الإثنين 29 ابريل 2024

مقالات29-3-2022 | 18:50

الله يقدس روحك.. الله يرحمك.. زي الأيام دي من أربع سنين رحلت.. انتقلت إلى عالم أكثر صدقاً.

 

عرفت عمي لويس وأنا لسه طالب في كلية الإعلام.. الكلام ده كان سنة 1976.. فين؟.. مش في مجلة صباح الخير التي كان رئيسًا لتحريرها.. قابلته وكلمته لأول مرة في حياتي بمكتب البريد اللي في شارع عبدالعزيز آل سعود بحي المنيل.. رحت أعمل حوالة بريدية بجنيه ونص للكلية.. استنيت دوري لما يخلص، الأستاذ اللي واقف قدامي الشغلانة اللي جاي عشانها.. هما 5 دقائق ومتشكر جدًا مع ابتسامة عريضة وشكراً جزيلاً.

وهو ماشي بص لي وقالي معلش أخرتّك شوية.. أبدًا أبدًا يا أستاذ لويس على أقل من مهلك.. كنت طبعًا قريت في الجرائد والمجلات وشفت في التليفزيون حوارات كتير مع هذا الكاتب الصحفي المرموق.. ثم أنه كان دايمًا بيظهر في المناسبات العامة وبجواره زوجته الفنانة الرائعة سناء جميل.

قربت من الشباك، لكن رجلي اصطدمت فجأة بشيء على الأرض.. قالي موظف الشباك: مالك يا أستاذ في حاجة؟ قلت يظهر أن الأستاذ لويس نسى ياخد شنطته اللي كان سايبها على الأرض.

خرجت جري وراء الأستاذ لويس يمكن ألحقه.. وفعلا لحقته قبل ما يركب سيارته.. حضرتك نسيت شنطتك في مكتب البريد.. آه آه.. كتر ألف خيرك.. ورجع الأستاذ ياخد شنطته اللي نساها.

أي نعم كانت أول مرة أكلمه فيها لكن كنت بأشوف الأستاذ لويس كتير في حي المنيل لما كنت بأذاكر مع زملائي في الكلية محمد عبد الرحمن وأحمد رشوان رحمهما الله.. الأستاذ لويس كان ساكن في عمارة قصاد عمارة آل رشوان تجار الحبوب الكبار وأكبر مشجعي الأهلي في الزقازيق والقاهرة.. وعشان كده كتير قوي كنت بأشوفه داخل وخارج من العمارة مع مدام سناء جميل الفنانة القديرة العبقرية.

 

دي كانت أول مرة أشوف فيها الأستاذ لويس وأتكلم معاه.. تاني مرة كانت عام 1978 في صالة التحرير الصغيرة بمجلة صباح الخير.. رحت أزور صديقي في الكلية محمد هيبة.. فاكر كويس أن وقتها الأهلي كان هيلاعب الزمالك تاني يوم.. وفجأة لقيت الأستاذ لويس واقف فوق دماغنا بيقول لصديقي هيبة: فكرت ها تعمل لنا إيه بكرة في الماتش يا محمد.. هتركز على إيه؟

 

أنا طبعًا انتفضت وقمت واقف زي الحصان الرهوان.. أفضل قاعد إزاي ..ده رئيس التحرير يا إخوانا.. لكني لاحظت أن صديقي رد عليه وهو جالس.. ويبدو أن ده كان أمرا طبيعيا لأن هيبة قالي اقعد أنت وقفت ليه؟! ومع ذلك فضلت واقف!

 

لما الأستاذ شافني واقف قالي اتفضل اقعد اتفضل اقعد.. وفجأة قالي أنا شفتك قبل كده.. إنت ساكن في المنيل.. فقلت أنا اتولدت في المنيل لكن ساكن في مساكن زينهم.. فرد أصلي حاسس اني شفتك قبل كده.. فقلت: تمام.. في مكتب بريد المنيل السنة اللي قبل اللي فاتت.. رد بسرعة آه آه.. ساعة ما نسيت الشنطة.. أهلاً أهلأ تشرب إيه بقي.. ونادى الأستاذ وأتى الساعي بكوب نسكافيه معتبر.. بتاع بلاده.

