو ما يحتاج إلى إعادة إحياء للكثير من تراثنا.. مثل بطولات وسباقات الهجن.. والخيل.. وإعادة البعث للفنون الشعبية والفلكلور المصرى.. كل ذلك يرسخ الارتباط بالهوية والشخصية المصرية.. ويفوت الفرصة على محاولات الغزو الثقافى.. خاصة أننا فى دولة تبنى الحجر والبشر.. وعلى رأس أولوياتها بناء الإنسان.. لكننا يجب أن نجتهد ونحاول ونتعب من خلال برامج لاستعادة حالة النشاط والزخم للمسارح المصرية.. ودور السينما بعد حالة الانتعاش الكبيرة فى مجال الدراما على مدار عامين.. نحتاج استغلال شهر رمضان فى إقامة الدورات الرمضانية لتحقيق العديد من الأهداف وإحياء ليالى الشهر الكريم فى كل المحافظات.. ضغوط الأزمات الدولية مثل «كورونا» والحرب «الروسية ــ الأوكرانية» تحتاج إلى أفكار وبرامج أخرى غير الاقتصادية للتخفيف عن الناس.. وتشكيل وجدانهم من خلال الفن الأصيل.. والرياضات المختلفة التى تخاطب كل المجتمعات. 
 
من سباقات الهجن والخيول والتحطيب.. إلى الفنون الشعبية والفلكلور المصرى.. والدراما الخلاقة.. وعودة المسرح..
  
 كنوز التراث.. والحفاظ على الهوية
   
من أعظم الأمور التى تتصدى للغزو والحروب الثقافية التى تستهدف اختطاف واحتلال عقول الشعوب هو إحياء التراث والمخزون الحضارى.. وإعادة البعث للقوى الناعمة وعادات وتقاليد وأصول الدول وفنونها الشعبية.. وقيمها وثوابتها وتاريخها.

محاولات احتلال العقول من خلال الغزو الثقافى الدخيل واستقطاب الشباب وفصلهم عن تاريخهم وهويتهم وثوابتهم وملامح الشخصية  المصرية هو تحد خطير فى ظل العالم المفتوح الذى لا يعرف حدوداً وتكثر فيه وسائل التواصل الحديثة نظراً لتقدم تكنولوجيا الاتصالات والإعلام الجديد لذلك من المهم أن تكون لدينا برامج واعية ومضامين فاعلة فى تحصين وحماية عقول المواطنين خاصة الشباب الذى يفتقد للخبرات، وعدم القدرة على فرز الغث من الثمين.. وخاصة فى فترات تشكيل الوجدان والشخصية.

كنت بالأمس فى المؤتمر الصحفى للإعلان عن تفاصيل بطولة وسباق الهجن العربى والدولى الذى سيقام فى مدينة شرم الشيخ... مدينة السلام التى تشهد تطوراً كبيراً.. وستكون الشهور القادمة نقلة جديدة فى المدينة العالمية التى تستضيف مؤتمر التغير المناخى العالمى «كوب ــ 27» والبطولة ترعاها إعلامياً مؤسسة دار التحرير.. وحضر المؤتمر الدكتور أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة واللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء.. لذلك استرعى اهتمامى هذا الحدث الذى يعيد بعث وإحياء تراث تاريخى مصرى وعربى وهو نقلة مهمة فى إطار الحفاظ على الشخصية والهوية المصرية وقوانا الناعمة ويجسد امتلاك مصر لتنوع المخزون والعمق الحضارى الذى يمثل ثقافات واهتمامات وهوايات وتراثا متنوعاً.

مدينة شرم الشيخ.. واحدة من أجمل وأعظم مدن العالم.. تجد فيها كل أنواع السياحة.. لذلك فإن بطولة الهجن فى ظل وجود مضمار دولى على أحدث طراز لسباقات الهجن ويجرى الآن على قدم وساق تطويره بأحدث النظم العالمية ليجذب إليه العديد من الدول العربية والأجنبية وفى القلب منها دول الخليج الشقيقة مثل السعودية والإمارات والكويت التى تعد فيها هذه السباقات والرياضة ربما تكون فى صدر اهتمامات الأشقاء العرب وقبل كرة القدم بالإضافة إلى وجود قطاع عريض من أهالينا فى مصر خاصة فى سيناء يبدون اهتماماً كبيراً بسباقات الهجن وأعتقد أن هذا النوع من السباقات والبطولات يتطور بشكل كبير خاصة الاهتمام به وحرص الكثير من الدول على المشاركة فيه.

