جرت مباحثات مصرية سودانية شهدتها القاهرة اليوم، بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، تناولت العدد من القضايا بين البلدين من بينها مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وكذلك مستجدات الأوضاع الإقليمية ذات الاهتمام منها تطورات ملف سد النهضة، حيث تم التوافق حول استمرار التشاور المكثف والتنسيق المتبادل في هذا السياق خلال الفترة المقبلة بجان الوضع في ليبيا.
وأكد سياسيون أن هذه المباحثات هي استمرار لحوار الأشقاء الذي يجمع القاهرة والخرطوم، وخاصة أن مصر تهتم بأمن واستقرار السودان والتوافق بين كل الأطراف لعبور المرحلة الانتقالية في السودان، وكذلك تعزيز التعاون مع البلد الشقيق على كافة المستويات في ظل العلاقات الاستراتيجية والتاريخية بين البلدين.
وقد أصدر الجانبان بيانًا مشتركًا اليوم عقب المباحثات، حيث استعرض الجانبان مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وأعربا عن الارتياح لمستوى التنسيق القائم بين الجانبين، مع تأكيد أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية وزيادة التبادل التجاري بما يرقى إلى مستوى الزخم القائم في العلاقات السياسية والروابط التاريخية التي تجمع الشعبين الشقيقين لوادي النيل، فضلًا عن تعظيم جهود تحقيق التكامل الزراعي والربط السككي والكهربائي بين البلدين، وتعميق التعاون المشترك على الصعيدين الأمني والعسكري، بما يسهم في تحقيق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين.
أمن واستقرار السودان
وفي هذا السياق، قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن السودان بالنسبة لمصر واحدة من دول الجوار حيث تتأثر مصر بما يحدث فيه وكذلك يهمها أمنه واستقراره، وتتابع باهتمام كل ما يحدث في السودان الشقيق وتستهدف أن يتحقق الاستقرار فيه وأن يجتاز المرحلة الانتقالية الحالية ويتحقق التوافق بين كل الأطراف هناك.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن مصر في سياستها تؤكد على تحقيق الأمن والاستقرار والوصول إلى تهدئة وتسوية بما يحقق مصالح الشعب السوداني، مشددا على أن المباحثات بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، تأتي في هذا الإطار وأهمية التوصل إلى توافق حول المستجدات الحالية والتطورات السياسية في السودان بما يحافظ على أمن السودان واستقراره ومقدراته.
وأكد أن مصر تستهدف أيضا على ألا ينجرف السودان إلى صراعات داخلية ليست في مصلحة أي طرف في السودان ولا في صالح الشعب السوداني، مشددًا على أن المباحثات تبحث أيضا أطر التعاون المشترك بين مصر والسودان وما يمكن أن يتحقق على مستوى التعاون الثنائي والعلاقات المتبادلة.
وأشار إلى أن التعاون بين القاهرة والخرطوم على المستوى الثنائي يشمل العديد من المجالات منها التعاون في مجال التنمية والبنية التحتية وتعزيز القدرات وإقامة مشروعات مصرية في السودان تستفيد منها البلدين، بجانب التعاون في مجال التعليم والمبعوثين السودانيين في مصر الذين يدرسون في الكليات المدنية والعسكرية.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن هناك تعاونًا بين البلدين على المستوى السياسي والتنسيق بين البلدين في المواقف السياسية والتحديات المشتركة مثل الإرهاب وما يواجه القارة الأفريقية وتحقيق الاستقرار، موضحًا أن هناك تبادل مستمر للآراء والمشورة بين البلدين على المستوى الثنائي والإقليمي.
علاقات عميقة وروابط تاريخية
ومن جانبه، قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن مباحثات الرئيس عبد الفتاح السيسي مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان مواصلة الحوار بين الأشقاء، في ظل العلاقات المصرية السودانية بين البلدين والتي تكتسب جذورا تاريخية فقد كان البلدان واحدا في فترة من الفترات.
وأوضح بيومي، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن السودان يعاني من مشاكل معقدة تاريخية وحالة من عدم الاستقرار، مصر كأكبر قوة في المنطقة وأكبر شعب تستطيع أن تقنع الأطراف في السودان على انتخاب حكومة موحدة والعبور بالمرحلة الانتقالية إلى بر الأمان، وتستقر الأوضاع في البلد الشقيق.
وأكد أن هناك علاقات ثنائية مصرية سودانية عميقة ومجالات تعاون وحجم التبادل التجاري بين البلدين لا بأس به، في ظل محاولات بين البلدين للاستثمارات المشتركة، حيث تعمل مصر على زيادة الاستثمارات هناك وزيادة المشروعات المشتركة ومن بينها الربط الكهربائي.
وأضاف أن الأراضي السودانية تحتاج إلى الاستثمار في زراعتها في ظل وجود فجوة غذائية التي تعاني منها كل الدول العربية، موضحًا أن القضايا والأزمات الإقليمية أيضًا محل مناقشات في المباحثات بين السيسي والبرهان، في ظل القلق المصري السوداني من تلك الأزمات، ومن بينها الأزمة الليبية كدولة جارة للبلدين.
وأشار بيومي إلى أن كل هذه القضايا محل نقاش على مائدة المباحثات بين البلدين بجانب الأوضاع في سوريا واليمن والصومال وغيرها بهدف تحقيق الاستقرار في كل البلدان المجاورة والمنطقة.