 

 لما خرج الأستاذ لويس من الصالة ورجع مكتبه.. قلت لصديقي هيبة: إزاي تفضل قاعد وترد على رئيس التحرير اللي واقف علي دماغك؟! فرد محمد هيبة ضاحكاً: هو ده أسلوب العمل في صباح الخير اللي حط مؤسسها الأستاذ أحمد بهاء الدين عام 1956 شعارها "مجلة القلوب الشابة والعقول المتحررة".

 

كلاكيت ثالث مرة أشوف فيها الأستاذ لويس.. كنا راجعين بيوتنا في مدينة نصر أنا والأستاذ حلمي النمنم في سيارة دار الهلال.. وفجأة لقينا الأستاذ واقف بجوار سيارته الخاصة بجوار قسم الخليفة.. طبعاً نزلنا نشوف الأستاذ راكن ليه ..المهم، العربية دارت لما واحد ابن حلال صعب عليه وقفة الأستاذ اللي ما يعرفش مين هو ده.. ابن الحلال زود الميه في الرادياتير.. أتاريه كان فاضي خالص.. وعم لويس نسي يزوده!

 

ساعتها فضلنا واقفين معاه أنا و صديقي حلمي النمنم أكتر من نصف ساعة لغاية ما دارت العربية.. ومن باب الاطمئنان غيرنا سكتنا المعتادة وفضلنا أن نطلع وراه المقطم حيث يسكن في فيلا من ستينيات القرن الماضي.. خفنا يحصل عطل تاني.. وغيرنا سكتنا المعتادة وقلنا كل الطرق تؤدي لمدينة نصر.. حتى المقطم.

 

ودارت الأيام.. ومرت الأيام.. وأصبحت مسئولا عن تجهيز وإعداد مقالات الرأي في مجلة المصور.. إلى جانب مسؤوليتي عن القسم السياسي والبرلماني..                  ومن هنا توطدت علاقتي بالأستاذ لويس.. حيث كنت أطلب منه -من آن لآخر- مقالات خاصة عن شخصيات لامعة أو أحداث خاصة كنت أعلم وأقدر أن له معها حكايات وذكريات خاصة جدا.

 

وهنا لابد أن أعترف أن هذا القديس في محراب صاحبة الجلالة رفض بشدة أن يتقاضى أي مكافآت نظير مقالاته.. وكان يقول دائماً: كفاية يا مولانا أنكم فاكرني لحد دلوقتي!

 

كنا كالمعتاد في كل يناير نجهز ملفاً شاملاً عن أعياد الميلاد.. حوار مع قداسة البابا.. وحوارات ومقالات مع كبار رجالات الدين المسيحي إلى جانب بعض مشايخ الأزهر الشريف والشخصيات السياسية والعامة.. وطبعاً طبعًا.. كان عمنا لويس يستجيب ويرسل مقاله في الوقت المناسب جدًا وعلى المقاس تقريباً.. لم يتخلف مرة.. ولم يعتذر أبداً.

 

على المستوى الإنساني كان عمنا لويس حد لطيف.. حلو المعشر.. طيب اللسان.. لا يهوى المعارك بل يبتسم حين يقرأها وأكاد أسمعه يقول في سره: ربنا يهدي!

 

26 مارس من أربع سنوات رحل عم لويس.. شكراً صديقي الرائع كاتبنا الكبير حقاً رشاد كامل.. البوست اللي كتبته ومعه صورة تجمعك مع العم لويس خلتني أستعيد تلك الذكريات الماضوية الدافئة.. شكراً يا رشاد أن أرشدتني إلى واجب الكتابة عن عمنا كلنا عم لويس اللي عاش معانا 90 عامأ وأبدأ لن ننساه! ومن الذي ينسى الرجل الذي كان بحق رمانة الميزان داخل مؤسسة روزا اليوسف ومجلة صباح الخير.

Dr.Randa
Dr.Radwa