إحياء رياضة الهجن يشير إلى أننا فى الطريق الصحيح لاستعادة جميع مكونات قوانا الناعمة التى تزيد من تأثيرنا الإقليمى والدولى إذا أضفناها إلى رصيد وافر غير محدود من مكونات القوة الناعمة المصرية.. خاصة أننا على بعد أيام قليلة من موسم درامى يتسم بالثراء والتنوع والإبداع والمواهب خلال شهر رمضان الكريم.. يتناول كل القضايا والملفات والأفكار فى إطار من احترام القيم والثوابت والأخلاق المصرية.. تعمل على تصحيح الظواهر السلبية.. ودعم مبادئ الولاء والانتماء وترسيخ رسائل مجتمعية من شأنها بناء أجيال تحتفظ بالهوية المصرية بعيداً عن مسارات الأفكار الشاذة والمستوردة وتتصدى للحملات والحروب والغزو الثقافى الذى يستهدف عقول أبنائنا وتؤكد استعادة مصر لريادتها الدرامية فى كافة الفنون.

فى اعتقادى أن إحياء رياضة سباق الهجن من خلال بطولة دولية تحرص الكثير من الدول على المشاركة فيها هو بداية طريق مهم لاستعادة رياضات وفنون ارتبطت بهذا الشعب فى إطار ترسيخ قوانا الناعمة.

يجب أن تستتبعها خطوات أخرى لإحياء سباقات الخيول والفروسية وعقد بطولات فيها بالإضافة إلى استعادة بريق الفنون الشعبية المصرية والفنون المصرية مثل التحطيب وغيرها حتى يستطيع المواطن المصرى وهو يواكب متطلبات العصر أن يكون لديه رصيد ومخزون كبير من الهوية والشخصية المصرية لمقاومة الأفكار الدخيلة والمستوردة.

استدعاء الفنون والرياضات المصرية التى عرفها المصريون واشتهروا بها.. تشير إلى الأصالة المصرية والعربية هو مشروع مهم للغاية.. يحتاج الى التفكير فى مجالات أخرى والتوسع فيها.. فيما أننا على مشارف فصل الصيف ونحتاج إلى الارتقاء بالذوق العام وتذكير الأجيال الجديدة بفنوننا الأصيلة والطرب المصرى من خلال دفع فرق الموسيقى العربية والمطربين أصحاب الأصوات والمواهب وإعادة الأغانى القديمة فى حفلات صيفية بالمصايف المصرية التى اعتاد المصريون الذهاب إليها بالإضافة إلى حفلات الفنون الشعبية.. وأين المسارح والمسرحيات التى كانت تشكل فى الماضى مورداً سياحياً يجذب إليه خاصة فى المصايف والمناطق السياحية.
مصر تمتلك رصيداً تراثياً غير محدود وغير متاح لدى دول العالم ومن هنا جاءت أهمية العمل على إحياء هذا التراث ووضعه فى أولويات بناء الشخصية المصرية وربطها بتاريخها وعاداتها وثقافاتها.. وجميعها تشكل محاور مهمة لبناء الوعى والحفاظ على الهوية وتعزز جدار الولاء والانتماء وصمام أمان ضد الغزو الثقافى.
ربما يجدر الاقتراح قبل أيام من شهر رمضان بإعادة تنظيم الدورات الرمضانية فى كرة القدم على مستوى ربوع البلاد.. وفى القلب منها قرى «حياة كريمة» لاكتشاف المواهب الكروية وفرصة للتنفيس عن الشباب واخراج طاقاتهم وهواياتهم فى شهر رمضان على أن تتبنى وزارة الشباب والرياضة هذه الدورات الرمضانية وتخصص جوائز للفائزين على مستوى الجمهورية.

الضغوط والتداعيات التى خلفتها الأزمات العالمية سواء «كورونا» ــ أو الحرب «الروسية ــ الأوكرانية» ــ تحتاج إلى برنامج وطنى فنى وإبداعى ورياضى بعد برامج الدولة الاقتصادية التى هدفها التخفيف عن المواطن والحفاظ على الاقتصاد لذلك لابد أن نضفى ونشيع أجواء البهجة والسعادة بأساليب بسيطة من خلال حفلات فنية وغنائية ومسارح تتلألأ من جديد وبطولات رياضية ودورات رمضانية وحفلات للفنون الشعبية فى كل ربوع البلاد.. فالفنون والغناء والشعبيات تبعد القلق والتوتر عن الإنسان.. وتريح العقل وتغذى  الوجدان من هنا أصبحت مثل هذه الأمور تحقق العديد من الأهداف الإيجابية سواء فى الحفاظ على الهوية أو الشخصية والتراث المصرى.. والتخفيف من وطأة الأزمات وتفريغ شحنات الضغوط وتغذى الروح.. وترسخ الجماعية والتقارب والحوار وربما نستطيع من خلالها إيصال رسائل للوعى بالتحديات وأمور حياتنا وشواغلنا ومجابهة حروب الأكاذيب والتشكيك والشائعات واختطاف العقول وإحداث الفتنة والوقيعة أو غرس ثقافات شاذة وأفكار غريبة.
الحقيقة أن بطولة الهجن التى ستجرى فى شهر مايو القادم بمدينة شرم الشيخ لها رسائل كثيرة ومهمة سواء من مكانة وقيمة شرم الشيخ كمدينة عالمية تستعد لاستضافة قمة المناخ العالمية كوب ــ 27 بحضور 120 زعيماً ورئيساً وملكاً ومسئولا دولياً.

