الجمعة 26 ابريل 2024

«مستر أند مسز سميث»

مقالات29-3-2022 | 11:40

قد تظن من مشهد صفع الممثل الأمريكي "ويل سميث" لمقدم حفل الأوسكار (كريس روك)، الذي سخر من زوجته لحلاقتها رأسها؛ في صورة قفشة ثقيلة الظل للسير على درب الفقرة الكوميدية التي يقدمها ممثل في أكثرية المهرجانات - والتي طالت مهرجاناتنا في مصر بين المبالغة والاستظراف، قد ترى ذلك المشهد تمثيلي ربما مثلما رآه البعض أو تراه ردة فعل فطرية قوية حتى وإن كانت متأخرة نسبيا من "سميث"؛ بعدما ضحك على تنمر مُقدم الحفل تجاه زوجته، وسرعان ما دخل مرحلة الاستيعاب وأقدم على صفعه، قائلاً بما معناه "زوجتي خط أحمر".

ولنا المحصلة والاستنتاجات في هذا المشهد سواء اقتنعت بواقعيته من عدمها؛ فهو مشهد عاكس للغرب المتنمر وصانع التنمر، في الوقت الذي لا يكف عن تصدير  مبادئ احترام الأجناس لبعضها، فهو أول من تشدق بالحرية الشخصية ولم يستطع تنفيذها على أرضه ولنا في حفل الأوسكار أسوة، وكلامي هذا ليس إنشائي بل نابعا من تجربة وخبرة حياتية على أرضه، فلقد شهدنا  الكثير من الكيل بمكيالين في التعامل مع المغتربين والمهاجرين على الأرض الأمريكية ودول أوروبا؛ كل حسب بلد الوافد وطبيعة سياسة حكامها تجاه الدولة المضيفة، ومن قبلهم لون بشرته، ورأينا سخرية معلنة من صاحب الأرض لأي مُجنس؛ وتنمر صريح تجاه الدين أو الهيئة أو المستوى الاجتماعي؛ على أرض الغرب الذي حذرنا ولا زال من التنمر والعنصرية!

لن أتطرق هنا بلسان الناصح الأمين لمجتمعنا؛ فلقد سبقني الكثيرون في ذكر التنمر بكافة أشكاله في مصر، بدءا من مدارسنا وأطفالنا، وحتى التنمر على الكهول في شوارعنا، أما المرأة حدث ولا حرج؛ برغم الحملات التوعوية والمناشدات الإعلامية وفتاوى علماء الدين وتفعيل القوانين لتجريم وتحريم هذا الفعل، إلا أنك ستتيقن من تفشي ظاهرة التنمر في مجتمعنا؛ إذا ما تابعت تعليقات رواد السوشيال ميديا على أي منشور سياسي أو فني أو رياضي أو حتى منشور عزاء ، ولا تخلو التعليقات من مئات السباب والسخرية والتسفيه؛ بل أكاد أقف حائرة أمام جروبات السيدات الخاصة والتي تحوي عضوات فضليات من صفوة المجتمع؛ تحتوي آرائهن على كم من التنمر والسخرية والتجريح تجاه بعض السائلات عن حلول خاصة لمشاكلهن، واستخلصت أنه لا أمل -ربما من نفسي اليائسة- من إصلاح أخلاقيات المجتمع ووأد مصطلح التنمر الذي يجري في عروقنا مجرى الدم.

ونأتي للسؤال ماذا أيها الغرب لو كان "مستر سميث" من أصل عربي؟ هل كان سيمر الموضوع مرور الكرام، ونرى عبارات استنكارية فقط لما حدث على لسان نجوم هوليوود ثم يفوز بجائزة الأوسكار في أخر الليلة وسط تصفيق الحضور، ويظهر باكياً - اقتنعت وصدقت دموعه- قائلا إن ما دفعه لفعل هذا هو حبه لـ"مسز سميث"، الحب الذي قد يجعلك تفعل المستحيل؟.

والإجابة من وحي خبرة مع الغرب ليست بالقصيرة: بالطبع لا، فالعربي عندهم متنمر وعدواني ومهمش وربما وإن أتى بفعل سميث يُتهَم آخر الاحتفالية بمشروع إرهابي في طور الاكتشاف.

الغرب ليس شفافاً؛ وهو من ابتدع العنصرية والعبودية، ولا رادع لمتنمر على أرضه إلا المُعلن عنه من أجل لقطة حضارية مُصطنعة أو إظهار أفضلية على بقية الشعوب، فالغرب أساس تعاملاته التفرقة والتنمر؛ سياسة متوارية ابتدعها وأججها في النفوس والصقها بالشعوب التي لا يرضى عنها .

 ونأتي لردود الأفعال على فعل "سميث" في مصر، حيث صفق الكثير من رجالنا له، وعدوا ردة فعله نابعة من النخوة على شريكته، وخاصة أن رأسها المحلوق كان الحل الأخير والمُؤلم لعلاج مرض "الثعلبة" الذي غزاها، وتعجبت من نسائنا، فقد خرجت الكثير من الحناجر النسائية تستنكر فعله ؛بدعوى حق الزوجة ومقدرتها في الدفاع عن نفسها، وضرورة أن يفعل مستر سميث ذلك بعد تفويض منها وطلب مباشر ! ولا أدري هل هذا الرأي من باب المساواة - المغلوطة- التي تنادي بها بعض النساء في بلادنا، أم هو اختلاف وخروج عن الرأي الشائع لإثبات الذات،- أنا أعترض إذن أنا موجود- ، وأعده  للأسف رأي ضد الطبيعة والفطرة ،ولا أملك  سوى توجيه سؤال لهن، هل لو كنتي مكان "مسز سميث" وزوجك أستمع للسخرية  والتنمر على هيئتك ثم ضحك واكتفى، ماذا ستكون ردة فعلك؟ وهل آرائكن نابعة من احتياج لمثل ردة الفعل السميثية، والتي أصبحت شحيحة في زماننا فكان استنكار الفعل وسيلة سريعة لمداراة المرجو والمأمول بداخل نفس كل أنثى؟

والإجابة: الرجولة والنخوة فطرة، مهما اختلفت الأجناس وقبلهم الحب مثلما ذكر "ويل سميث" لا تحتاج لتفويض!

Dr.Randa
Dr.Radwa