وما تشهده من استعدادات على قدم وساق خاصة أنها ستكون مدينة صديقة للبيئة بعد إعلان اللواء خالد فودة عن اقتراب دخول 300 أتوبيس يعمل بالكهرباء.. ودخول الطاقة الشمسية لتغذى المدينة حتى فى الفنادق وإنشاء وتوسعة الطرق استعداداً لاستقبال هذا الحدث العالمى الفريد بالإضافة إلى أنها مدينة سياحية عالمية من الطراز الأول وهى قبلة العالم الباحث عن الدفء والجمال والطبيعة الخلابة لذلك فالبطولة هى عنوان لمصر الأمن والأمان والاستقرار والسلام.. وتجسيد لقدرتها على استضافة كبرى البطولات الدولية والعالمية من خلال بنية رياضية غير مسبوقة فى كافة الألعاب والرياضات وما شهدته الـ 7 سنوات الماضية من نهضة فى هذا المجال لذلك لا أتردد فى القول والسؤال لماذا مصر وهى تمتلك هذه القدرات الرياضية العظيمة والإمكانيات الهائلة لا تتقدم لاستضافة كأس العالم لكرة القدم.. و«الفيفا» تعلم جيداً أن مصر تستطيع وبامتياز أن تنظم واحدة من أعظم بطولات كأس العالم.. فكل شىء لدينا من ملاعب حديثة ومدن رياضية وملاعب تدريب وفنادق ووسائل نقل حديثة ومنتجعات وآثار عظيمة واتصالات على أعلى مستوى و100 مليون مواطن يعشقون كرة القدم.. لابد أن نتحرك فى هذا الإطار لأن استضافة كأس العالم لكرة القدم إضافة قوية للغاية لرصيدنا الكبير من الإنجازات والنجاحات واستضافتنا لبطولات عالمية فى مختلف الألعاب والبطولات العالمية.. وخلال السنوات القادمة سيكون لدينا قدرات إضافية بمجال البنية الرياضية خاصة فى العاصمة الإدارية ومصر مليئة بالملاعب الكبيرة والمدن الجميلة التى تستطيع استضافة مثل هذه البطولات العالمية.
استدعاء وإحياء التراث المصرى وإنشاء مراكز لذلك.. وإقامة ملاعب وساحات مشروع مهم للغاية.. إلى جانب مشروعات أخرى فى هذا الارتباط.. فلدينا مقولة مهمة أن الاغراق فى الأصالة.. هو الطريق الأمثل للوصول إلى العالمية.. وأن التطور والحداثة ومواكبة العصر بكل ما تحمله الكلمة من معنى لا يعنى التخلى عن التراث والجذور والهوية بل على العكس يزيدنا قوة وصلابة ووعياً وولاء وانتماء.

الإنسان عندما يترك أصوله وهويته وتراثه يتحول إلى مسخ بلا ملامح.. لذلك هناك الكثير من الفنون والرياضات نستطيع إحياءها من جديد.. ونقدمها لشبابنا والأجيال الجديدة ويجب أن نستعيد وهج ونشاط مسارحنا ودور الأوبرا فى القاهرة والإسكندرية وقصور الثقافة.. وموسم الصيف هو الوقت المناسب لتحقيق كل هذه الأهداف.. أيضاً يجب علينا أن نذهب إلى الناس.. ونطارد الفن الردىء والمبتذل.. بالفن الأصيل والذى يتسق مع تاريخنا وتفردنا وابداعاتنا وقوانا الناعمة.
إن إضافة بطولة أو رياضة الهجن للرصيد الكبير فى السياحة بمدينة شرم الشيخ هو اتجاه وتوجه محترم.. وقيمة مضافة لهذه المدينة العالمية.. ومصدر جذب جديد وفكر خلاق يستوجب التحية.

لدينا كنوز من التراث علينا إحياؤها لنستطيع من خلالها الحفاظ على هويتنا ومد جسور التواصل والارتباط بجذورنا وتاريخنا والتصدى لكل الغزوات والحروب الثقافية.. فـ«مصر- السيسى» تولى اهتماماً غير مسبوق بالبشر قبل الحجر حتى أن جل جهودها التنموية والاقتصادية هى من أجل بناء الإنسان المصرى فى دولة قوية وقادرة وحديثة.
 
تحيا مصر

أخبار الساعة

الاكثر قراءة